اعتدنا عندما نرغب في ركوب سيارة أجرة أن نتفاصل مع السائق حول السعر قبل الركوب. السائق الذي لا يعترض في الغالبية العظمى من الحالات على مبدأ المفاصلة لأنه الأسلوب السائد يحاول من جانبه رفع الأجرة معتمدا على خبرته بأن أول سعر سيذكره سيكون هو الأساس الذي سيبدأ منه التفاوض. الغريب أن استخدام العداد الذي لا يمكن نظاماً أن تخلو منه أي سيارة للأجرة لا يطرح أبدا في المفاصلة علما بان تكلفة الرحلة حسب العداد ستكون أعلى بكثير مما يطلبه السائق. لماذا يا ترى لا يصر السائق عليه؟ هجر استخدام العداد وعدم قبوله من الركاب وعدم إصرار السائقين عليه لا يعني إلا على شيء واحد: ارتفاع التعرفة الرسمية عن التكلفة المعقولة للراكب والمربحة للسائق. المفترض بالجهة المعنية بوضع التعرفة إجراء مراجعة دورية للتأكد من ملاءمتها للطرفين فتزيدها عندما تستدعي الحاجة وتخفضها متى ما تغيرت الظروف. تخفيض سعر الوقود مثلا من المفترض قياسا أن يتسبب في تعديل التعرفة هبوطا والعكس صحيح. لكن التعرفة منذ وضعت قبل سنوات عدة مازالت كما هي. عدم عدالة التعرفة الرسمية وسقوطها في اختبار سوق العرض والطلب يمثلان دليلا صارخا على وضعنا للقواعد ثم عدم إعادة النظر فيها. هناك، دون مبالغة، عشرات الأمثلة على وضعنا لأنظمة وقواعد نكتشف عن طريق الممارسة بعدم مناسبتها للغرض الذي وضعت من اجله إلا أنها تستمر دون تعديل. لا أدري هل السبب هو البيروقراطية المترهلة التي تجعل من عملية اتخاذ القرار ثم إنفاذه عملية مرهقة وبطيئة ام أن السبب يعود إلى أن القرار ليس بيد جهة واحدة ويحتاج إلى تضافر جهود لجان مشكلة من مختلف الجهات ذات الصلة باتخاذ أي قرار؟ إلا أن ما أدري عنه هو ضرورة المراجعة الدورية للأنظمة والتعليمات خاصة تلك التي لها مساس مباشر بحياة الناس. ما أدري عنه أيضا أن هذه المراجعة الدورية لا يمكن لها أن تكون فعالة ما لم يكن بيد من يقومون بالمراجعة الصلاحية الكاملة للتغيير والتعديل بل والإلغاء إن استلزم الأمر. قد يبدو الحديث عن تعرفة التاكسي حديثاً عن شأن يراه الكثيرون حقيراً ولا يستحق الوقت المبذول لقراءته ولا الحيز الذي يستهلكه من الصحيفة إلا انه حديث لا يخلو من العبر ومحاولة تشخيص موطن خلل نراه يوميا دون أن نشعر برمزيته وإسقاطاته.