لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    «نتفليكس» تواجه غضب السعوديين بسبب رفع الأسعار.. هل تسقط أمام المنافسين ؟    إصابة طبيب في قصف إسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    11 تطبيقاً على هاتفك.. تتجسس عليك    بروزوفيتش مهدد بالغياب أمام الاتحاد    "مركز الأرصاد" يصدر تنبيهًا من أمطار غزيرة على منطقة الباحة    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    اختبارات الدور الثاني للطلاب المكملين.. اليوم    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    رصد أول إصابة بجدري الماء في اليمن    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    آل غالب وآل دغمش يتلقون التعازي في فقيدهم    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    "ليالي المحافظات" تنطلق في شتاء جازان 2025 بألوان التراث والفلكلور    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    القِبلة    المملكة تعزز التعاون لمكافحة الفساد والجريمة واسترداد الأصول    نائب وزير التجارة تبحث تعزيز الشراكة السعودية – البريطانية    30 عاماً تحوّل الرياض إلى مركز طبي عالمي في فصل التوائم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    تأثير اللاعب الأجنبي    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    مستقبل جديد للخدمات اللوجستية.. شراكات كبرى في مؤتمر سلاسل الإمداد    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    المدى السعودي بلا مدى    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إسرائيل تستهدف قياديًا في «حزب الله»    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    أسبوع واحد نقل الحرب في أوكرانيا إلى التصعيد    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة خادم الحرمين بذلت في سبيل التيسير على ضيوف الرحمن مئات المليارات وتوسعة المسعى اقتضتها الحاجة والضرورة
علماء ومشائخ يشيدون في "ندوة الثلاثاء" بالتوسعة الجديدة:
نشر في الرياض يوم 08 - 04 - 2008

ثمَّن عدد من أعضاء هيئة كبار العلماء والمشائخ والمختصين الجهود الجبارة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في خدمة الإسلام والمسلمين ورعاية الحرمين الشريفين وانفاق مئات المليارات في سبيل التيسير على ضيوف الرحمن الذين يفدون للمشاعر المقدسة بالملايين من شتى بقاع العالم لأداء عباداتهم بكل يسر وسهولة.
وأجمع العلماء والمشائخ والدعاة في أحاديثهم ل "الرياض" على أن المشروع الضخم والهام الذي أمر به خادم الحرمين - رعاه الله - لتوسعة المسعى هو أحد هذه المشاريع العظيمة التي سيعود نفعها على عموم المسلمين من الحجاج والمعتمرين وستنعكس إيجاباً في التسهيل عليهم في أداء نسكهم في ظل التزايد المستمر في أعداد الحجاج والمعتمرين كل عام، مستشهدين في ذلك بمشروع الجمرات الذي قضى على إشكالات الزحام في الرمي وغيرها من المشاريع العظيمة التي كان لها الأثر الواضح في التيسير على المسلمين وحفظ أرواحهم.
وأكد العلماء والمشائخ في هذا الصدد على أن توسعة المسعى لم تخرج عن حدوده الشرعية اطلاقاً نافين بذلك ما يتردد لدى البعض عكس ذلك، وطمأنوا عموم المسلمين بصحة السعي في التوسعة الجديدة، موضحين أن أكثر من (30) شاهداً عدلاً كل واحد منهم لا يقل عمره عن (70) عاماً تقدموا بشهادة حول امتداد جبلي الصفا والمروة نحو الشرق بأكثر من التوسعة مما يثبت أن زيادة عرض المسعى لم تخرج عن أن تكون بين الصفا والمروة والسعي إذا كان بينهما فهو سعي صحيح باجماع أهل العلم.
وطالب المشاركون في (ندوة الثلاثاء) بالتفريق بين الفتوى الفقهية التي تنبني على الاجتهاد في فهم النصوص وتحرير الأحكام بناء على ذلك الفهم والاجتهاد وبين ما يقرره العالم أو ما يحكم به القاضي بناء على شهادة أهل الخبرة مثل تحديد مشعر من المشاعر، مؤكدين أن الشريعة الإسلامية شريعة "اليسر والسماحة" وعدم التنطع والتكلف كما قال عمر رضي الله عنه: "نهينا عن التعمق والتكلف".
وحول عدم وجود تحديد سابق للحدود الشرعية للمسعى.. أوضح العلماء أن الحاجة في ذلك الوقت لم تستدع وضع حدود شرعية ثابتة يعول عليها عند الاختلاف لقلة الناس ولعدم حاجتهم إلى ذلك، مشيرين إلى أنه لم يثبت بدليل أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حدد لأصحابه عرض المسعى، وأكدوا أن (التوسعة الجديدة للمسعى) جاءت لحاجة الناس إلى ذلك، مطالبين في هذا الصدد من كان لديه رؤية خاصة حول عرض المسعى بإعادة النظر فيما قال حتى يتبين له وجه الصواب ولا يحكم بمجرد الظن أو القياس لأن هذه المسألة من أهم مسائل الدين لأنها ترتبط بجميع المسلمين وليست رأياً خاصاً، ودعوا في هذا الإطار كل طالب علم ألا يتعصب لرأيه فإذا ظهر له خطؤه فالحق أحق أن يتبع.
@ "الرياض": بداية.. كيف تثمِّنون حرص واهتمام القيادة الرشيدة وجهودها الحثيثة في خدمة الإسلام والمسلمين والعناية بالحرمين الشريفين وزوار الأماكن المقدسة من خلال تهيئة وعمل المشاريع العملاقة التي تشهدها تلك البقاع لاستيعاب الملايين من المسلمين الذين يفدون إليها من كل بقاع العالم طوال العام؟
مئات المليارات
- الشيخ عبدالله المنيع: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فلا شك أن لحكومة خادم الحرمين الشريفين مجهودات مشكورة ومذكورة في مجالات خدمة ضيوف الرحمن وذلك بانفاق مئات المليارات من النقود في سبيل تيسير أداء الحج والعمرة من تعبيد الطرق وفتح الأنفاق وتحديد المشاعر وحمايتها عن مضايقتها بمناطق سكنية وذلك بايجاد أحمية للمشاعر، وكذلك تطوير الإقامة في منى بمخيم بذلت في سبيل تأمينه الراحة والأمن والاستقرار عشرات المليارات من النقود، وحسبك بمشروع الجمار في منى ذلك المشروع الذي قضى وسيقضي على إشكالات الازدحام في رمي الجمار، وكذلك ما يتعلق بمشروع توسعة المسعى وتوسعة ساحات الحرم وما في أفكار خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - من مخططات تكمل مسيرة الإشادة والعمارة ومتطلبات خدمة الحرمين الشريفين ومن ذلك توسعة المطاف وايجاد ساحات للحرم من الناحية الجنوبية الشرقية حيث إن الحرم من هذه الجهة مخنوق وخال من ساحات التنفيس، ولا شك أن اختيار ملوكنا للواحد منهم لقباً خادم الحرمين الشريفين يعني ملازمة الشعور بخدمة هذين الحرمين الشريفين ومتابعة الخدمة والاستهانة بما يبذل في سبيلها..
جعل الله عملهم خالصاً لوجهه الكريم وأجزل لهم الأجر والثواب.
خدمة الإسلام والمسلمين
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد دأب ولاة أمر هذه البلاد المباركة على خدمة الإسلام والمسلمين في جميع قضاياهم والاهتمام بها والدفاع عنها في المحافل الدولية كما أنهم اهتموا اهتماماً كبيراً أجزل الله مثوبتهم بتطوير المشاعر المقدسة وبناء مسجدي مكة والمدينة على أحسن طراز وتوسعتهما كلما دعت الحاجة إلى ذلك وقد انفقت الأموال الطائلة في المشاريع العملاقة الخاصة بالأماكن المقدسة ومن أبرز المشاريع الحديثة مشروع الجمرات ومشروع توسعة المسعى، جعل الله ذلك في ميزان حسناتهم.
جهود متواصلة
- الشيخ عبدالله الشثري: تقوم قيادة المملكة العربية السعودية بريادة عظيمة وجهود متواصلة لخدمة الإسلام والمسلمين ونصرة قضاياهم في كل مكان وفي العسر واليسر، والمنشط والمكره؛ لأنها تدرك مكانتها بين العالم الإسلامي حيث يوجد فيها الحرمان الشريفان افضل البقاع وأطهر الأماكن، وهي منطلق الرسالة، ومتنزل الوحي ومنها انتشرت دعوة الإسلام وعم الخير جميع ارجاء الأرض، ونالت هذه البلاد خصوصية خاصة وهي خدمة الحرمين الشريفين والعناية بضيوف الرحمان وزوار المشاعر المقدسة، ومن المعلوم ان قلوب المسلمين في كل مكان تتعلق بالحرمين محبة ورغبة وعبادة، كما قال الله تعالى: "فاجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم" ومن هذا المنطلق سعت الدولة الى الاهتمام البالغ والعناية التامة بتوسعة الحرمين الشريفين وتنفيذ المشاريع الكبيرة التي تستوعب الأعداد الغفيرة الذين يفدون اليها من كل بقاع الأرض حتى سجلت هذه التوسعة اكبر توسعة للحرمين الشريفين في تاريخ الإسلام وهي تتسع الآن للأعداد بالملايين.
@ "الرياض": ماهي وجهة نظركم الشرعية حول مشروع توسعة المسعى.. وكيف ترون انعكاساته الايجابية في التيسير والتسهيل على المسلمين من حجاج ومعتمرين خلال أدائهم لمناسكهم وحفظ ارواحهم ورفع الحرج والمشقة عنهم؟
عزمة مباركة
- الشيخ عبدالله المنيع: اما ما يتعلق بتوسعة المسعى فقد كانت الفكرة محل ملاحظة واعتراض من اكثر اعضاء هيئة كبار العلماء وكنت احد المعترضين، ولم يوافق على الفكرة حينما طرحت على هيئة كبار العلماء الاعدد قليل من الأعضاء، ولكن لولاة المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين الى عصرنا الحالي عزمات كانت تقابل بالاعتراض ويقابلها ولي الأمر بالحزم والعزم والاصرار على التنفيذ ومن ذلك عزمة ابي بكر رضي الله عنه على محاربة ما نعي الزكاة وعزمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على تحبيس اراضي سواد الرافدين وتعشيرها وعزمة صلاح الدين الأيوبي على تحرير بيت المقدس من الاحتلال الصليبي وتطهير مصر الحبيبة من افكار وعقائد الشيعة ولاشك ان عزمة خادم الحرمين - حفظه الله - على توسعة عرض المسعى بمثله عزمة مباركة من عزمات ولاة الأمور المسلمين حيث اتضح وجه الصواب وتحقق المصلحة وانتفاء الدليل عند المعارض مطلقاً. حيث تقدم اكثر من "ثلاثين" شاهداً عدلاً كل واحد منهم لا يقل عمره عن سبعين عاما وهو يشهد بامتداد جبلي الصفا والمروة نحو الشرق بأكثر من التوسعة حيث ثبت بذلك ان هذه الزيادة لعرض المسعى لا تخرج عن ان تكون بين الصفا والمروة والسعي واذا كان بين الصفا والمروة سعي صحيح باجماع اهل العلم وبدليل قول الله تعالى "ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" اي بينهما.. فحفظ الله مليكنا وادام توفيقه، ولعل عزمته الأخرى تتجه الى جبل أبي قبيس لتنزيله واضافة ساحة للحرم من الجهة الجنوبية الغربية وما ذلك على عزمات أبي متعب بعزيز.
التيسير على المسلمين
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: ان اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالتيسير على المسلمين في أداء عبادتهم لهو واضح وجلي حيث قضى على ما يعانيه الحجاج عند رمي الجمار بالمشروع العملاق الذي سينتهي قريبا ان شاء الله وكذلك توسعة المسعى بما لا يخرج عن حدوده الشرعية والواقع ان ولاة الأمر لا يقررون امرا من الأمور المتعلقة بالشرع والعبادة الا بناء على فتاوى شرعية، الا انه لا يلزمهم الا يأخذوا الا بما اتفق عليه العلماء او قال به الأكثر بل متى ما صدرت فتوى من بعض العلماء الثقات ومن عرفوا بالفقه الصحيح فإنه يسوغ لولي الأمر ان يعمل بها وهذا ما جرى في توسعة المسعى وخاصة ان هذه الفتاوى وافقت ما قرره اهل الخبرة وما شهد به العدول، وأحب ان اوضح هذا القضية من عدة وجوه.
اولا: هناك من لا يعرف التفريق بين الفتوى الفقهية التي تنبني على الاجتهاد في فهم النصوص وتحرر الأحكام بناء على ذلك الفهم والاجتهاد وبين ما يقرره العالم او ما يحكم به القاضي بناء على شهادة اهل الخبرة مثل تحديد مشعر من المشاعر فقضية السعي انما تبنى على معرفة حدود جبلي الصفا والمروة ولا يحسن بمن لا يعرف هذه الحدود ان يصدر فتوى مبنية على الظنون وما استقر في الذهن.
ثانيا: شهد عدد كبير من العدول من اهل مكة من كبار السن ان التوسعة الجديدة لم تخرج عن حدود الصفا والمروة لمعرفتهم القديمة بهذين الجبلين وكما قيل اهل مكة ادرى بشعابها وقد اثبتت شهادة بعضهم في المحكمة العامة بمكة المكرمة، كما شهد الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين بمثل تلك الشهادة ولا اعلم ان احدا من اهل مكة خالف هؤلاء الشهود في التحديد.
ثالثا: اخبرني صاحب المعالي الشيخ صالح الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف انهم حفروا في الأرض الى ان وصلوا الى اصل الصفا كما نقل عنه انهم تركوا الجبل واضحا لمن اراد مشاهدته في القبو، وهذا يتوافق مع الشهادة وربما توجد مصورات جوية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تؤكد هذا الأمر.
رابعا: ان الأمور الشرعية وأمور العبادات ثبت بالشهادة الصحيحة المنفكة عما يكذبها فليس امر تحديد مشعر بأعظم من اباحة دم مسلم في القصاص ونحوه التي تبنى على الشهادة مع ان حرمة المسلم اعظم من حرمة الكعبة كما جاء في الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
خامسا: ان من الخطأ الاعتماد على ما ليس بواضح الدلالة ويعارض به شهادة اهل الخبرة والواقع المحسوس فاللجنة التي الفها الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله لم تتعرض لتحديد الصفا ولا المروة وإنما رأت هدم بعض البيوت المقامة في بطن المسعى لتوسعة المسعى ذلك الوقت حسب ما اطلعت عليه ولم تحدد تلك اللجنة عرض المسعى من بدايته او نهايته حيث ان الفقهاء رحمهم الله لم يحددوا ذلك.
سادسا: اعدت بحوث من بعض العلماء تؤيد هذا الاتجاه ومن ضمنها بحث العلامة الشيخ عبدالرحمن المعلمي رحمه الله، وذكر بعضهم انه كان على الصفا عدة بيوت فلا يمكن ان يستوعبها عرض المسعى القديم.
سابعا: ان التوسعة التي حصلت في عهد الملك سعود - رحمه الله - قد لوحظ فيها عرض المسعى الذي يحصل به التيسير ولا يمكن ان يقبل قول من يدعي ان جداري المسعى وضعا على نهاية حدود الصفا والمروة، لأن العرض الموجود لا يختلف سعته من اي جهة ولا يتصور ان يكون عرض جبل الصفا يماثل تماما عرض المروة فلا بد ان يكون بينهما اختلاف، علما بأن البحوث ذكرت ان الصفا يمتد كثيرا الى جهة قصر الضيافة.
ثامنا: ان الصفا والمروة جبلان وليسا صخرتين فالصخرة هي التي يمكن ان يكون عرضها مناسبا لعرض المسعى القديم اما الجبل فلا يطلق الا على ماهو اوسع من ذلك كما ان الجبل له قمة وينحدر من جهاته بالتدريج ولا ينقطع كالجدار كما هو مشاهد في المسعى القديم.
تاسعا: ان الشريعة الاسلامية شريعة اليسر والسماحة وعدم التنطع والتكلف كما قال عمر رضي الله عنه (نهينا عن التعمق والتكلف) وهذه الصيغة عند المحدثين تقتضي ان الناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكلف المسلم في مثل هذا الا بما شهد به العدول بالشرط المتقدم ويتحمل الشهود الأثر المترتب على شهادتهم، ولا يتصور ان يشهد هؤلاء الشهود بما ليس لهم فيه مصلحة خاصة، ويكذبون في ذلك.
اقتضتها الحاجة
- الشيخ عبدالله الشثري: توسعة المسعى الحالية اقتضتها الحاجة والضرورة والنبي صلى الله عليه وسلم قد سعى بين الصفا والمروة وهذا ثابت من فعله في احاديث صحيحة.
ولم يثبت بدليل انه صلى الله عليه وسلم حدد لأصحابه عرض المسعى حتى لا يتجاوزوه وإنما ضبط ذلك وعرف بجبلي الصفا والمروة، وأما تحديد المسعى الحالي بحاجزين لا يدل على التحديد القطعي لعرض المسعى؛ لأن ذلك المقدار من العرض هو الذي يتسع للناس فيما مضى من زمن ولم تدع الحاجة الى زيادة في التوسعة آنداك ولكن لما زاد العدد وتحقق الضرر اقتضى الحال وضع دور علوي وأصبح وضع المسعى الحالي بدوريه يضيق بالناس، فدعت الحاجة واقتضت الضرورة الى توسعة المسعى من جهة العرض، ومن المعلوم ان الجبل ممتد داخل الأرض اكثر مما هو على سطحها ويتحمل ذلك، كما هو مقرر عند علماء طبقات الأرض، كما قال الله تعالى عن الأرض: "وجعل لها رواسي" اي داخل الأرض تثبتها لئلا تميل.
فتبين بهذا ان توسعة المسعى من جهة العرض داخلة في محيط حدود التحديد للجبلين الذين سعى بينهما النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بالسعي بينهما، وسبب اللجوء الى هذه التوسعة في المسعى كما اسلفت كثرة الزحام فيه من الحجاج والمعتمرين مما ادى الى التدافع وحصول الضرر والشريعة جاءت برفع الضرر تحقيقاً للمصلحة، ودفعاً لهذا الضرر الحاصل وتيسيراً على الناس ورفعاً للحرج وجه خادم الحرمين الشريفين بهذه التوسعة، وقد جاءت شريعة الإسلام باليسر والتيسير في كل احكامها وشرائعها، والله تعالى يقول: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
@ "الرياض": ما ردكم على من يتحفظ على مشروع توسعة المسعى ويبني على ذلك احكاماً ورؤى لاعتبارات ومبررات مختلفة كالقول ان التوسعة ستخرج عن الحدود الشرعية للمسعى او ان زيادة عرض الصفا والمروة مخالف للسنة وما الى ذلك؟
الحق أحق أن يتبع
الشيخ عبدالله المنيع: الصحيح انه يجب احترام من هو أهل للاختلاف مع غيره وفي مسائل الاجتهاد، ولا شك ان حرية الاجتهاد ممن هم أهل للاجتهاد قد أعطت الفقه الإسلامي سعة ورفع حرج وثروة فقهية اقتضاها التأهيل العلمي للاستنباط والغوص في مقاصد الشريعة وتحقيق المصالح من ادراكها ونحن نحترم اخواننا المعارضين ونؤكد على أنفسنا، ان معارضتهم مبنية على استبراء دين وعرض وذمة فجزاهم الله خيراً عل حرصهم وتقاهم، والحمد لله ان الله من علينا بدين من مسالكه الاجتهاد وان المجتهد إذا كان أهلاً للاجتهاد فاجتهد وأصاب الحق فله أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وان اخطأ فله أجر الاجتهاد وخطؤه مغفورة وفي نفس الأمر يجب على كل طالب علم الا يتعصب لرأيه فإذا ظهر له خطأه فالحق أحق ان يتبع وقد كنت أحد المعترضين على التوسعة وحينما ظهر لي ان الاعتراض مبني على ان التوسعة خارجة عن البينية بين الصفا والمروة ولما تبين لي ان الزيادة لا تخرج عن ان تكون بين الصفا والمروة رجعت عن المعارضة وظهر لي بوضوح وجلاء ان السعي في التوسعة سعي بين الصفا والمروة والحمد لله على ظهور الحق وبيانه والله الهادي إلى سواء السبيل.
الشيخ عبدالمحسن العبيكان: تضمن جوابي على السؤال الثاني الرد على من يقول هذا القول.
رؤية المخالف خاصة
الشيخ عبدالله الشثري: من يتحفظ على توسعة المسعى لم يستند في قوله على دليل واضح من فعل الرسول أو فعل الصحابة وينبغي ان ينظر في ذلك إلى ناحية تاريخية زمانية وهي: حاجة الناس إلى ذلك، ومكانية وهي: ان الجبل ممتد أصله داخل الأرض وقد شهد بامتداد الجبل أكثر مما هو عليه الآن شهود قد سجلت شهادتهم في المحكمة وإذا لم يكن ثمة دليل معارض من السنة لهذه التوسعة فتبقى رؤية المخالف خاصة حتى ولو كانت ذات مبررات واعتبارات ما لم تنهض بدليل واضح يعول عليه.
@ "الرياض": من المعلوم ان للمشاعر المقدسة (منى ومزدلفة وعرفات) حدوداً شرعية محددة ومعلومة للجميع.. ولكن هل هناك حدود شرعية للمسعى وإذا كان كذلك لماذا لم توضح لإزالة اللبس والشك الذي لا يزال لدى البعض خصوصاً في مسألة عرض المسعى؟
400متر
- الشيخ عبدالله المنيع: الاجابة عن التساؤل هل هناك حدود للمسعى كما هي الحال في حدود كل مشعر من مشاعر الحج - منى، مزدلفة، عرفة: لا شك ان الصفا والمروة من شعائر الله أن السعي الذي هو أحد شعائر الحج هو سعي بين الصفا والمروة كما قال تعالى: (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) أي بينهما، فما بين الصفا والمروة هو مكان السعي والصفا والمروة جبلان متقابلان بينهما مسافة تقارب (الأربعمائة) متر وكل واحد منهما يمتد عرضاً من الشرق إلى الغرب بامتداد محدد وموثق بصور جوية موجودة لدى أمانة العاصمة ومن ضمن متحف الحرم لدى الرئاسة العامة للحرمين.
لم توضح لعدم الحاجة إليها
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: الحدود الشرعية للمسعى هي المساحة الواقعة بين جبلي الصفا والمروة ولم توضح من قبل الفقهاء السابقين لعدم الحاجة إليها ذلك الوقت.
قلة الناس
- الشيخ عبدالله الشثري: لم تستدع الحاجة في ذلك الوقت إلى وضع حدود شرعية ثابتة يعول عليها عند الاختلاف للمسعى لقلة الناس ولعدم حاجتهم إلى ذلك ومن أجل ذلك ترك الأمر ولكن كما اسلفت سابقاً ان النص الشرعي في القرآن الكريم جاء على الصفا والمروة وهما في الغالب أوسع من مقدار العرض الموجود حالياً.
@ "الرياض": كما تعلمون أنه ليس هنالك نص شرعي من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يحصر المسعى في عرضه الحالي.. وبما ان التوسعة الجديدة المقترحة للمسعى لم تتجاوز ما بين جبلي الصفا والمروة التي يكون السعي بينهما.. ما هو ردكم على من لا يزال لديه خلاف حول التوسعة.. هل هي من المسعى أم لا؟
السعي فيها صحيح
- الشيخ عبدالله المنيع: الإجابة على القول بأنه ليس هناك نص من كتاب الله أو من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يحصر عرض المسعى في عرضه الحالي دون التوسعة.. هذا القول صحيح فلا نعرف نصاً من كتاب الله تعالى ولا من سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولا من قول صاحب أو تابعي أو إمام من أهل العلم من سلفنا الصالح حدد عرض المسعى بعرضه الحالي قبل التوسعة ولا شك ان عرضه ما كان شاملاً ما بين الجبلين الصفا والمروة وقد ثبت ثبوتاً شرعياً ان هذا هذه الزيادة في عرض المسعى لا تخرج من ان تكون بين الصفا والمروة فالسعي فيها سعي صحيح بلا اشكال ولا تردد والحمد لله رب العالمين.
صحة السعي
- الشيخ عبدالمحسن العبيكان: سبق الجواب عليه في الأجوبة السابقة.. وأنصح عموم المسلمين بأن يطمئنوا كل الاطمئنان إلى صحة سعيهم في التوسعة الجديدة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
دراسة تجلب التيسير وتدفع الضرر
- الشيخ عبدالله الشثري:مما سبق بيانه من توضيح فإن من كان لديه رؤية خاصة حول عرض المسعى أرجو أن يعيد النظر فيما قال حتى يتبين له وجه الصواب ولا يحكم بمجرد الظن أو القياس فهذه مسألة من أهم مسائل الدين لأنها ترتبط بجميع المسلمين وليست رأيا خاصا لحالة عين ويبعد ان يؤخذ الحكم في مسألة المسعى برأي عالم واحد فقط، فقد رأينا من أفتى بعدم صحة المسعى الجديد ثم تراجع عن قوله، بل ينبغي ان يكون الرأي مجتمعا من علماء بدراسة واضحة ومفصلة من جميع جوانبها تحقق المصلحة للمسلمين وتجلب لهم التيسير وتدفع عنهم الضرر.
واذا ورد الخلاف في مسألة وأخذ به بعض الفقهاء فهذا يدل دلالة واضحة على سعة في هذه المسألة وقبول الخلاف وإعذار المخالف وتحسين الظن به.
والله ولي التوفيق.
النظرة الشرعية للتوسعة
من جانبه أكد استاذ الفقه في كلية الشريعة في الجامعة الاسلامية الشيخ الدكتور عبدالله بن فهد الشريف على حرص واهتمام خادم الحرمين باقامة المشروعات التي تيسر أمر الحج والعمرة مشيرا الى أن هذا العمل الجليل سيسهم في التغلب على الازدحام ومن ذلك توسعة المسعى التي ستسهم في تخفيف العبء والزحام الذي كان يشتكي منه المسعى القديم سواء في الحج او في بعض اوقات العمرة.
واضاف د. الشريف قائلا: لقد كثر الكلام بين مؤيد ومعارض في بيان حكم ذلك حتى وصل الامر ببعض الفتاوى بالتوقف عن اداء العمرة في الفترة الحالية او بجبر النقص الواقع في المسعى ان حصل في الجديد بدم، وقد لاحظت وشعرت من نفوس المشايخ او بعض طلبة العلم التضجر والتملل من ذلك، وكان المفترض على هؤلاء ان يتسع صدرهم للاختلاف والا يقول لسان حالهم "قولي صواب لا يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ لا يحتمل الصواب" كما ان عليهم لا يثيروا بلبلة في المجتمع الاسلامي خاصة ان التوسعة ارتبطت بأمر خادم الحرمين الشريفين "والحاكم يرفع الخلاف".
ولقد ظهر لي - كما ظهر لغيري - من خلال الوقوف على آراء المشايخ حكم توسعة المسعى بأن القول بالجواز هو الأرجح لأن الذين استندوا إلى أن جبل الصفا والمروة يمتدان الى ابعد من الواقع الملاحظ في التوسعة القديمة هو المؤيد بواقع الجبال، إذ لا يعقل ان يطلق اسم "جبل" على صخرة في حدود عشرين مترا لان المعهود في الجبال انها تفرش حجارتها في باطن الارض ثم تبدأ بالتسنم خارجها، فلو فرض ان عرضه في الخارج خمسون مترا فان باطنه سيكون بمئات الأمتار وهذا ما يؤيد بحث الدكتور عويد المطرفي والشهود الذين اثبتوا الامتداد، ويؤيد هذا واقعا انه في يوم الجمعة 3/20أخبرني الأخ الدكتور توفيق بن مرعي الشريف (وهو استاذ في جامعة ام القرى بمكة ) تليفونيا بانه قد ظهر من الحفريات المعمولة الآن في التوسعة للمسعى جبل عند الصفا من جهة الشرق، وهذا يدل على ما قلنا من صحة الامتداد للصفا.
اما المروة فقد ذكر الدكتور لي بانه لا خلاف في امتدادها قد يقول قائل ان العبرة بالسعي بين الصفا والمروة هي بما ظهر من جبل الصفا والمروة خارج الأرض لا بما في خفي، فأقول ان الآية (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) (البقرة : 158) لم تقيد ذلك، فهي بعمومها تدل على أن مساحة المسعى حاصلة بين الصفا والمروة بما ظهر وبما خفي، فتبقى على عمومها، وهذا مثل من باع دارا فانه يدخل فيها ساسها بالاجماع بين العلماء حتى أن المشتري لو وجد بساسها عيبا يضر بالمبيع فانه له الرد به او أرش العيب ان رضي مع انه عند عقد البيع لم يتم ذكر لأساس المبيع، وقد ظهر ايضا ان الآية قد لا تدل قطعا على أن السعي بين الصفا والمروة لابد ان يكون بين جبلين فقط، وعليه فان امتداد المساحة المطلوبة في السعي الملاصقة لحدود تأخذ حكم السعي بين الصفا والمروة، والمفهوم الذي اراد انه لابد من استيفاء المسافة بين الجبلين لا انه تشترط ان تكون بينهما (فقط)، نعم يشترط السعي في هذا المكان وعليه فالزيادة عليه لحاجة فانها تأخذ حكم السعي بين الجبلين، وهذا القول مثل من جوز السعي في الأدوار المتكررة فانه اذا اشترط كونه بين الجبلين وجب عليه ان يمنع السعي في المكرر لأن الساعي فيه لا يسمى ساعيا بين الصفا والمروة والقول بأن السعي في هواء الشيء يأخذ حكم ذلك الشيء مردود لانه لا يقال لمن سعى في المكرر سعى بين الصفا والمروة مع ان من قال بجواز السعي حتى في المكرر العلوي في ذلك والسفلي - لو حصل - سواء.
وأخيراً فإنه لو قيل انه قد اجتهد في زمن مضى بأن المسعى القديم قد استوعب حدود الجبلين فلا يجوز نقض الاجتهاد الا بنقض قاطع، فجوابه: قد يتغير الاجتهاد فيما يقبل الاجتهاد، اذا اؤيد الاجتهاد الثاني بأدلة تدعمه او مصالح ومقاصد شرعية تؤيده والقول بانه لابد من نقض المتقدم بنص قاطع هو اجتهاد ايضا مع ان المسألة الأولى وقع فيها خلاف ايضا في استيعاب المسعى لحدود هذا ما اراه في هذه المسألة والله أعلم.
لا دليل للقائلين بالتحديد
وحول هذه المسألة يقول القاضي بالمحكمة الجزئية بالرياض الشيخ الدكتور علي بن راشد الدبيان انني اطلعت على ما اثير مؤخرا من جدل كثير حول موضوع توسعة المسعى ومدى مشروعيتها، وقد راجعت ما كتبه اهل العلم - رحمهم الله - في هذه المسألة في مختلف المذاهب الفقهية، وما حرره المحققون من الفقهاء والمحدثين في هذا الموضوع، وكذا راجعت ما كتبه المؤرخون لمكة وبيت الله الحرام والمشاعر المقدسة كالفاكهي والأزرقي والكردي وغيرهم، وتأملت اقوال القائلين بتحديد عرض المسعى بالأذرع على الفروقات في التحديد بينهم، وكذا اقوال المطلقين القائلين بعدم التحديد، كما اطلعت على القرارات الصادرة بهذا الخصوص في وقت سماحة المفتي العام للديار السعودية ورئيس قضاتها العلامة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ - رحمه الله - وقرارات اللجان المشكلة لذلك حينها، كما وقفت على تقريرات عدد من المعاصرين وبحوثهم في هذه المسألة، والتقيت بفضيلة القاضي الذي سمع اقوال المحددين للصفا والمروة في محكمة مكة وسمعت منه ما انتهى اليه من قناعة في هذه المسألة، واطلعت على ما مال اليه الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - من جواز التوسعة كما في الأجوبة النافعة، وكذا اطلعت على أقوال المشايخ المعاصرين من علمائنا الكرام المانعين من التوسعة كغالبية اعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة والمجوزين للتوسعة كالشيخ ابن جبرين وابن منيع وغيرهما كما وقفت شخصيا على المسعى بعد توسعته وكشف الصفا وعروقه والمروة بشواهدها القائمة، وفي ضوء ذلك كله تلخص لدي بعد التمحيص والنظر والمراجعة الحقائق التالية:
1- ان من المتفق عليه بين أهل العلم ان السعي الشرعي في النسك هو ما كان بين الصفا والمروة لقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم (158) البقرة: (158).
2- كما أن المتفق عليه من أهل العلم أن السعي لا يصح إلا في موضع السعي وهو الواقع بين الصفا والمروة وبدون ذلك لا يعتبر الناسك مؤديا للسعي في نسكه.
3- كما أن المتفق عليه بين الباحثين في هذه المسألة ان تحديد عرض المسعي بأذرع محددة كخمس وثلاثين ذراعا تزيد أو تنقص وهو امر حادث بعد عصر النبوة والصحابة والتابعين، ولم يقل به الجمهرة من الفقهاء المتقدمين وكثير من المتأخرين، وغاية قولهم: إن شرط صحة السعي لا يكون في موضع السعي - بين الصفا والمروة - .
4- كما ان كثيرا من المؤرخين لمكة والمشاعر يذكرون حصول هدميات وازالات كثيرة ومتعاقبة على جبلي الصفا والمروة، مما اثر في تغير معالمهما القديمة.
5- وقد تقرر شرعا عند محققي اهل العلم ان المطلقات في الشريعة لا يجوز تحديدها الا بالاستناد الى دليل، والدليل يكون شرعيا من الوحي وينزل على مورده في الحس والواقع ان انيط به، وادراك ماهية الصفا والمروة وما تنتهي اليه من جنس ذلك لربط السعي بهما، وهما قائمان في الحس والواقع.
6- وقد لاحظت ان الباحثين في ماهية الصفا والمروة وتحديد كنههما يتفقون في الجملة على أن الصفا والمروة تمتد شرقا الى ما يجاوز التوسعة الجديدة التي امر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود - ايده الله بالحق.
7- كما ظهر لي ان ظواهر الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم لا تمنع من التوسعة للمسعى ما دامت التوسعة مندرجة في مشمول ما بين الصفا والمروة وان القائلين بالتحديد لا دليل معهم كما حرره الرملي والشربيني وابن سعدي وغيرهم.
صحة التوسعة
وفي ضوء ذلك، واستنادا الى خلو المسألة من نص يقضي بالتحديد بالأذرع ونحوها، ولأن العبرة بما دل عليه الدليل الشرعي، والدليل لا ينفي صحة التوسعة الجديدة الحاصلة للمسعى، وهي مندرجة في مشمول البينية بين الصفا والمروة، ويعد السعي فيها سعيا في موضع السعي المنصوص شرعا، ولكون المسألة في التحقيق لا يعارضها معارض راجح. ومن المتقرر شرعا التوسعة على المسلمين في مواضع الحاجة، وان الامر اذا ضاق اتسع، وان لولي الأمر في مسائل الخلاف الأخذ بأحد القولين لا سيما ما كان فيه التيسير على الأمة، إذ هو المشروع لقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة: 185) وقوله سبحانه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (الحج: 78) وقوله جل ذكره: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) (المائدة: 6) وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في الصحيح: (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد الا غلبه) وقوله (بعثت بالحنيفية السمحة) وقد قرر أهل العلم ان ولي الامر اذا اخذ بأحد القولين الذي له مدرك سائغ صحيح في الشريعة فله الزام الكافة به ومنع الفتيا بخلافه كما هو معلوم في مظانه.
ولما اشير اليه: فانني أرى صحة توسعة المسعى الجديدة التي امر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود - حفظه الله - وانها مندرجة في مشمول البينية بين الصفا والمروة، وان السعي فيها صحيح مشروع، وأنها من المشاريع الجليلة المباركة التي تكتب في صحائفه - امد الله في عمره على طاعته - وهي أحد منجزات هذه الدولة السنية التي سيسجلها التاريخ بمداد من نور.
(رفع الضيق والحرج)
وبالحديث عن جهود خادم الحرمين في توسعة المسعى تحدث الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن عبدالله آل الشيخ الأستاذ بجامعة أم القرى وقال:
الحمدلله الذي وفق لإجراء عدد من التوسعات التي أجراها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - والتي استمرت في عهد الملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله.
أما عن توسعة المسعى بالذات فلعل من يقطن في مكة يدرك ويعرف ماذا كان عليه المسعى فيما سبق عبارة عن ممر حتى كانت بعض الدكاكين في داخل المسعى وكان هناك ضيق شديد ولم يكن هناك توقع أن تصبح الحاجة إلى توسعة إضافية لأن قبل التوسعة السابقة كان عرض المسعى تقريباً في حدود من 9إلى 11متراً حتى الغطاء الآن أزيل في التوسعة الذي كان على سوق شمال الحرم هو كان غطاء على نفس المسعى وعندما وسع المسعى في التوسعة الأولى وكان فقط في الدور الأول كان يقال هذا المسعى كبيراً جداً، وهذا يتحمل أضعاف ما كان عليه العدد، بفضل الله ونتيجة توفر أسباب الأمن وتيسر كل الأمور التي يحس به كل من أتى من الحجاج والزوار وحجاج بيت الله الحرام، لهذا البلد الأمين مع الرخاء الاقتصادي وسهولة وسائل الاتصالات والمواصلات أصبح بالطبع مئات الآلاف، بل الملايين يؤدون العمرة والحج سنوياً كما يعلم كل من يشاهد الوضع (المسعى) لم يعد يحتمل إلا الطابق الأسفل ولا الدور الثاني ولا السطح في هذه الأعداد الكبيرة وبفضل الله تعالى فالدين يسر.
وأضاف ان حدود جبل الصفا والمروة وإن لم أكن من المتقدمين في العمر لكن في صغري كنت أرى جبل الصفا ممتداً تقريباً إلى جبل أبو قبيس ونفس جبل المروة كانت هناك بعض الأسواق التجارية التي في المسعى يتصل بها جبل المروة والحمدلله كون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يشعر بأهمية رفع الضيق ورفع الحرج والتيسير وسهولة أداء النسك بما شرع الله ويأمر حفظه الله بهذه التوسعة ليست غريبة والحمدلله. وهذا امتداد لجميع المشاريع التي تخدم حجاج بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة في بيت الله الحرام والمدينة المنورة وفي كل مكان ولله الفضل.
(الرأي الفقهي)
وعن الرأي الفقهي في ذلك قال ان من الامور الفقهية التي فيها خلاف وهذا رحمة وهذا من زمان ليس جديداً. وأنا أعرف بعض القضايا عرضت على هيئة كبار العلماء، فيما سبق يكون فيها فقط البعض يرى أمراً معيناً والبقية يخالفونه وولي الأمر يأخذ برؤية هذا العالم لأنه يجدها تتناسب مع المصلحة العامة، والحمدلله ما دام هناك من أفتى بهذا الأمر فالمفروض ان يؤخذ بهذه الفتوى كما يرى المصلحة ولي الأمر فتغليب المصلحة مهم في هذا الجانب ضمن ضوابط شرعية - ولم نعرف دليلاً شرعياً يحرم توسعة المسعى على ماهو عليه إلا ما بين الصفا والمروة ما ينطبق على ان هذا صفا وما ينطبق على أن هذا مروة يجب الأخذ به.
ومع هذا أنا من المؤيدين لرأي القائلين بالتوسعة وجواز ذلك ومع العلماء الذين رأوا أن حدود الصفا والمروة أوسع مما هي عليه أنني أعتقد أنها بجانب الطواف.
(التوسعة لن تمس الأصل)
واستعرض الشيخ عبدالكريم السعيد من المحكمة الكبرى بالمدينة المنورة من جانبه الجدل الفقهي الدائر بخصوص توسعة المسعى مؤكداً ان هذا الجدل عكس سماحة هذا الدين وسعته لاستيعاب كل ما من شأنه تحقيق الغاية من هذه الشعيرة العظيمة.
قبل الاسترسال والغوص في هذه المسألة البالغة الأهمية لابد من إيراد قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغ صنعاء" والقصة والعهدة على الراوي انه إبان خلافة أبي بكر الصديق أو خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما دعت الضرورة إلى إجراء توسعة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فاستفسر بعض الصحابة عن هذا الامتداد الجديد هل يعتبر جزءاً من المسجد الأصلي أم لا؟ فكانت إجابة عمر رضي الله عنه "هو مسجد الرسول وإن بلغ صنعاء".
أسوق هذه القصة لأدلل على أن الضرورة أباحت المحظور، في بعض الأحيان (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) (المائدة: 3).
فعملية توسعة المسعى، استوجبتها ضرورة وهي أن المسعى ضاق بما رحب، فأعداد الساعين أكبر بكثير من طاقة المسعى، فلم لا يوسع ليتسع لاستيعابهم، وقد يخشى بعضهم من أن التوسعة قد تغير في جغرافية المسعى، فلتكن التوسعة بإضافة طابق علوي للمسعى، كما حدث في الطواف ببيت الله الحرام. وعملية السعي يمكن أن تتم وتكمل على صورتها المرجوة من عل، هذا بالإضافة إلى أن التقدم الكبير الذي حدث في جمال البناء والعمران بكافة أشكاله جعل من السهل إحداث التغيير دون المساس بقدسية المكان وجغرافيته، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
يقول الحق جل وعلا في محكم التنزيل: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أواعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) (158) البقرة.
فالصفا والمروة هما الجبلان المعروفان والتي تعود قدسيتهما إلى قصة السيدة هاجر زوجة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام مع ابنها إسماعيل والقصة معروفة للجميع.
فعملية التوسعة لن تمس الأصل وهما الجبلان ولن تزحزحهما عن أماكنهما، فالتوسعة ستكون في المسعى وهناك سعة وقد تكون سيدتنا هاجر نفسها قد اختلف مسارها في انتقالها من الصفا إلى المروة، إذ ليس ثمة تحديد دقيق لهذا المسار، فالاتساع على الجانبين الايمن والايسر فيه سعة فمن ارتاب في ذلك فليكن الاتساع كما ذكرنا بإضافة طابق آخر مواز للمسعى وهناك متسع ثالث ورابع دون مساس بجغرافية المكان وأداء الشعيرة.
الحج عبادة مكانية، تختلف عن بقية الأماكن في هذه الصفة وكلمة (عبادة مكانية) تعني ارتباطها بمكان محدد وهي مكة المكرمة و المناسك المختلفة بها، و"المكان" تحديد جغرافي له سعته وقد تضيق هذه السعة بما تستوعبه تبعاً لزيادة المستوعب "بفتح العين" وهذا ما حدث في الطواف وفي رمي الجمرات وقد يحدث مستقبلاً في "منسك عرفات" ويضيق المكان بالواقفين، إنها طبيعة المكان يضيق ويرحب، فلا بأس إذن في التوسعة الآمنة التي لا تمس أصول الشعيرة وقدسية المنسك وأصوله. في الجانب الآخر إذا سلمنا جدلاً بعدم شرعية التوسعة، وكما هو معلوم فعملية السعي تستغرق وقتاً بالنسبة للفرد العادي السليم المعافى بدنياً فما بالك بالمسنين والعاجزين وأصحاب العاهات، وهناك الملايين من الحجاج والعمار والأعداد في تزايد عاماً بعد عام، فلابد إذن من حل لحفظ هذا الوقف والتخفيف عن هذه الجموع الهادرة حتى يتسنى لها أداء هذه الشعيرة في يسر ودونما مشقة.
إن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والأماكن واجبة الأداء لتمام الحج، والملاحظ في الآية الكريمة (إن الصفا والمروة من شعائر الله (158)) البقرة. فالشعيرة هنا حددت في "الصفا والمروة" وهما ثابتان لم يتغيرا ولم يتزحزحا من أماكنهما، فالتغير قد يطرأ على صورة المسعى وجغرافيته اتساعاً ناحيتي اليمين واليسار والتطوف بالجبلين قائم في كل الأحوال كما ذكرت الآية الكريمة (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما (158)) البقرة. فالدين يسر "ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" كما قال سيدنا ونبينا صلى الله عليه وسلم. فالتوسعة حدثت في كثير من مقدساتنا بما يخدم صالح المسلمين ولا يؤثر في قدسية المكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.