جددت بنوك مركزية خليجية موقفها الرافض لتغيير ارتباط عملتها بالدولار، لكن هذه البنوك تحدثت هذه المرة بلغة جديدة بعد أن قالت انها متمسكة بقوة بالدفاع عن الارتباط، في إشارة إلى أن الحكومات الخليجية لا تزال ترى أن ضعف الدولار يعتبر "ظاهرة مؤقتة". ولأكثر من مرة، شددتّ دول مجلس التعاون الخليجي على عدم وجود نوايا لديها لإعادة تقييم عملاتها المربوطة بالدولار، وأنها ملتزمة بأسعار صرف عملاتها خلال مرحلة الاستعداد للوحدة النقدية. وأدى التراجع المتزايد لسعر صرف الدولار والقرارات المتلاحقة من المصرف الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة إلى زيادة نسب التضخم في دول الخليج بصورة مخيفة وانخفاض القيمة الحقيقية للعملات الخليجية، في حين تسيطر هالة من الشك حول القرارات الخليجية المنتظر اتخاذها لمعالجة مأزق التضخم وتراجع سعر العملات. وقال حمود بن سنجور الزدجالي رئيس البنك المركزي العماني أمس، انه لا توجد خطط لدى سلطنة عمان لتغيير ارتباط عملتها الريال بالدولار، مضيفاً: "بالنسبة لاقتصاد صغير مثل عمان يعتبر الدولار الامريكي اقوى مصدر للاستقرار لترويج التجارة والاستثمار والبنك المركزي العماني سيواصل الارتباط الحالي بالدولار". وشددّ على ان الدولار يلعب دورا أساسيا في استقرار سعر الصرف وان البنك المركزي العماني متمسك بقوة بالدفاع عن الارتباط. فيما قال سلطان ناصر السويدي محافظ البنك المركزي الإماراتي ان الامارات ليست لديها خطط لإلغاء ارتباط عملتها بالدولار او رفع قيمتها، مؤكداً انه لن يكون هناك رفع لقيمة العملة ولا الغاء للارتباط بالدولار. وانه لا ينبغي بناء قرار نقدي طويل الاجل على هذه الظاهرة المؤقتة. ويعقد وزراء المالية الخليجيون في الثامن من شهر مايو المقبل اجتماعا في قطر يناقشون فيه جدول اعمال مليء بالعديد من القضايا الاقتصادية يتصدرها مشروع الوحدة النقدية والعملة المشتركة، كما يعقد محافظو البنوك المركزية في يونيو اجتماعا آخر قد يخصص لبحث امكانية اعتماد العملة المشتركة في الموعد المحدد في 2010والجدول الزمني للمشروع. وكان عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي قد أكد في اجتماع لمحافظي البنوك المركزية في العاصمة القطرية الدوحة، أن العديد من دول المجلس مصمم على الوفاء بهدف إطلاق عملة موحدة بحلول 2010.وهنا قال حمود بن سنجور الزدجالي رئيس البنك المركزي العماني ان عمان لن تنضم إلى الدول العربية الأخرى في الخليج في الوحدة النقدية المقرر حاليا انجازها بحلول عام 2010، وكانت سلطنة عمان اعلنت انسحابها من مشروع العملة المشتركة، مؤكدة انها لن تتمكن من الالتزام بسلسلة المتطلبات والمعايير. في المقابل، عبر سلطان ناصر السويدي محافظ البنك المركزي الإماراتي في تصريحات أطلقها أمس عن ثقته في ان الوحدة النقدية ما زال من الممكن ان تمضي قدما في دول الخليج العربية نحو الموعد المستهدف في 2010رغم الشكوك الواسعة. وقال ان تحقيق الوحدة النقدية بين دول الخليج العربية هدف استراتيجي وان كل القرارات ذات الصلة ستتخذها هذه الدول بصورة جماعية، مضيفاً ان اجتماع محافظي البنوك المركزية الخليجية في الدوحة الذي عقد أمس الأول اكد الحاجة للمضي قدما في تنفيذ الوحدة النقدية في موعدها بحلول 2010.وفي هذا السياق، قال مصدر خليجي رفيع المستوى ان وزراء المالية الخليجيون سيعقدون في الثامن من شهر مايو المقبل اجتماعا في قطر لمناقشة العديد من القضايا الاقتصادية أبرزها مشروع الوحدة النقدية والعملة المشتركة. وأكد المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ردا على سؤال ل"الرياض" حول ما اذا كان وزراء المالية سيتخذون أي تدابير حول الارتباط بالدولار موضوع فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار لن يكون على جدول الأعمال. إلا أنه قال انه من غير المستبعد ان يبحث وزراء المالية في الضغوط المتزايدة التي يواجهونها لفك ارتباط عملاتهم بالدولار او لإعادة تقييمها نظرا إلى ضعف الدولار الذي يؤجج التضخم ويقضم العائدات النفطية، إلا أنه اعتبر أن التأكيدات المتزايدة لبعض المسؤولين الخليجيين حول عدم وجود نية لفك الارتباط بالدولار تعتبر بمثابة الإشارة القوية على أن دول الخليج متفقة بالإجماع على ضرورة استمرار ربط عملاتها بالدولار. وأضاف "دول الخليج لن تتخلى فيما يبدو عن ربط عملاتها بالدولار.. لكنها قد تبحث في سبل أخرى تقيها مخاطر التضخم الذي وصل إلى معدلات مقلقة في كثير من الدول الخليجية". وكانت السعودية قد استبعدت فك ارتباط عملتها بالدولار بعدما دعت الإمارات -الأكثر تضررا- من الارتباط بالعملة الخليجية إلى إصلاحات في نظام الصرف بالمنطقة، حيث قال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أكثر من مرة "إن المملكة لن تفك ارتباط الريال بالدولار". ويذكر أن السعودية -وهي أكبر مصدر عالمي للنفط- تعتبر الارتباط بالدولار إيجابيا لاقتصادها أكثر مما هو سلبي، لتسعيرها صادارتها بالعملة الأمريكية. وكانت الإمارات طلبت من جيرانها قبل نحو شهرين التحرك لوقف تأثيرات انهيار الدولار على اقتصاديات المنطقة". وحول مشروع الوحدة النقدية والعملة المشتركة، قال المصدر الذي كان يتحدث ل"الرياض" هاتفياً، أن محافظي البنوك المركزية سيعقدون إجتماعاً آخر في الدوحة في شهر يونيو المقبل، مبيناً أن هذا الاجتماع قد يشهد الاتفاق بشكل نهائي على الجدول الزمني واعتماد العملة المشتركة في الموعد المحدد.. ويعتبر مشروع إطلاق العملة الخليجية الموحدة بحلول عام 2010أحد أبرز الأسباب التي تدفع الدول الخليجية إلى التريث حيال فك الارتباط بالدولار، نظرا إلى أنها اتفقت على إبقاء الربط لتسهيل عملية التوحيد. وخلال الفترة الماضية ترددت أنباء قوية أن دول الخليج تدرس مدى إمكانية رفع قيمة عملاتها المربوطة بالدولار أو الإبقاء على الأسعار الحالية أيهما أجدى، وأنها بدأت في إجراء محادثات للوصول إلى اتفاق جماعي في هذا الخصوص. وبحسب مسؤولين خليجيين، فإن هذه المباحثات تدور بشكل سري للغاية خوفا من التأثير على الأسواق، وأن دول التعاون بدأت منذ فترة وعلى مستوى وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية النظر في إمكانية تعديل سعر الصرف أو الإبقاء على السعر الجاري.