.. ولما جاء الصباح على حين غرة، ولم يكن قد مضى من الليل إلا قليلاً، قامت (الشاطرة) إلى مغزلها تصفف خيوطه.. تسلل النور إلى عيون (النائم الحالم) فقال: - "هلي الجدايل.. ظلليني عن الشمس!.. - قم يا طفلي الكبير.. وتأمل بديع صنع الله في الكون.. - ونعم بالله.. أن كل يوم أشوف صنع الله فيكي..! لكنك قومتينا بدري الله يهديكي.. مادي على الشغل.. فكينا من هذا (المغزل)! ابتهجت خيوط الذهب.. ورقصت على أصابعها.. وخايلت عيون (النائم الحالم).. فتمطع تمطيعة محترمة: - يعني (ماكو فكة)؟! - "ماكو.. ماكو ماكو.. ماكو فكة"! - طيب فين الشاهي؟! - هااادا الشاهي.. - وفين (الكيك).. - يجيك الكيك.. ولما نفدت العلل والأعذار، نهض وقال على طريقة (ناصر القصبي): الله.. يخارجنا! (الشاطرة) وحدها، تعرف كيف تشعل حماس الطفل الكبير.. أخذ رشفة من الشاهي المنعنش فانتعش.. وأجال النظر في عالم جديد كأنه يراه أول مرة.. ربما كانت هذه هي لحظة الميلاد.. لا بأس.. أحياناً (نولد كباراً)! هش.. وبش.. وانتعش.. وردد: يا حرش يا مرش.. وضحكة كما لم يضحك من قبل! تأملت طفلها الكبير الذي تتجمع فيه الفصول الأربعة في وقت واحد..! قرأ عيونها من الجلدة للجلدة.. تنهّد وابتسم: - "قالت من إنت وقلت.. مجموعة إنسان.. من كل ضد وضد.. تلقين فيني".! - يعني (كوكتيل).. - "فيني نهار وليل وأفراح وأحزان.. أضحك ودمعي حاير وسط عيني"! - ابتهج.. فأنت (مثلك لا تليق به المواجع).. اطعم ما في الحياة أن نتذوق لغة الآخرين.. - "يا ااما.. رددت الأغاني في غيابك"! - والله ما جابتك ورا إلا الأغاني..! - "يا كل الحاضر والماضي يا عمر العمر هل تسمع صوتي القااادم.. القادم من اعماق البحر"؟! - هُسء.. خلي البحر هادي.. لا تهيجه علينا يا عبادي.! - أصل البحر ماله صبر.. واتبدل الما بالحبر.. وكل الحبر لما انتثر.. جاني على ثوبي.. "لو أني اعرف أن البحر عميق جداً ما أبحرت.. لو أني أعرف خاتمتي.. ما كنت بدأت"! - مالك ومال البحر.. أنت بحري أنا.. أنت البحر وأنا القطرة.. أنت الشجر وأنا الزهرة.. وابتسم وقال: - طيب صبي الشاهي.. - حاضر.. وهااادا الشاهي.. - لا تحطي سكر.. قلبيه باصباعك.. وضحكت.. وضحك.. وضحكا.. كما لم يضحكا من قبل.. إذا فاتك أن تضحك في لحظة الميلاد.. فاولد من جديد!