* بالرغم من أن هناك من يريد تذويب الجمال في العرف الرومانسي محاولاً إضفاء صفة السواد عليه كغلالة مصطنعة مصاحبة له.. حيث يصفون شعراء الجمال بأنهم مهزومون أمام مواجهة الحياة الواقعية. فإنه إلى الوقت الحالي لم يستطع أحد أن يثبت ذلك.. إلا من خلال مقالات خيالية وخالية من التوثيق العلمي، فهي مجرد تخرصات تعتمل في النفوس تدور في خانة الافتراضية، إذ العكس هو ما يحدث كما هو في حال شعراء المهجر الشمالي (= الرابطة القلمية)، فالشاعر ايليا أبو ماضي المتفائل دائماً بالرغم من معاناة الغربة وما صاحبها من تعب وتشرد ينظر بالعين الواعية والمستوعبة لما حواليه في الكون من جمال: والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً ثم يوسع إطار التفاؤل: فتمتع بالصبح ما دمت فيه لا تخف أن يزول حتى يزولا وإذا ما أظل رأسك هم فاترك البحث فيه كيلاً يطولا وهناك شعراء كثر كانوا يولون اهتمامهم بالمنظور الجمالي في الشعر من خلال العناية بالمستوى الجميل مثل علي محمود طه، كامل الشناوي، إبراهيم ناجي، أحمد فتحي، سعيد عقل، بشارة الخوري، أحمد رامي وأمين نخلة ، طاهر زمخشري، أحمد زكي أبو شادي، أبو القاسم الشابي، وكثير ممن يماثلهم في العالم العربي يطربون ويتفننون في التصوير الجمالي عندما يشعرون، وتمتد هذه الأحاسيس عندهم على مستويات مختلفة تجسدها مقدراتهم وأصواتهم الراسخة في أرضية الجمال بتفاعلها معه، حتى لو كان ذلك في أناشيد أو تنوعات شكلية من الفن الشعري تبعاً لاتساع الحياة التي فرضت التطور الشعري عبر اتساع إطاره المستوعب للمتغيرات الحياتية حيث اتسعت معها مدارك الإنسان واستزاد من الإضافات الجمالية على عالمه الشعري. وربما في مراجعة بسيطة لمسيرة الشعر العربي منذ بداية الإحياء عند محمود البارودي مروراً بأحمد شوقي، وحافظ، وخليل مطران ثم عبدالرحمن شكري، وعباس العقاد، وابراهيم المازني (= الديوان) إلى من ذكرت بقيادة أحمد زكي أبو شادي (= أبوللو) إلى الوصول إلى نازك الملائكة، وبدر السياب، وصالح عبدالصبور، وأحمد حجازي ثم في محمود درويش وعفيفي مطر ومن الجيل الحديث الذي يعنى بالجمالية في محاسبة النص جمالياً دون إغفال الموضوع.. حيث يبقى الجمال من أهم العناصر التي تعطي الإشارة الحقيقية للشاعر بأن يسير مستمراً وأن يقطع المسافات المتوالية ملاحقاً للتطور دون خلل في التوازن مبتعداً عن إسقاط التعميمات والتشنجات ومحاولة الدوران المغلق في أخيلة باردة باهتة، ورؤى مغلفة بالانغلاق.