في الحلقة الماضية من برنامج "كلام نواعم" على قناة mbc كشفت الممثلة السورية مرح جبر عن تعلقها بالأديب البرازيلي الشهير باولو كويلو وبرواياته الشعبية التي تعبق بالحكمة والروحانية، وقد خصت روايته ما قبل الأخيرة "ساحرة بورتوبيلو" بالإعجاب لأنها ترى فيها وصفاً دقيقاً لحقيقة عالمنا المعاصر المصاب باليأس والذي يبحث عن وجه أنثوي يمنح الحياة معناها الجميل. إن حديث مرح جبر عن صاحب "الخيميائي" و"الزهير" بهذا الحماس وبهذا الفهم العميق يقودنا إلى مسألة رددناها كثيراً حتى أصابنا وأصاب القراء الملل وهي مسألة "الثقافة".. ثقافة الممثل - المخرج - المنتج ودورها المهم في صناعة أعمال ذات جودة وتميز، هذه الثقافة تمنح الممثل في أضعف الأحوال وعياً نقدياً يجعله يميز الطيب من الخبيث من السيناريوهات المقدمة له، إضافة إلى أنها ارتقاء بالذوق ومن يملك ذوقاً سليماً لاشك أنه لن يقبل السوء ولن يتصالح معه. عشق مرح جبر للرواية ليس حالة شاذة في الوسط الدرامي السوري لأن أغلب الفنانين السوريين سواء أكانوا ممثلين أم منتجين أم مخرجين هم على علاقة جيدة بالأدب، فهذا النجم بسام كوسا لا يخفي إعجابه بجنون العبقري ديستوفسكي، وجمال سليمان يتحدث دوماً بإجلال وتوقير عن غابرييل غارسيا ماركيز، أما غسان مسعود فيدهشك بعمق قراءاته في المسرح العربي والعالمي. وحديث هؤلاء ليس حديث المصطنع مدعي الثقافة بل حديث المحب العاشق والغارق حتى أخمص قدميه في خيالات المبدعين وعوالمهم الساحرة، ومن شاهد عينا مرح جبر وهي تشع بالإعجاب لحظة حديثها عن كويلو يدرك أنها صادقة في مشاعرها وأنها متعلقة بالأدب شغوفة به حقيقةً لا ادعاء. كل هذا يقودنا من جديد لتأمل حال نجوم الدراما الخليجية الذين لا يعبرون في لقاءاتهم ولا في مسلسلاتهم ما يوحي بأنهم قرأوا في يوم ما، في غفلة من الزمان، رواية ما، أي رواية حتى لو كانت رواية سطحية تافهة. ولعل هذا هو السبب الذي يفسر الفرق الكبير الذي يفصل بين الدراما السورية المتفوقة وبين دراما الخليج التي امتلأت بكل شيء إلا الفن.