أثارت حزني وتأملي تلك الاحصائية التي أوردها ملتقى المرأة السعودية بين الاقتصاد والواقع الاجتماعي في المنطقة الشرقية مؤخراً حيث أكدت أن البطالة ارتفعت من 21% إلى 26% خلال أربعة أعوام فقط فاردت أن أؤكد هذه الاحصائية لما لها الأهمية البالغة في التأثير على واقع المرأة السعودية في بناء المستقبل وتطويره وتنمية أجياله فلقد ضيق عمل المرأة إلى أقصى حد وارتفعت البطالة بينهن وأصبحن خريجات جامعات ومعاهد وكليات ولا يجدن قطاعات أو مؤسسات تلائمهن أما أزمة عمل المرأة تكمن في جانبين هما حصر العمل المحترم على قطاعات التعليم فقط، ثانياً العقلية الجامدة لبعض فئات المجتمع واحتقار عملها والاستخفاف به حيث يهتم بتعليمها لا باعتبارها إنسانة لها حقوقها الكاملة في الوصول إلى الذروة التي تريدها وانما لاعدادها لمواجهة حياة أصعب ومجتمع متوحش ونفوس لا ترحم، حيث كونت هذه العقلية مدخلاً لاستعباد المرأة ولاستسلامها لا اقدارها فلا يمكن أن تكون العبودية مصدراً للفضيلة أو مدرسة لتربية النفوس على الأخلاق الكريمة إلا إذا صح ان يكون الظلام مصدراً للنور والعدم سلما إلى الوجود، فلا بد أن نترك النظرة البدائية الأولى والتي لم ينزل الله بها من سلطان والتي بدورها تقيد عمل المرأة من تحقيق طموحاتها وأحلامها والارتقاء بها وتنميتها وادراك دورها الفعال في المجالات التربوية والاجتماعية والتقنية والدينية والموازنة بين عملها كمربية أجيال وكأداة نافعة لمجتمعها فإننا لا نريد أن يكون عملها مصدراً إلى تمزيق حجاب العفة المسبل عليها ولا نريدها أن تهيم في مجتمعات الرجال وأنديتهم أو تكون على الجانب الآخر جارية مستعبدة وتملك عليها الهيمنة كل مادة من مواد حياتها ويؤخذ عليها كل طريق حتى طريق التفكير والنظر وانما ليكون لأعلى حد ممكن، وأننا لا ننكر أن هناك أعمالا حصرت للمرأة رغم أهميتها ولكنها لن تطور من واقعها المعاصر شيئا مهما كرست جهدها وطاقتها لذلك، وما اثار هذا الموضوع هو ما قرأت لمذكرات فتاة مهمومة في العشرين حيث كتبت (ماذا أصاب العالم وماذا دهاه هنا نقطة الرجوع إلى الوراء هنا تحول الواقع إلى مرارة تعتلج في الصدر لماذا مكتوب على تلك الشابة أن تعايش الألم وهي في بداية حياتها؟ لماذا يزج بها إلى غياهب الغرف المظلمة بين الجدران لا ترى أحدا ولا تسمع صوتاً لا لشيء إلا لأنها فتاة تحلم أن تصبح عالمة؟ لماذا تحبس تلك العصافير الجميلة وتأمر أن تغرد في دنيا الظلام والجهل، في عالم لم يرحمها ولم يقدر طموحاتها! لماذا تهتز الأحلام أمام طغيان البشر! ما هو العار الذي لحق بها وما هو الذنب الذي جنته كونها تحلم مثل كل الفتيات! إنها لا تريد شيئاً الآن لأنها لا تريد بعد الموت حياة ولا بعد العدم وجود تريد فقط أن تتخلص من تلك الأحلام البريئة لتعيش حياة الوحدة والجهل والتخلف مثلها مثل فتيات مجتمعها ومثل ما يريده المجتمع ويرتضيه لها!