مع انبلاج الصبح هنا في هولتفيل بكاليفورنيا والتي تسمى عاصمة الجزر في العالم تخط الأفق غيوم بلون ارجواني فاتح ويثقل الهواء برائحة السماد العضوي. يستقل خوسيه رومو شاحنة صغيرة وهو يحمل في يده كوب قهوة ساخنة يتصاعد منه البخار لطرد برد الصباح ليبدأ سباقه اليومي مع الماء. يُسرع رومو على طول طرق متربة بين حقول الخس والبصل التي يمكن أن تكون صحراء جرداء لولا 1600ميل من القنوات والجداول الصناعية التي تتقاطع في وادي إمبريال والذي يعتبر من بين أكبر أنظمة الري في البلاد. يَتوّقف رومو لقياس مستوى الماء في قناته. مستوى الماء يسجل ارتفاعاً ولكنه ما زال تحت لطخة على جدار القناة الخرساني تشكل نقطة القياس بالنسبة لرومو. في بضع دقائق سيصل الماء إلى مستوى اللطخة مما يعني وجود ضغط كاف لرومو لتحريك رافعة معدنية صدئة لفتح بوابة خشبية. قال رومو وهو يدير مقبض الرافعة "يمكن ان تفقد أصبعاً إن لم تأخذ حذرك". ومع صوت عال تندفع كتلة من الماء أسفل قناة رومو. وللساعات العديدة القادمة سيكرر رومو هذه الطقوس مراراً وتكراراً في ركنه من هذا الوادي. رومو يطلق عليه بالاسبانية سانهيرو وهي تعني الخفير المسئول عن تدفق المياه في القناة الرئيسية. مهمة رومو هي الإشراف على توزيع حصص المياه من نهر كولورادو على المزارعين المستفيدين من نظام الري في وادي إمبريال في جنوب شرق كاليفورنيا. مهنة السانهيرو غنية بتقاليدها وهي تعكس قصة الاستيطان في الغرب. وقد كان السانهيرو الرجل الأقوى في مجتمعات كاليفورنيا وقد كان يدفع له أكثر مما يدفع لرئيس البلدية في لوس انجلوس.اليوم، نجد أن مهنة السانهيرو معرضة للانقراض فالحرفة غير محددة وأدواتها خام للمحافظة على المياه في منطقة دمرت بالجفاف. ويوفر نظام الري الماء ل 500.000هكتار من الأراضي الزراعيةِ في وادي إمبريال على الحدود المكسيكيةِ وهو من بين آخر الأنظمة التي تشغل السانهيرو التقليديين. ويعمل نحو 100رجل للتحكم على تدفق أكثر من ترليون جالون من المياه في العام على مدار الساعة. ويقع وادي إمبريال تحت مستوى سطح البحر وهو عبارة عن قاع بحيرة قديمة بانحدار متدرج ذي تربة خصبة تكونت عبر مئات السنين عندما فاض نهر كولورادو. بدون الماء الوادي عبارة عن أرض مقفرة. وفي الخمسينيات من القرن التاسع عشر رأى حالمون جنة تحت سطح البحيرة اليابس لكن مضى نصف قرن قبل أن تشق أول قنوات في الوادي. قبل قرن، كان السانهيرو يقومون بعملهم من على ظهور الجياد. كانوا مسلحين فقد كانت النزاعات مع المزارعين في بعض الأحيان تتحول إلى معارك قبيحة. كان كل سانهيرو يعتبر جزءاً لا يتجزأ من قناته ويعتني بها ليل نهار وشغّلَ القنواتَ على ظهر الفرس. ويعيش السانهيرو في بيت وفره له رب العمل قريب من مكان عمله. اختفت الخيول والأسلحة وبيوت السانهيرو منذ أمد بعيد لكن طبيعة العمل بقيت كما هي إلى حد كبير.