أصداء واسعة مازالت تتوالى تفاعلا مع التحقيق الذي نشرته "الرياض" عن أوضاع السعوديات المتزوجات من وافدين، واستعراض إفاداتهن ومطالبهن. و تلقى القسم النسائي ب "الرياض" العديد من المكالمات الهاتفية من نساء أكدن فيها على أهمية ما جاء في التحقيق، وتمنين المشاركة لطرح معاناتهن، كما حصلت صفحة الويب على نسبة كبيرة من التعليقات والردود التي وردت في ذيل التحقيق بموقع "الرياض" الإليكتروني فبينما بدا أن أكثر المتداخلين من الرجال كانت الأكثرية منهم أيضا متفاعلة بشكل إيجابي مع مطالب هذه الفئة. فيما كان البعض الآخر - بنسبة قليلة - غير مؤيدين لفكرة الزواج من أجنبية، وبعضهم كتب مداخلاته بطريقة لا علاقة لها بطبيعة الموضوع وإنما كان ينطلق من نظرة استهجان للفكرة برمتها أصلا ! وكان هؤلاء يرون في معاناة تلك النساء جزءاً من ارتباطهن بأزواج غير سعوديين؟! أما البقية فقد أبدوا رغبتهم في تعاطف صامت. ولدى التأمل في هذه الآراء وردود الأفعال نحو تعاطف الأغلبية مع أصحاب الآراء ووقوفهم مع هذه الفئة من نساء المجتمع السعودي، ما يعكس وعيا متقدما في هذا الخصوص . لا سيما وأن هناك متداخلات من نفس هذه الفئة، كشفن من خلال تفاعلهن مع التحقيق عن أمنيات كان يمكن أن تتحقق لولا هذه اللوائح النظامية التي لم تخلو من تحيز في إعطاء الحقوق لأصحابها . تقول إحدى المتداخلات (أنا سعودية احمل شهادة الدكتوراه من أعرق جامعات أمريكا متزوجة من عربي غير سعودي وتعليمه لا يقل عني والفضل لله ثم له في تعليمي وللأسباب التي ذكرتها الأخوات تركنا البلد مع أبنائنا وبرغم سعادتي وراتبي ضعف ما كنت أتقاضاه في السعودية، إلا أنه يحز في نفسي أن يستفيد من علمي بلد غير وطني لكن للأسف كل شيء حكر على الرجل، حتى الوطنية أصبحت مربوطة بالزواج من سعودي . تعسف في حقوق البنت، وبالتأكيد ليس مصدره الدين الذي حث على إكرامها أسأل الله أن يفرج عن الأخوات، فالقوانين الحالية بحاجة إلى لمسة إنسانية) .. أما الذين عارضوا إعطاء هذه الفئة حقوقها، فلم تكن مبرراتهم تستند إلى مفهوم الحقوق سواء أكانت إنسانية أو إسلامية، بل كان اعتراضهم من طبيعة تقليدية، لا تبحث في أسباب تلك المعاناة، وتفترض أن الزوجين بمجرد كونهم سعوديَين فهذا كاف لتحقيق السعادة ؟ .. بعض التعليقات تعاطفت مع وضع الأطفال الذين لم يعرفوا بديلا لهذا الوطن كما قال ( ناصر حسين ) في تعليقه : (يجب مراعاة من يولدون في تراب هذا الوطن فإنهم يتعلقون بمحل ولادتهم وإن كانت أحوال أسرهم المادية جيدة جدا . وأنا أعرف أناساً سافروا إلى بلدانهم، ويعيشون عيشة ممتازة فيها، ولكنهم يحنون إلى مكان ولادتهم) ... وفي هذا التعليق ملاحظة مهمة جدا .. ففي الأغلب يولد أطفال السعودية المتزوجة من أجنبي، في وطنها، بينما يولد أحيانا أبناء الأجنبية المتزوجة من سعودي في بلد أمهاتهم . أيضا كانت هناك مداخلات مؤثرة مثل (بنت السعودية) التي اشتكت من بعض آراء المتداخلين المستهجنة . وقالت أنها قرأت التحقيق ودموعها تجري على خديها، لأنها لم تعرف ولن تعرف وطنا غير هذا البلد الكريم، وأنها رضعت من إحدى بنات هذا الوطن الكريمات التي ضحت براحتها وعمرها من أجل أولادها . ثم قالت أنها تحب هذا الوطن وتدافع عنه، حتى لولم تحصل على الجنسية السعودية. إحدى المتداخلات سعودية متزوجة من يمني تمنت أن يجد هذا التحقيق استجابة كريمة من المسؤولين، فوضعهن وضع إنساني ويحتاج إلى قرارات إنسانية . بعض المتداخلين احتج بالشريعة الإسلامية في تبعية الابن لأبيه، ولذلك فأبناء السعودية من غير سعودي لا بد أن يتبعون لجنسيات آبائهم الأجنبية . وهذا غير صحيح لأن حصول أبناء غير السعودي على الجنسية السعودية لا يتعارض مع انتسابهم لأبيهم . كما أشار البعض، إلى أن التحيزات هذه لا علاقة لها بالشرع استنادا إلى حديث (من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) . كما احتج بعض المتداخلين بمفهوم التماثل في الإنسانية والمواطنة : فكيف يجوز للسعودي الزواج من أجنبية مع تسهيل أوضاعه بصورة طبيعية بينما يتم وضع قيود مجحفة تحول دون أن تكون أوضاع السعوديات المتزوجات من غير السعوديين أوضاعا طبيعية ؟