يعد الصندوق الخيري لعلاج المرضى بمدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية إحدى صور وأبواب المسؤولية الاجتماعية التي تتيح للشركات والمؤسسات ومنسوبي القطاع الخاص خدمة المجتمع وتلبية احتياجات أفراده. فهذا الصندوق الذي أوجدته مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية يسهم في توفير تكاليف العلاج والرعاية والتأهيل للمئات من المرضى الذين تحول ظروفهم المادية دون تحمل نفقات تلك الخدمات بمدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، وقد تمكن هذا الصندوق منذ تأسيسه من احتضان العديد من الحالات الإنسانية على مستوى مناطق المملكة المختلفة ومساعدتها في تجاوز ظروفها المرضية، حيث بلغ عدد المتقدمين إلى الصندوق ما يزيد على أربعة آلاف حالة. ويشرف على الصندوق الخيري لعلاج المرضى مجلس إدارة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، ويضم في عضويته نخبة من أبناء الوطن يمثلون عدة قطاعات وتخصصات، وهناك لجان متفرعة عن المجلس تتولى التحضير لأعمال المجلس بحسب اختصاصاتها، مثل اللجنة الفنية، ولجنة تقييم الحالات، ولجنة تنمية الموارد. وتمثل مبادرة شركة طيران "ناس" بنقل المرضى المقرر علاجهم على حساب الصندوق من جميع المحطات المحلية التي تغطيها طائرات الشركة إلى الرياض مجاناً نموذجاً للمسؤولية الاجتماعية، حيث أكدت الشركة من خلال تلك الاتفاقية حرصها على مساندة جهود الصندوق، وهو الأمر الذي يجسد تفاعل مؤسساتنا الوطنية مع قضايا المختلفة وقدرتها على الوفاء بمسؤولياتها الاجتماعية. كما تم الاتفاق بين الصندوق الخيري لمعالجة المرضى ولجنة أصدقاء المرضى بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض لاسكان مرضى الصندوق القادمين من خارج مدينة الرياض في سكن اللجنة الخيرية. وتشمل برامج الصندوق علاج الإعاقات وتأهيلها بجميع أنواعها، ومنها برنامج التأهيل بعد الإصابة الدماغية، والتأهيل بعد السكتة الدماغية، وتأهيل إصابات الحبل الشوكي، إضافة إلى برنامج الأطفال والتدخل المبكر الذي يتضمن تقديم خدمات التأهيل الشامل لمختلف أنواع الإعاقات، ويشمل جلسات علاج طبيعي وتعليم وخدمات اجتماعية ونشاطات علاجية، ويشمل جلسات علاج طبيعي وتعليم خدمات اجتماعية ونشاطات علاجية، وكذلك توجيه الأهل وتمكينهم من المشاركة الفعالة في مرحلة تقدم أطفالهم. كما يقدم الصندوق دعماً لبرنامج ذوي الأطراف المبتورة ومستخدمي الأجهزة المساعدة. وتتكون موارد الصندوق من التبرعات والهبات، والصدقات والأوقاف والزكوات، وقد أفتى سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بجواز استقبال الزكاة كمورد من موارد الصندوق. وكان لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الرئيس الأعلى للمؤسسة وأصحاب السمو الملكي الأمراء أعضاء مجلس أمناء المؤسسة السبق في تأسيس ودعم هذا الصندوق واستمرارية خدمات. ورغم تواصل هذا الدعم إلا أن ارتفاع تكاليف العلاج جعل الصندوق في تحد حقيقي لمواجهة المتزايدة من المحتاجين المتقدمين. كما تبرع عدد من أصحاب السمو وعدد من رجال الأعمال بعد إطلاعهم على خدمات الصندوق، ومعرفتهم بآلية عمله ووسائله الاحترازية في تحري المستهدفين بكفالته للعلاج والتأهيل، كما أن هناك عددا من البرامج التي تبنتها شركات ومؤسسات أهلية، ومن ذلك تحويل كسور الريال، وفروق الهلل في مراكز البيع لحساب الصندوق، وقد تنتج عن ذلك تحويل أكثر من خمسمائة ألف ريال سعودي في المدة الماضية، كما أن من مصادر تمويل الصندوق التي نص عليها النظام ريع الأوقاف، حيث يؤمل أن يصل للصندوق شيء منها، ومن المعلوم أن الأوقاف من أعظم القربات لدخولها في الصدقة الجارية التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له"، كما أن من موارد الصندوق الزكاة، وذلك أن الصندوق يشترط في المستفيدين من خدماته أن يكونوا من أهل الزكاة، بشهادة جهات معتمدة من القضاة أو الجمعيات الخيرية المعتمدة، وقد أصدر سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية شيخنا الفاضل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ فتوى تتضمن جواز استقبال الصندوق للزكاة صرفها في علاج المرضى والفقراء وتأهيلهم، وقد صدرت الفتوى في شهر ربيع من عام خمس وعشرين وأربعمائة وألف، وكان مما جاء في الفتوى: "الحمد لله وحده، والصلاة والسلاة على من لا نبي بعده.. وبعد، فقد اطلعت على السؤال المقدم من الصندوق الخيري لمعالجة المرضى التابع لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية المتضمن أن إدارة الصندوق تلقت علاج القراء، حيث يهدف الصندوق إلى مساعدة الفقراء الذين لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج أو ثمن الأجهزة والأدوات والأطراف الصناعية التي يحتاجون، وتدار أعمال هذا الصندوق وفق نظام مؤسسي متكامل، ويشرف على سير أعماله لجنة تنفيذية مكونة من ثمانية أعضاء من أصحاب الرأي والخبرة والاختصاص، وتصرف أموال الصندوق وفق آلية وضوابط محددة من ذلك وجود تقرير عن المريض يفيد استحقاقه للزكاة من جهة موثوقة تعتمدها اللجنة أو إفادة من قاض شرعي مع تقرير طبي من طبيبين استشاريين في مدينة سلطان بن عبدالعزيز يتضمن حاجته للعلاج، وبعد تأمل السؤال ظهر لي أنه يجوز لهذا الصندوق الخيري أن يستقبل أموال الزكاة لصرفها في علاج المرضى الفقراء من المسلمين وشراء ما يحتاجونه من الأجهزة والأدوات الطبية والأطراف الصناعية، لأن الفقراء من الأصناف المنصوص عليهم في آية الزكاة، ولأن علاج الفقير من حاجته الأساسية التي يجوز دفع الزكاة فيها كاطعامه واسكانه..." إلى آخر ما جاء في فتوى سماحته. وقد أصدر مجلس إدارة الصندوق قراراً يتضمن أن الزكاة يكون لها الأولوية في الصرف نظراً لارتباط وجوبها بوقت محدد شرعاً حيث يتم سداد تكاليف علاج المرضى الفقرء وتأهيلهم من أموال الصندوق، ويقدم في ذلك المال الزكوي الوارد للصندوق، ومن هنا لا يتبقى في الصندوق أموال زكوية لكونها المقدمة من الصرف، وقد جعل للزكاة حساب مستقل عن حساب بقية موارد الصندوق.