حين تناولت مسؤولية ناقل المعلمات عن مايحدث لهن من إصابات جرّاء خطأ السائق أو عدم كفاءة المركبة أثناء الرحلات المكوكيّة اليوميّة من وإلى مقارّ أعمالهن البعيدة عن منازلهن فإنني لم أستبعد مسؤولية بقيّة الأطراف ومنها وزارة التربية والتعليم ولن أتناول اليوم ما الذي يجب على الوزارة عمله قبل وقوع تلك المجازر فقد تناولت الصحافة هذه الجزئيّة وكل أدلى بدلوه وأكثر ما أخشاه أن تكون الوزارة قد أفرغت ما بتلك الدِلاء في مستنقع النسيان ليتكرر الطرح وتصبح الحكاية كحوار الطرشان ، لكنني سأتناول جُزئيّة ربما غابت عن حدود المشهد إجمالاً مما صعّد من معاناة تلك المعلمات وراكم أوجاعهن فمن ذا الذي سأل عن الحالة النفسيّة للمعلّمة بعد نجاتها من الموت إثر تعرّضها للحادث ومشاهد الرعب تنتابها على هيئة كوابيس ليل نهار؟؟ وهل هناك من إجراءات غير التوقيع على منح إلإجازة المرضيّة كحق قانوني ثم المطالبة بعودة المعلّمه حال شفائها من إصاباتها وكسورها؟؟ ألم يُفكّر أحد بما يُسمّى بالأعراض الصدميّة وهي الضغوط الحادة الناجمة عن الصدمات النفسية بسبب التعرّض للأحداث العنيفة ومنها حوادث السيارات والتي تظهر على الإنسان خلال الثلاثة أشهر من التعرّض للحادث وأهم تلك الأعراض حسب دراسة الدكتور فهد بن عبدالرحمن الناصر عن الأبعاد النفسيّة والاجتماعيّة للحوادث المروريّة: - استعادة الذكريات الأليمة أثناء أحلام اليقظة أو الكوابيس. - محاولة تجنّب الأفكار أو الأنشطة التي لها علاقة بالحادث. - اضطرابات انفعالية حادة مُشتملة على قلق وتوتر مستمر. - حالات اكتئاب متدرجة من البسيطة إلى الحادّة. - مخاوف مرضيّة (فوبيا) من بعض الأشخاص أو الأحداث أو الأماكن العادية التي لايخاف منها الآخرون. - اضطرابات الوساوس والقهر بلا مُبرر. وغير هذه الأعراض الكثير مما يؤثر على حياة الإنسان ويضعف قدرته الإنتاجية.! الآن... أليس من حق كل معلّمة تعرّضت لحادث أن يكون لها الأولوية ليس فقط بإراحتها من عناء التنقّل الطويل بل وللنظر في تأهيلها نفسيّاً حتى يتحقق لها الإتزان الحيوي وتتجاوز مرحلة الاضطراب والخوف مهما طال أمد العلاج لتصبح بعدها قادرة على أداء مهمتها بكل اقتدار ولتعود إنسانة طبيعية تعيش دون خوف أو وساوس قهريّة؟ أليس من حقها أن تشعر بالأمان بعد الخوف؟ يا إلهي ما أكثر حقوقها المُهدرة..!