من هم الذين علمونا.. وعلموا من علمونا؟.. سؤال مهم للغاية إذا أردنا أن نتعرف على أصول بعض العقد في أفكارنا ومسببات الجفاف في قدرات استيعابنا.. قبل خمسين عاماً.. في بدايات المرحلة الابتدائية كيف كنا نتلقى التعليم ونستوعب المفاهيم؟.. أليس من الغريب أن نكون الآن "نوعية إسلامية أو ثقافية" مختلفة عن الآخرين.. كل المسلمين الآخرين، بل أكثر اختلافاً عن الإخوة الأشقاء والأقرب في الجوار مثل الإمارات، والبحرين، والكويت وأخيراً قطر.. بل وأيضاً عمان.. عمان التي وجدت بها أفضل مظهر محترم للمرأة فهي كاشفة الوجه لكنها محكمة التحجب ومحترمة التعامل أيضاً دون أن تكون خلفها عصا تتحرك يميناً ويساراً وتسمع نداء.. تستري.. حيث في شكل المتابعة عندنا ما يوحي بأن المرأة لم تخرج من البيت إلا لكي تبتذل.. وفيما يخص الكتاب.. لدينا من ينظر إليه بريبة ويتصوره قدرة خارقة تحقق تلقائياً ما بها من مفاهيم، والإنسان مجرد ممتطى ينقاد.. عند الإخوة الأشقاء.. الأقرب جواراً وصلت المرأة إلى احتلال أربع مناصب وزارية في الإمارات وحصلت على مواقع مماثلة عند الأشقاء المجاورين.. الكتاب نسافر إليه هناك لأنه يغري بمزيج الثقافات والمفاهيم المعروضة، ونحن لنا عقولنا التي تتمرد على الباطل.. الذين علموا من علمونا لم يمر الكتاب بتنوعه ومتضاداته وعروض مفاهيمه في حياتهم إطلاقاً، بل حتى أيضاً على مستوى الثقافة الدينية هناك استيعاب محدود داخل نطاق ضيق.. أذكر أن مدرساً لنا في مادة الفقه من مواطنينا كان يدرسنا كتاب زاد المستقنع في المرحلة المتوسطة، وفشلنا جميعاً في تفهم مضامين العناوين وكذا النصوص، فتكررت أسئلتنا له، ولأنه لا يملك جواباً واضحاً قال احفظوه مثلما فعلت أنا وستنجحون.. هذه محدودية معلومات من علمنا، أما من علمه هو فلك أن تتصور قبل أن يعرف الناس الكهرباء أو ماسورة الماء أو غاز الطبخ وكانت العنز هي المراعي أو الصافي آنذاك وكلمة "اسفلت" أو "اسمنت" مجهولة المعنى تماماً.. لك أن تتصور في تلك العزلة الصحراوية كيف كانت الصخور والرمال والطين وحدها موجودات الواقع الصعب آنذاك.. لقد قطع الخليجيون شوطاً بعيداً في التقدم، لأن من علمهم أو علم من علمهم لم يكن معزولاً عما يحدث في الكون سواء تعلق الأمر بمستحدث علمي أو بمستجد ثقافي..