عندما غنى الراحل الكبير طلال مداح في أوبريت الجنادرية الثاني عشر (أمجاد موحد) عام 1420لم يكن يعلم أن هذا الحفل سيكون بمثابة مسك الختام لذلك المشوار الحافل والطويل مع مهرجانات الجنادرية، خصوصاً إذا عرفنا أن طلال مداح لم يغب عنها منذ أول أوبريت والذي كان بعنوان (عز الوطن) الذي صاغ كلماته بحرفية عالية الشاعر المبدع الأمير بدر بن عبد المحسن في عام 1409وقام الفنان الكبير لوحده بتلحينه وغنائه. منذ ذلك الحين وصوت الأرض أصبح صوت الوطن أيضاً، لا يترك مناسبة وطنية إلا ويكون له نصيب بالمشاركة فيها، وما من أوبريت في مهرجان الجنادرية إلا وهو في مقدمة الركب، حيث أصبح واجباً وطنياً ألزم نفسه به حبا وعرفاناً لهذا الوطن الحبيب، ولا ننسى تلك اللحظة الجميلة والتاريخية عندما كرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله اسم الفنان طلال مداح بعد أول أوبريت غاب عنه الفنان الكبير في عام 1421ولم يكن غياباً طوعياً بل كانت مشيئة الله أن يغيبه الموت حينها وكان الأوبريت بعنوان (خليج الخير) وتسلم الجائزة بالنيابة ابنه (عبد الله) قبل كل الفنانين المشاركين في ذلك الأوبريت في لحظة من لحظات الوفاء لهذا العملاق الراحل. رحل عنا أبو عبدالله ولكن ذكراه باقية وتتجدد عند قدوم كل أوبريت أو مناسبة وطنية يتذكره بها عشاقه وكل عشاق الفن الأصيل، سيتذكرون بلا شك نشيد "الله البادي.. ثم مجد بلادي" الذي تغنى به مع رفيق دربه محمد عبده، وسيتذكرون أيضاً أوبريت "مولد أمة" و"أرض الرسالات" و"أوبريت التوحيد" وأوبريت "عرائس المملكة" وسيتذكرون طبعاً الرجل الذي لم يغب عن الجنادرية واحتفالها الوطني حتى وهو يعاني من اعتلال في صحته، ولو قدر الله أن يطيل بعمر هذا الفنان الكبير لرأيناه في بروفات الحفل جنباً إلى جنب مع أبنائه الفنانين يستعد لهذا الأوبريت بكل حماسة ووطنية صادقة. لكنها مشيئة الله، رحم الله صوت الأرض وصوت الوطن طلال مداح.