إن من متطلبات التخطيط الاستراتيجي للتوظيف وضع خطة وطنية شاملة مبنية على إحصاءات ميدانية عن أعداد طالبي العمل الحاليين ومؤهلاتهم وقدراتهم، وكذلك المتوقع دخولهم سوق العمل في السنوات الخمس القادمة (تكرر كل خمس سنوات)، مع إحصاء عدد ونوعية وطبيعة الوظائف المشغولة بوافدين ومن ثم إعداد برامج تأهيل مناسبة لتلك الوظائف لتأهيل الشباب عليها وإحلالهم في هذه الوظائف تدريجيا مع ضرورة غرس قيم العمل من انضباط وسلوك قويم وحسن سيرة. نقرأ ونسمع في وسائل الإعلام مطالبات تدعو الشباب للانخراط في مهن متدنية للغاية مثل الحلاقة والطبخ وما شاكلها، وهذه المهن تحتاج إلى مؤهل أقل بكثير من الثانوية العامة أو الكفاءة المتوسطة التي يحملها الشباب، بينما يوجد وظائف ومهن أهم بكثير من تلك الوظائف المتدنية تكاد تكون مشغولة بالكامل بوافدين، ولإقامة الدليل على ذلك نأخذ مثالين من قطاعين مختلفين، الأول "الدواء" ومنه تنبثق مجالات كثيرة تحتاج إلى وظائف بأعداد وفيرة فنية وغير فنية منها صناعة الدواء وتخزينه وتوزيعه وبيعه. والثاني قطاع كبير جدا "التشغيل والصيانة" بفرعيه التشغيل التخصصي والعام، والصيانة المتخصصة والعامة، فهذين القطاعين يمكن تأهيل الشباب للانخراط فيهما ولكن بعد التهيئة والتأهيل. إن الشاب خريج الثانوية العامة أو دون ذلك لا يجيد أي حرفة أو صنعة أيا تكن ونلقي به في سوق العمل هكذا و ونتوقع أن يتسابق عليه أرباب العمل فهذا ضربٌ من التمني. إن الأمر يتطلب كما سبقت الإشارة لذلك أن يكون هناك خطة إستراتيجية شاملة تقوم بمراجعة الأنظمة الرسمية ذات العلاقة وتحديثها بما يمكّن أصحاب العمل من خلق الفرص وطالبي العمل من اقتناصها، وحصول أرباب العمل على مواطنين ينهضون بأعباء التنمية، فعلى سبيل المثال نظام السجل التجاري بوضعه الحالي يخلق حالات تستر تعطي الفرصة في العمل للوافد المتكئ على المواطن المتواكل وتمنعها عن المواطن الباحث عن عمل، كما أن مخرجات التعليم لا تكون وفق احتياجات سوق العمل وسد حاجته من المواطنين، إذا المسألة لها صفة الشمولية، وهذا ما ينبغي أن تكون وزارة العمل المبادر لذلك ومركز البحث والتطوير في هذا الشأن والمنسق فيه مع الجهات الأخرى فهل نسمع لهم ولو ركزا .