من يردع إسرائيل؟ سؤال سيظل خارج الأفق العالمي والعربي تحديداً، طالما تمنح على قتل كل فلسطيني مليون دولار، واحتفالات بأفقها الحضاري والإنساني، وعندما تعيد سيرة المحرقة للفلسطينيين، فهي تكشف عن وجهها الحقيقي الذي طالما حاولت تغليفه بالجرائم التاريخية التي تحملت وزرها من النازيين وحتى من متطرفي الكنائس الأوروبية، لكن أن تستعيد الواقعة وتطبقها على الأرض الفلسطينية، فهي تخرجنا من حالة الصمت إلى الجهر بواقعها المتشنج، ودوافعها التي لا تخفيها بمبدأ الإبادة الجماعية.. صمت أوروبا ودعم أمريكا وهما تنظران إلى أشلاء الأطفال، والدمار الذي لحق بالمنازل، والبنية الأساسية يعطينا الدليل أن النازية النفسية، إن صح التعبير، موجودة في بنية فكر الغرب بشقيه الأمريكي، والأوروبي، ونحن هنا لا نريد فقط الاستنكار، وإنما رؤية الحقيقة التي لا تضللها الأساطير الدعائية ل (شعب الله المختار) والصفوة البشرية، طالما هم امتداد ثقافي وتحالف روحي مع العالم المتمدن.. القوانين التي اختارها الغرب في الحقوق، وتقرير المصير، وحماية المبادئ، لا تطبق إلا على عناصرهم، والدليل أن جرائم الاستعمار والاستئثار بنهب الثروات وتدمير كوكب الأرض، وإطلاق يد النازية الجديدة في إسرائيل أن تكون القاضي والجلاد، لا تعتمد على إرث تاريخي متواصل الفعل والسلوك، وإنما استثمار الكذبة الكبرى بأن أولئك السادة، هم من وضعوا دم الفلسطيني فطيرة لهم، وعلى كل موائدهم.. نحن، تنظر إسرائيل لنا والسادة الآخرون أننا متخلّفون وهمج، لكننا نتعهد بتعمير وإعادة بناء ما هدمته حضارة إسرائيل وديمقراطياتها، وبدون استجداء لأمريكا وأوروبا اللتين لا يهمهما أن تنفصل رؤوس الفلسطينيين عن أجسادهم إذا كان هذا يعطي إسرائيل الأمان وحرية الاختيار في تصرفاتها طالما هي ضحية، والآخرون مجرمون قتلة.. المملكة لا تتاجر بشعارات، ولا تبحث عن عواطف حين تنخرط في الخندق الفلسطيني ودون تفريق بمن مع أو ضد إذ الشعب وحدة واحدة، ولا تمييز أو تراكم قضايا معلقة تفصل هذا عن ذاك طالما العدو توحّده مع قوى أخرى المبادئ العدوانية واللازمة الثابتة أن الفلسطيني خارج معادلات أصحاب الأرض التي أعطتها القوانين صك التملك، وتصفية الآخر باسم المقدس.. فرية السلام عاشت تجاربها دول عربية، لأن إسرائيل تعتبرها هدنة مؤقتة، وعند حدوث أي ظرف يمكنها قلب المواثيق، وترسيخ معادلات أخرى، لأنها تعيش هاجس التفوق العرقي وكبرياء التاريخ، ولذلك فمن المستحيل اختراق المكوّن الشخصي والنفسي لمن تعوّد أن ينظر للعالم بروح الدونية، والعرب، في نظرهم، في السلم المتخلّف من الأجناس الأخرى، وهذا الانطباع لا يمكن تفسيره بالأخلاقيات الدينية والحضارية، عندما تجد إسرائيل أنها العنصر المتفوق، وإنما هو بنيتها وشخصيتها الحقيقية حتى إنه لا يوجد هناك من تشتمل مناهجه الدراسية من الحضانة إلى ما فوق الجامعة على تربية الكره وتأصيله مثل ما هو موجود عند إسرائيل، ويكفي أن حكايات البروتوكولات، ومبدأ السيادة على العالم، وإعادة الحديث عن تبني سياسة المحارق، هي الروح المتجسّدة في كل إسرائيلي، والذي يرى غير ذلك فإنه إما أعمى أو أعور..