عبارة قالها ذات يوم في سنين خلت أحد المسئولين "لافض فوه". "معاقبة المقصر مكافأة للمجتهد"، وذلك في معرض رده على أحد الموظفين والذي طرح سؤالا جوهريا في اجتماع حاشد حينما قال "لماذا لاتكافئون الموظفين المجتهدين" في مطالبة غير مباشرة بضرورة استحداث نظام حوافز يكفل للموظف المجتهد مواصلة جهوده وعطاءاته وبما يعود على الإدارة الحكومية بالنتائج الايجابية. لكن تصريح المسئول الآنف ذكره قطع قول كل خطيب فهو يرى أن هذه المعاقبة "من وجهة نظره" كافية جدا لحفز كل الموظفين على العمل دون انتظار لكلمات شكر أو تقدير أو مكافآت مالية.. فهم يؤدون عملهم وواجباتهم وبالتالي فلا يسوغ للموظف المجتهد والمثابر والمكافح والمخلص المطالبة بما ليس له حسب رؤية هذا المسئول. اتفق في جزئية بسيطة جداً مما ذكره أخونا المسئول وهو أن المقصر في أداء واجباته لابد أن يخضع للمساءلة والعقاب وبالذات حين تكون أخطاؤه موجهة نحو تعطيل العمل وإعاقة مصالح الناس.. والإخلال بقواعد العمل.. لكن هذا العقاب ليس مكافأة للمجتهد في كل الأحوال وإنما يأتي في محصلته النهائية انتصارا للعدالة.. ومن باب إعادة الحق إلى نصابه.. والمحافظة على شرف الوظيفة.. ويأخذ منها كافة الموظفين العبرة والعظة. وفي المقابل فإن الموظف المجتهد والمخلص والمتميز في أداء عمله ليس بحاجة إلى الردع والإرهاب والتخويف كي يواصل عطاءاته وانجازاته، فهذه أساليب إدارية بالية عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة في زماننا هذا.. لكنه أحوج ما يكون للحفز الايجابي والذي يدفعه لتقديم الأفضل والأجود.. ومن هذه الحوافز عبارات الشكر والثناء والتقدير.. والدروع والجوائز.. والمكافآت المالية.. والعلاوات التشجيعية.. والترقيات.. وإتاحة المجال للتطوير المهني بحضور المؤتمرات ذات العلاقة بالعمل.. والدورات التدريبية.. والأولوية في مواصلة الدراسة.. وفق ضوابط ومعايير دقيقة تفرق بين المجتهدين والمقصرين. أما المقصر والمتقاعس في أداء عمله سواء كان مسئولاً أو موظفاً.. كبيراً أو صغيراً فلا مناص من خضوعه للمساءلة والمحاسبة.. فالدولة - أيدها الله - لم تقصر في شيء فقد وفرت الميزانيات الضخمة.. وطرحت الثقة بكافة المسئولين ليقدموا للوطن والمواطنين كل ما يختزنون من خبرات وقدرات.. وعليه أصبح لزاما خضوع الجميع لنظام رقابي محكم يعتمد على المساءلة ثم المحاسبة. والتقصير في أداء العمل يختلف في نوعيته.. واكبر تقصير في ظني هو ما يؤدي إلي الإضرار بمصالح الناس.. وتعطيل العمل.. وتأخير البت فيما يخص حقوق الناس.. والتساهل مع المخالفين.. والعابثين بمقدرات الوطن وأموال الدولة. أما المجتهد فيحتاج إلى التقدير، والدعم، والدفع به لأعلى المناصب.. وحتى تستقيم عبارة المسئول يجب أن تكون على النحو الآتي "مكافئة المجتهد دافع له وحافز للمقصر" .