استمتعت بمشاهدة مباراة فريق برشلونة الأسباني وسلتيك الاسكتلندي في دوري أبطال أوروبا والتي انتهت بفوز برشلونة بثلاثة أهداف مقابل هدفين، أعجبني أداء اللاعب الكبير الصغير (ليونيل ميسى) الذي قدم أداء مميز توجه يتسجيل هدفين لا يسجلهما إلا الكبار، اقصد بالكبار إبداعا ومهارة وليس عمراً، لأن ميسي لم بتجاوز العشرين من عمره، رغم استمتاعي بمهارات ميسي إلا أن ما افسد ليلتي هو أنني (بالغلط) شاهدت لقطات لإحدى مباريات كأس الأمير فيصل لأفاجأ بمشاركة عدد من اللاعبين السعوديين والأجانب الذين تتجاوز أعمارهم الثلاثين. هناك خلل واضح في فهمنا لمقومات الإبداع، هذه المشكلة ليست حصراً على كرة القدم بل أنها أصبحت تقليد سعودي في أكثر مجالات الحياة، فنحن نخلط بين العمر والكفاءة، بل أننا نعتقد أن تقدم العمر أهم مقاييس الكفاءة، رغم أن الواقع يثبت لنا في كل يوم فشل اعتقادنا، فميسي الصغير يشارك في أقوى بطولات العالم ويبدع، بينما يشارك لاعبون أولادهم أطول من ميسي في بطولة مخصصة للفريق الأولمبي ولاتميزهم عن بقية اللاعبين إلا بكبر الوجه، سبب بقاء عدد كبير من كبار السن (الغير موهوبين) في ملاعبنا مدة طويلة يعود لكون اللاعب السعودي لا يحصل على فرصة تمثيل فريقه إلا عندما يبلغ الرابعة والعشرين.ويبدأ مرحلة النضج عندما يصل للثامنة والعشرين، ثم نطالب بكل حماس باحترافه في أوروبا عندما يصل لمشارف الثلاثين. الأكثر سوء من مشاركة اللاعبين الكبار كأساسيين في الفريق هو وضعهم في الاحتياط، فعدد من الأندية تحتفظ بلاعبين انتهت صلاحيتهم في الاحتياط كورقة رابحة، المشكلة أن الورقة الرابحة قتلت عشرات من الأوراق اليانعة، فوجود جيل من الكهول يمثلون الصف الثاني في الأندية واحدة من أكبر المشاكل التي تعاني منها الأندية السعودية، أعتقد أن تخفيض عدد اللاعبين المسجلين في كشوفات النادي من أربعين لاعباً لثلاثين مع إعطاء الحرية للنادي في الاستعانة بأي عدد يحتاج له من لاعبي درجتي الناشئين والشباب قد يخفف حدة هذه الظاهرة، تقليل عدد اللاعبين سيجبر الأندية على الاستعانة بلاعبي الشباب والناشئين بشكل أكبر، كما أنه سيخلص الكثير من الأندية من كبار السن الذين حرموا اللاعبين الصغار من المشاركة ولو في الاحتياط، وسيخلص الكرة السعودية من ظاهرة شراء اللاعبين وتكديسهم في كشوفات الفريق، أيضا قد يساعد هذا القرار اللاعبين الصغار على تمثيل الفريق الأول في سن مبكرة، وهو ما سيساعدهم على الوصول لمرحلة النضج والإبداع مبكراً، كما أنه سيعزز فرصهم في الاحتراف الخارجي وهم ما يزالون صغاراً. دعم اللاعبين الصغار وإعطائهم الفرصة للمشاركات الكبيرة هو المدخل الطبيعي للاحتراف في الخارج، فمن الصعب على لاعب تخطى العشرين أن يحترف في فريق أوروبي محترم، عندما ذهب ياسر القحطاني لبريطانيا للتعاقد مع مانشستر سيتي تابعت تعليقات مشجعي النادي على الخبر عبر موقع النادي الإليكتروني. وقد أبدى عدد كبير من المشجعين إعجابهم بمهارة ياسر ولكنهم تحفظوا على عمره. فذكر أحد المشجعين أنه يستغرب عدم احتراف هذا اللاعب عندما كان عمره 18عاماً مثل بقية اللاعبين الكبار لأنه لا يقل مهارة عنهم، فكريستيانو رونالدو وكاكا وميسي ورونالدينو احترفوا في الخارج وهم أقل من 18عاماً لذلك وصولوا لمرحلة النضج عندما بلغوا العشرين، الفارق الحقيقي بين اللاعب العالمي واللاعب السعودي أنه يشارك مع ناديه وهو صغير مما يجعله ينضج مبكراً فنعتقد أنه أكبر من عمره بينما تتأخر مشاركة اللاعب السعودي كثيراً لأن أمامه طابور طويل من اللاعبين الذين لم يحصلوا على فرصتهم بعد.