وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    خام برنت يصعد 1.3% ويصل إلى 75.17 دولار للبرميل    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    6 فرق تتنافس على لقب بطل «نهائي الرياض»    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    استقالة مارتينو مدرب إنتر ميامي بعد توديع تصفيات الدوري الأمريكي    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    دوري روشن: التعادل الايجابي يحسم مواجهة الشباب والاخدود    الهلال يفقد خدمات مالكوم امام الخليج    منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسؤولية الجنائية للأحداث "ظاهرة" تهدد سلامة المجتمع وخططه التنموية
يجب إشعارهم بالمسؤولية وأنهم تحت طائلة القانون للحد من طيشهم وتهورهم
نشر في الرياض يوم 21 - 02 - 2008

لماذا يجنح الأحداث إلى جرائم في مجتمعنا؟ ولماذا تتزايد الدوافع والمسببات لظاهرة العنف والانحراف السلوكي لدى هذه الفئة؟ وخاصة أن الجريمة تبقى في واقعها الجنائي جريمة حتى وان قام بها حدث صغير في السن فبمجرد وقوعها يعتبر انتهاكاً للقانون وتحدياً مخالفاً لمعايير المجتمع، يتعرض البعض منهم في الدخول إلى عالم الجريمة بلا تخطيط أو ترصد أوهدف إنما تقودهم الأقدار والظروف الاجتماعية إلى الولوج إلى هذا العالم الذي هو اكبر منهم، ولكن كيف يرى الأحداث جنوحهم من وجهة نظرهم كأحداث كما أكدتها عينة الدراسة التي أجراها الباحث حيلان بن هلال الحارثي من جامعة نايف للعلوم الأمنية في كل من الرياض والدمام وبريدة بأن 72% من الأحداث يعيشون مع أسرهم في جو اسري مستقر، في هذا التحقيق نستعرض فيه حياة الأحداث منذ وقت وقوع الجريمة ودخوله سجن الأحداث ومراحل التحقيق الجنائي ومحاكمته وتأهيله بعد الحكم من خلال الرعاية الاجتماعية واستمرار مساعدة أسرته له بعد خروجه من السجن.
قضايا من سجلات سابقة
قبل الدخول في هذا التحقيق نستعرض من سجلات جنائية سابقة من محكمة الأحداث بالرياض بدار الملاحظة بعضاً من نماذج مختلفة لقضايا جنائية قام بها أحداث حتى نقف على الواقع الحقيقي لحدوثها ونحدد تصنيفها الجنائي والأحكام الشرعية الصادرة فيها.
- قام الحدث ف، م. ع 16سنة بالاعتداء على خاله وطعنه بسكين على عضده الأيمن اثر اتهامه بسرقة مبالغ نقدية من المنزل الذي يقيمان فيه حيث تكررت السرقة أكثر من مرة وعندما اتجهت الشبهة إلى الحدث وسؤاله عن المبالغ المسروقة قام بالاعتداء عليه وطعنه بسكين كانت معه. صدر الحكم الشرعي بتعزيره بالجلد ستين جلدة وسجنه بدار الملاحظة لمدة عام.
- قام الحدث ف، ص، ع، 17سنة بدهس طفلة ن، ح على اثر قيامه بالتفحيط بسيارة مما نجم عن وفاتها وتم القبض عليه من قبل دوريات المرور وأدين بنسبة100% في الحادث وثبت ذلك شرعاً، صدر الحكم الشرعي بإدانة بالقتل الخطأ بدفع دية الطفلة المتوفاة إلى والديها كحق خاص أما الحق العام فبالسجن وإيقاف ستة أشهر في دار الملاحظة الاجتماعية الخاصة برعاية الأحداث.
- قام الحدث ع، س، ك والبالغ من العمر 13سنة بالقفز على منزل احد المواطنين مع بعض الأشخاص الذين يكبرونه سناً بقصد ترويعهم وإزعاجهم وصدر الحكم الشرعي القاضي بتعزيره ستين جلدة وسجنه بدار الملاحظة أربعة أشهر ونظرا إلى صغر سنه تم إيقاف تنفيذ الجلد وإطلاق سراحه بكفالة واخذ تعهد بالكفيل وخاصة انه ليس لديه سوابق وعدم عودته لما سبق.
- قام الحدث س، ع، والبالغ 17سنة بالمشاركة مع أخيه بالتستر على تهريب فتاة من منزل أهلها في مدينة ونقلها إلى مدينة أخرى وإخفائها عن أهلها قرابة شهرين وإختلاء أخيه بها وفعل الفاحشة بها ولقد تم فصل أوراقه عن القضية حيث حكم القاضي على الحدث المتستر على جريمة أخيه بتعزيره مائة وعشرين جلدة وسجن مائة وعشرين يوما.
- قيام الحدثين س، م 16سنة وشقيقه ف، م 14سنة باشتراكهما بطعن شخص بآلة حادة في صدره ادخل على أثرها المستشفى وقد تنازل المصاب عن حقه الخاص واما الحق العام فقد صدر فيه الحكم بتعزير الأول ثلاثين جلدة والآخر عشرين جلدة واخذ تعهد من قبل ولي أمرهما وكفهما عن معاودة ماحصل .
- قيام الحدث ع، س، 17سنة والحدث ع، ي 15سنة والحدث ع، ع 18سنة بفعل فاحشة اللواط بغلام عن طريق الخطف والقوة حيث قاموا بالاشتراك على خطف غلام والذهاب به إلى سطح عمارة آهلة بالسكان وتمكن الأول والثاني بفعل فاحشة اللواط فيه بالقوة وأما الثالث فلم يتمكن منه نظراً لاكتشاف أمرهم من قبل سكان العمارة ولقد صدر الحكم الشرعي بحق الحدثين الأول والثاني بالتعزير بالجلد سبعين جلدة وسجن ستة أشهر ويؤخذ تعهد عليهما بالاستقامة وأما الثالث فلم يصدر بحقه حكم لعدم ثبوت ادانتة.
- قيام الحدث ب م ع والبالغ 17سنة مع ثلاثة أشخاص بالغين بالسرقات والسطو المسلح وقيامهم بتكوين عصابة للسلب والنهب من أصحاب المحلات وسرقة السيارات وتهديد العمالة الوافدة بسلاح ناري واخذ مامعهم من نقود، ولقد صدر الحكم الشرعي بفصل أوراق الحدث عن الأشخاص المشاركين معه في الجرائم بإحالتهم إلى السجن العام وأما الحدث فقد صدر بحقه السجن أربع سنوات في دار الملاحظة وجلده أربعمائة جلدة متفرقة على كل فترة خمسين جلدة.
- قيام الحدث ب ع ص الذي يبلغ 14سنة بسرقة سيارة مع وجود ثلاث سوابق للسرقة وصدر الحكم الشرعي القاضي الأحداث بتعزيره بالجلد تسعين جلدة متفرقة وسجنه سبعة أشهر وتوقيفه في الدارلاكمال دراسته والاستفادة من برامج وأنشطة الدار في تغير سلوكه واخذ تعهد من ولي أمره بحفظه ورعايته.
زيارة لسجن الأحداث
عند القيام بالإعداد لهذا التحقيق كان لابد من الترتيب لزيارة دار الملاحظة الاجتماعية للبنين بمدينة الرياض، في البداية واجهت تردداً من قبل المسؤولين نظراً لأنها أول مرة يسمح فيها بالزيارة الميدانية لصحفية سعودية(لقسم البنين) بالذات ولكن مع الإصرار بفتح الحوار مع الأخصائيين الاجتماعيين النفسين العاملين تمت الموافقة للتعرف على قضايا الأحداث الموقوفين في السجن عن قرب والتعرف على أهم الدوافع التي تقود الأحداث إلى الجريمة في مجتمعنا حيث أجاب الأخصائي الاجتماعي عيد عبدالله البقمي بان الأسرة هي النواة الأولى التي تعتمد على التنشئة الاجتماعية في حياة الطفل وخاصة في مراحل الطفولة المبكرة وفترة المراهقة هي مرحلة حساسة في تكوين البيئة السلوكية المحيطة به كما أن زملاء المدرسة لهم تأثير كبير في مجاراتهم واكتساب السلوك غير السوي، ويستطرد بقوله إن الدار تقبل الأحداث من سن 12سنة سواء كانوا سعوديين أو أجانب ومن خلال قضاياهم التي تستوجب بقاءهم في الدار وأما أكثر الجرائم الجنائية تصنيفاً للأحداث فهي السرقات سواء المنازل أو السيارات، الجوالات، المحافظ النسائية، التفحيط أو تعاطي المخدرات والتي تتركز على الحبوب والحشيش أو ترويجها، ومنذ أن يقبض على الحدث من قبل الشرطة أو هيئة المعروف الحدث يحال إلى دار الملاحظة الاجتماعية يستقبل من قسم التحقيق يقام له دراسة بحث أولي بالتعرف على هويته الشخصية يتولى الأخصائي الاجتماعي عملية إبلاغ الأهالي بابنهم وأيضا تهيئته نفسياً لدخول الدار وعمل بحث اجتماعي ودراسات معلوماته ومن ثم يحال إلى الفئة العمرية المناسبة لسنه حيث يوجد بالدار ثلاث أقسام من سن 13/12- 15/14/- 18/17/16حتى يكون لكل فئة نشاطها وعملها المستقل مع دخوله الدار يبدأ مرحلة جديدة إذا كان طالباً فيتم متابعة دراسته والتحاقة بمدرسة الدار حسب مرحلته الدراسية ويتم التنسيق مع وزارة التربية والتعليم حيث يدرس فيها نفس المناهج أو يتم التحاقه حسب السنة التي انقطع فيها عن الدراسة والتحقيقات ولاتنتهي التحقيقات معه إلا على حسب القضية أو الجريمة المتعلقة فيه مع ملاحظة أن الضابط المحقق يرتدي اللباس المدني وبحضور أخصائي اجتماعي أثناء التحقيق حتى لاتنتزع منه الاعترافات بالتخويف أو الترهيب وقت التحقيقات كما أن قاضي الأحداث يوجه بالحكم إذا يرى استمرارية إطلاق صراحة بكفالة حسب الجريمة أو جنحة، ولا ينقطع تواصله مع أسرته بزيارتهم له طوال فترة بقائه في الدار.
دخول الحدث في جرائم القتل
ويواصل الأخصائي الاجتماعي عيد البقمي بقوله بأن عدد الأحداث المتواجدين بالدار حاليا والمتورطين في قضايا جنائية 300حدث 7منهم مرتكبو جرائم قتل غير العمد ولكل قضية لها مسبباتها وظروفها الجنائية. الذين تختلف جرائمهم عن غيرهم من الرجال كبار السن الذين يبيتون النية بأنه عازم على القتل، أما الأحداث فتأتي جرائمهم مصادفة كأن تنشأ المضاربات تلقائية في مدرسة أو الشارع وأثناء المضاربة فيقوم الحدث بضرب زميله بحديدة أو حجر أو قلم أو أي ادة حادة ويحصل القتل فتفاجأ الحدث بأن زميلة قد توفي، وأما إمكانية تنفيذ حكم القصاص في حدث إذا ارتكب جريمة قتل العمد فيقول الأخصائي البقمي إمكانية تنفيذه واردة فخلال الثلاث سنوات الماضية تم تنفيذ حكم القصاص بحدث قتل شخصاً من خلال إطلاق نار عليه وكان وقت الحدث 17سنة وأما وقت تنفيذ الحكم عليه عندما تجاوز 18سنة حيث لم يكن فيه صلح من قبل أسرتي القتيل فتم تنفيذ الحكم، وجرائم العمد عادة ينفذ فيها الحكم الشرعي بالقصاص في حال صدور صك شرعي بتنفيذ الحكم الشرعي الذي يمر بمراحل عدة قبل التنفيذ، وفي ختام حديثة أكد على انه لايوجد لدينا في الدار أحداث متورطون في قضايا الإرهاب أولهم علاقة بجماعات التكفير والفكر المنحرف.
سلوك وراثي
مخيمر الحربي الأخصائي النفسي ورئيس القسم الداخلي في الدار يقول أن السلوك العدواني للحدث يتم اكتسابه من قبل الأب والأم داخل الأسرة وقد تكون وراثية والبعض قد يكتسبه من المحيط الذي يعيش فيه وقد تتكون الجريمة لدى نفسية الحدث من مواقف تمثل العدوان أو مشاهدة العنف وقد تكون الجريمة وليدة اللحظة التي تكون بغير تخطيط صدفة وبلا هدف وتختلف جريمة القتل غير المخطط لها عن جرائم السرقات التي يكون مخطط لها مسبقاً.
يذكر الأستاذ ماجد بن طالب المحامي والمستشار القانوني وعضو في هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً الخطوات والمراحل التي يتم التعامل بها مع الأحداث ممن ارتكبوا هذا النوع من القضايا في السجون والمحاكم فيقول يتم تصنيف مراحل التعامل مع الحدث المنحرف ممن ارتكبوا بعض الجرائم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:
@ المعاملة الأمنية وتشمل: القبض، والإيقاف والتحقيق، وتنفيذ الأحكام، وتسجيل السوابق.
@ المعاملة القضائية وتشمل: المحاكمة، ومكان المحاكمة، وكيفيتها.
@ المعاملة الاجتماعية وتشمل: الرعاية الإيوائية الشاملة داخل دور الملاحظة. وسنتناول كل جانب بشيء من التفصيل على النحو التالي وسنتعرض للحديث عن هذه المراحل بدءاً من عملية القبض، ثم الإيقاف، ثم التحقيق، ثم التنفيذ، وأخيراً الإشارة لبعض الإجراءات الخاصة بتسجيل السوابق على الأحداث.
- القبض: وهذه المرحلة تعتبر من أقصر مراحل تعامل الجهات الأمنية مع الأحداث، حيث لا تمتد أكثر من ساعات، وبعد ذلك يسلم لأقرب دار ملاحظة اجتماعية بالمنطقة.
معاملة الاحداث المنحرفين اجتماعياً:
تعتبر هذه المرحلة نهاية المطاف بالنسبة لمعاملة الأحداث المنحرفين بالمملكة، وان كنا لا نستطيع فصل المعاملة الاجتماعية عن المعاملة الأمنية والقضائية لتداخلها وشمول المعاملة الأمنية والمعاملة القضائية لكثير من الجوانب الاجتماعية والتي أخذت بعين الاعتبار من قبل منظمي وواضعي قواعد وإجراءات المعاملة الأمنية والمعاملة القضائية، إلا انه في هذه المرحلة تكون الجوانب الاجتماعية ذات اعتبار أصلي، وتتضح بصورة أكبر من المرحلتين السابقتين، ذلك أن هؤلاء الأحداث ما زالوا في مرحلة المتمكن من إصلاحهم والسلوك بهم إلى الطريق السوي. وأضاف بأنه لايوجد هناك فرق في تطبيق الأحكام والحدود الشرعية بين السعوديين وبين الأجانب، وإن كان في باب التعازير ينظر إلى المصلحة العامة ومدى الجدوى من بقاء بعض المحكومين في السجون أو ترحيلهم واكتفاء شرهم.
ظاهرة تؤثر على أمن المجتمع
أوضح الدكتور محمود شاكر سعيد رئيس قسم الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم والأمنية رأيه بأن جرائم وجنوح الأحداث صغار السن في المجتمع قد غدت ظاهرة تؤثر على أمن المجتمع واستقراره وخططه التنموية في البناء الاجتماعي والأسر بصفة خاصة وان هذه الظاهرة لم تعد جديدة في عالمنا المعاصر ولكنها أختلف أنوعها وتصنيفاتها باختلاف السمات الخاصة بالأفراد والأسر واختلاف الظروف التي يمر بها المجتمع في سنواته المتلاحقة كما أكدت بعض الدراسات الأمنية والاجتماعية أن جرائم الأحداث الآن أنها ظاهرة اجتماعية خطيرة لم يغفل الباحثون الاجتماعيون ولا الباحثون التربويون في دراستهم العلمية شاملة التي تناولت أسباب الجرائم والجنح ومظاهرها وخصائص مرتكبيها والعوامل الاجتماعية والنفسية والإدارية التي تؤدي إليها والتوصيات التي يمكن أن تحد من آثارها ونتائجها. وأضاف الدكتور شاكر بان جامعة نايف للعلوم الأمنية في الرياض قد اهتمت كجامعة متخصصة في الدراسات الأمنية بدراسة هذه الظاهرة من خلال عدة بحوث هامة منها اثر العوامل الاجتماعية في جنوح الأحداث من وجهة نظر الأحداث، والواقع الاجتماعي لأسر الأحداث العائدين إلى الانحراف، الوقاية من الجريمة والانحراف، سوء معاملة الأطفال واستغلالهم غير المشروع وغيرها من الدراسات التي لم تغفل الجانب الاجتماعي للظاهرة إذ ركزت على المستوى التعليمي والاقتصادي للأسرة وترتيب الجانحين في الأسرة، كما حددت الأسباب التي تكمن وراء جرائم جنوح الأحداث والوضع الاقتصادي و اضطرابات النمو والاضطرابات النفسية والبدنية والدوافع الخاصة التي تكون سبباً في دفع الحدث فيمكن تلخيصها إلى نوعين من الأسباب ومنها: الأول أسباب الخاصة بالحدث والثاني الأسباب التي تتعلق بالوسط الذي يعيش فيه الحدث وتتحدد في الوضع الاقتصادي للأسرة تفكك الأسرة بالطلاق أو الانشغال الوالدين رفقاء السوء ووسائل التسلية والأعلام والبطالة.
جنوح الأحداث من وجهة نظرهم:
في دراسة أجراها الباحث حيلان بن هلال الحارثي من جامعة نايف للعلوم الأمنية حول جنوح الأحداث من وجهة نظر الأحداث أنفسهم حيث قال في بحثه إلى أن ظاهرة جنوح الأحداث هي من ابرز الظواهر الاجتماعية المتمثلة بالنظام الاجتماعي في أي مجتمع وخاصة في المملكة لذا كان لزاما علينا إخضاع هذه الظاهرة للدراسة والتحليل لمعرفة الأسباب حيث طبق الباحث على 250فردا في كل من الرياض الدمام وبريده حصل على 197حيث كشفت الدراسة إلى أن 72% من عينة الأحداث يعيشون مع أسرهم مما يعني توفر الجو الأسري
الصحيح. بينت نتائج البحث إلى أن 56% منهم كانت جنحهم السرقة وهذه النتائج مؤكدة أيضا في جميع الدارسات السابقة، كما بينت الدراسة إلى أن 98% منهم يشعرون بالندم على ما ارتكبوه مما يدل على أن إذا توفرت السبل لإرشادهم إلى الطريق الصحيح لأصبحوا أعضاء فاعلين في مجتمعهم وان أهم العوامل التي أدت بالأحداث إلى دور الملاحظة هو مصاحبة رفقاء السوء وغياب الأب كمسؤول في الأسرة، وكما يوجد اتفاق بين الأحداث إلى أن هذه الأسباب المذكورة هي ابرز العوامل التي تؤدي بالحدث إلى الجنوح والجريمة.
علاج الأحداث
يذكر الدكتور شاكر كمتخصص في البحوث العلمية والأمنية بأن أهم الأساليب الوقائية والعلاجية للحد من جرائم الأحداث تأتي في مقدمتها قيام الأسرة بدورها التربوي تجاه أبنائها اذ أن الأسرة ولوالدان على وجهة الخصوص هما الأقدر على اكتشاف ميول الأحداث وتوجيههم الوجهة السليمة إذا تفهما دورهما التربوي تفهما سليما وإما المؤسسات التربوية والاجتماعية والدينية وعلى رأسها المدرسة والمسجد فان دورها عظيم في التوعية والتوجيه وحسن التنشئة للأحداث بما يتناسب مع تقاليدنا العربية ومعتقداتنا الدينية التي تحث على الانضباط والامانه وحسن الخلق وإما المؤسسات الرسمية فيتمثل دورها في فرض التعليم الإلزامي في مراحل التعليم الأساسية ومعالجة جيوب الفاقة والبطالة بين الأوساط الاجتماعية المختلفة لئلا يكون أبناؤها فريسة لقرناء السوء أو المغرضين من أصحاب الأفكار المنحرفة أو الضالة إلى جانب العناية بالظروف الصحية بخاصة لأفراد المجتمع بعامة وللأحداث واستمرار الدراسات التطبيقية التي ترسم حدود الظاهرة وتحدد أساليب معالجتها والحد من آثارها.
الرأي القانوني
يعلق الأستاذ كاتب الشمري محام ومستشار قانوني المحامي والخبير في قضايا قتل الأحداث بقولة تمثل قضية المسؤولية الجنائية للطفل أو الحدث احد أهم المسائل التي تعتني بها الأنظمة القضائية والعدلية وخاصة تلك التي تعالج قضايا الأحداث وترتبط هذه المسؤولية على الغالب بالتعريف الإجرائي لمعنى الحدث ففي جميع دول العالم يحدد القانون سن الحدث بأنه طفل منذ ولادته وحتى بلوغه السن التي حددها القانون للرشد وهي في معظم الدول سن الثامنة عشرة وعرفت اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها المملكة في المادة الأولى بأن الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة مالم يبلغ سن الرشد قبل ذلك، بموجب القانون المطبق علية وفي المملكة حيث أن الشريعة الإسلامية اعتبرت أن مسؤولية الطفل عن تصرفاته وافعالة تثبت بمجرد بلوغه وسلامة عقلة من الجنون حيث ينظر الشرع الحنيف إلى مرتكب الجريمة هل هو مكلف وعاقل على اعتبار أن المكلف هو البالغ ومسئول عن جميع تصرفاته التي لاتقع على الصغير والمجنون حسب أحكام الشرعية الإسلامية لان المسؤولية الجنائية لاتثبت لعدم البلوغ ولغياب العقل ويمثل جنوح الأحداث وهو في معناه القانوني كل فعل مخالف للقانون يرتكبه الحدث ويعاقب عليه احد أهم المشاكل الاجتماعية واعقدها لما تشكله من خطر على مستقبل المجتمعات والدول ويمكن أن تحدد مجموعة من العوامل التي تؤثر وتدفع الأحداث لارتكاب الجرائم.
علاج الأحداث بالتوعية
حول هذا المحور أكد المستشار بن طالب بأن توعية هذا الصنف من الناس هو بتوضيح عقوبة القاتل في الدنيا والآخرة، إشعارهم بالمسؤولية، وأنهم محاسبون على كل تصرف يصدر منهم، وأنهم تحت طائلة القانون ومن بلغ منهم سن الرشد سيكون عقابه أشد، لا أن نشعرهم أنهم أطفال، حتى أن لو أحدهم تزوج وأنجب قبل سن الثامنة عشرة، نسميه طفلاً، أيعقل ذلك؟ وبزيادة جرعة التوعية، من برامج توعوية ثقافية، للآباء، وأنهم هم المسئولون الأولون في انحراف أبنائهم. إرشاد الأمهات إلى الطريقة الصحيحة لتربية النشء، وزيادة الوعي لديهن بمسؤوليتهن تجاه مستقبل الجيل. الاهتمام بالمواد التي تدرس للطلاب، وإدخال فيها ما يساعد على التربية الصالحة وما يقوم سلوكهم.-العناية بمعلمي الصفوف الأولى، واختيارهم بدقة وعناية، وأن يكونوا مميزين خلقاً وعلماً وأسلوبا. التحذير المستمر والتنبيه لما تحمله أغلب الفضائيات من أفكار مضرة بالجيل، هادمة للأخلاق، مرغبة في العنف.
المقترحات والعلاج
يؤكد المستشار القانوني كاتب الشمري بان يجب أن تتركز الدراسات الاجتماعية ومنها دراسات علم الجريمة حول العوامل والدوافع التي تؤدي إلى تحول الطفولة البريئة إلى طفولة دموية واعتقد أنه بالنسبة للجانب القضائي يتوجب النظر إلى الجريمة التي ارتكبها الحدث في سياقها الاجتماعي والنفسي أي عدم النظر إلى الجريمة (كفعل بمجرد) دون البحث في الدوافع والعوامل الاجتماعية والنفسية للحدث ويمكن للمحكمة الاستعانة في سبيل ذلك بمن تراه مناسبا من خبراء علم الاجتماع وعلم النفس والأطباء واعتقد من المناسب أنشاء محاكم مختصة بقضايا الأحداث مما يستدعي وجود قضاة مختصين ومؤهلين علمياً للنظر في هذه القضايا الجنائيه.
تنفيذ حكم القصاص في أحداث
في ختام حديثه يذكر المستشار القانوني ماجد بن طالب خلال السنوات الماضية حول كيفية تم تنفيذ حكم القصاص في متهمين أحداث في قضايا سابقة فقال قبل أن نحدد، هل المقصود بالحدث، وقت تنفيذ الحكم كان حدثاً - تحت سن الثامنة عشرة- أم المقصود بالحدث، وقت وقوع جريمته كان حدثاً، وعلى العموم أذكر أني خلال فترة عملي أشرفت على تنفيذ حكم القصاص، بقاتل، وقعت جريمته، بعد بلوغه سن الرشد، وقبل تجاوزه سن الثامنة عشرة. وأرى من وجهة نظري القانونية في مثل هذا النوع من الجرائم، التي تقع من هذا الصنف من الناس تكون وليدة تهور وطيش غالباً ولكن أيضاً ليست حياة الناس مسرحاً لطيشهم ولهوهم، فإن تركناهم أو تساهلنا معهم أو لم نحسن التعامل مع هذا الطيش والتهور، زلت بنا القدم في وادٍ سحيق، لايعلم قعره إلا الله، لذا، نجد أن الدول التي لا ترى تطيبق حكم الإعدام في من يقل عمره عن ثمانية عشر سنة، يعانون من جرائم القتل التي يدعي ارتكابها أحداث، في حين أن مرتكبها الحقيقي قد تجاوز الثامنة عشرة من عمره، لعلمه وعلم القاتل الحقيقي، أن حكم الإعدام لن يطبق بحقه ولذا قد احتاطت الشريعة لمثل ذلك وجعلت الأحكام تقع ببلوغ سن الرشد والتكليف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.