نقل "بن بيرنانكي" رئيس البنك الفيدرالي يوم الخميس الماضي توقعات متشائمة أخرى للكونجرس الأمريكي، مما ازال اغلب الشكوك باحتمالية استمرار البنك الفيدرالي لقطع سعر الفائدة، حيث الاحتمال الأكبر هو قطعها بنسبة 0.50% في الاجتماع القادم المقرر انعقاده في مارس. كانت نتيجة هذه التصريحات التي أدلى بها "بيرنانكي" تعرض الدولار الأمريكي لموجة بيع لأن آليات الفروق بين أسعار الفائدة عادت لتلعب دورًا من جديد. تضمنت البيانات السيئة التي جاءت يوم الجمعة تقرير ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميتشجان والذي سجل أدنى مستوى له خلال 16عاما، كما تراجع مؤشر "امبير ستات" الصناعي من المستوى المتوقع له عند 6.5ليصل إلى - 11.7.قد يكون أكثر البيانات أهمية الأسبوع السابق هو صافي تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى سندات الخزانة الأمريكية والتي سجلت قراءة 56.5مقابل القراءة المتوقعة التي كانت عند 73.5.وبالتالي أكد هذا التقرير على أن تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية كانت كافية لتعويض اتساع العجز في الميزان التجاري، إلا أن هذه البيانات كانت خاصة بشهر ديسمبر، وسوف يكون من المهم أن نرى إذا ما كانت تدفقات هذه الأموال ستبدأ في التقلص بعد التوترات التي تعرض لها سوق الأسهم خلال شهر يناير الماضي. وكما ذكرنا قبل ذلك عدة مرات، لم يكن تمويل العجز التجاري الامريكي هو القصة الاساسية خلال عدة سنوات وذلك لأن تمويل تدفقات الأموال الاجنبية لهذا العجز يعتبر اكثر من كاف. ولكن إن أصبح هناك انعدام في التوافق بين تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى سندات الخزانة الأمريكية من ناحية وبين العجز التجاري من ناحية أخرى، فسوف ينتقل التركيز الأساسي من القلق بشأن معدل النمو الاقتصادي إلى القلق بشأن حيوية البنية الأساسية للاقتصاد الأمريكية. اليورو لا يزال يجد دعمًا في مكانه، ولكن سيكون لمؤشر مديري المشتريات تأثير مباشر عليه ارتد مؤشر ZEW للأعلى، وجاء الإنتاج المحلي الإجمالي أفضل من التوقعات، وصدرت عدد من البيانات السلبية للدولار من الولاياتالمتحدة، إلا ان اليورو تراجع على نحو مفاجئ. وبعد ان وجد دعمًا تحت مستوى 1.4500، ارتفع اليورو/ دولار بثبات لبقية الأسبوع، متجاوزًا مستوى 1.4700للأعلى قبل ان يفقد زخمه الصعودي. وقد ذكرنا قبل ذلك أن الارتفاع في اليورو كان مدعومًا من بيانات الإنتاج المحلي الإجمالي والذي سجل معدل 0.4% خلال الربع الرابع من العام السابق. وعلى الرغم من ان هذه القراءة جاءت متوافقة مع التوقعات الجماعية، إلا أنها انخفضا بنسبة 50% عن معدلات النمو التي سجلها في الربع الثالث، مما يشير إلى أن معدل النمو في عام 2008قد يتباطأ ليصل إلى 1.7% من 2.3% في العام الماضي. وفي ظل هذا التدهور، يعتقد المحللون أن البنك المركزي الأوروبي قد يبدأ في إعداد السوق لتسهيل السياسة النقدية في بداية الربع الثاني من عام 2008، قد حدّت هذه الأفكار من ارتفاع عملة اليورو. وقد تسببت المخاوف من تغير السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي في وضع مشتري اليورو في موقف لا يُحسَدون عليه، حيث استمر القلق من أن يكون ارتفاع سعر الفائدة الأوروبية عن الامريكية هو أمر مؤقت. وستكون قوة القطاع الصناعي في منطقة اليورو هي العامل الأساسي الذي سيحدد إن كان البنك المركزي الأوروبي سيستمر في موقفه المؤيد لرفع سعر الفائدة. وعلى الرغم من العجز في بيانات الميزان التجاري في منطقة اليورو، إلى اننا ذكرنا أن النظر عن قرب لتفاصيل هذه البيانات يبيّن ان هذه الفجوة بسبب ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة، بينما ارتفعت السلع الصناعية من 222بليون يورو إلى 249بليون يورو. على الرغم من ذلك، فإن سوء البيانات الخاصة بالميزان التجاري من منطقة اليورو جاء معاكسًا لأرقاما لميزان التجاري الأمريكي والتي جاءت أفضل من التوقعات، وهذا يدل على أنه من الجهود الجبارة التي يبذلها المسؤولون الأوروبيون، إلا ان سعر صرف اليورو غير المرغوب فيه يبدأ في فرض ضريبته على الاقتصاد. سيكون تركيز التجار الأسبوع القادم على مؤشر مديري المشتريات بالقطاع الصناعي وقطاع الخدمات. بالنسبة لليورو/ دولار سوف يستمر الاتجاه الصعودي، حيث من المتوقع أن يبقى كلا هذين المؤشرين فوق مستوى 50والذي يمثل الحد الفاصل بين الركود والازدهار. ونظرًا لأن مؤشر مديري المشتريات بقطاع الخدمات يفصل بينه وبين الانخفاض دون هذا المستوى مجرد شعرة، فقد يتعرض اليورو لبعض الضغط إن أظهرت البيانات أن النشاط الصناعي في حالة من التدهور في الوقت الراهن. يبدو ان اليورو يريد تسجيل مستويات جديدة من الارتفاع، ولكنه سيواجه وقتًا عصيبًا قبل ذلك إن جاءت هذه البيانات ضعيفة. الين يعود إلى المخاطرة كما هو متوقع، ترك البنك الياباني سعر الفائدة بدون تغيير عند نسبة 0.50%. وكما ذكرنا يوم الجمعة: كانت المفاجأة الصغيرة الوحيدة من البنك الياباني هي الموقف المؤيد لرفع الفائدة من "فوكي" محافظ البنك. وقد توقع العديد من المحللين أن يشير "فوكي" إلى احتمالية البدء في تسهيل السياسة النقدية مرة أخرى في ضوء النتائج التي جاءت بها مؤشرات ثقة المستهلك والتي سجلت أدنى مستوى لها خلال 6أعوام. إلا أن "فوكي" قال أن أن الاقتصاد الياباني يدور في دورة إيجابية على الرغم من ضعفها، إلا أنه لا يزال سليمًا، محبطًا بذلك أي فكرة تؤكد على تسهيل السياسة النقدية على المدى القريب. ارتفع الدولار/ ين في البداية بسبب صفقات الشراء بالاقتراض، ولكنه تراجع بعد ذلك متجاوزًا مستوى 108.00، حيث أعاد التجار التفكير في كلمات "فوكي". استمر تداول الين معتمدًا على اليات كره المخاطرة والانجذاب إليها. وقد ارتفعت الرغبة في المخاطرة الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت مؤشرات الأسهم في أعقاب عرض "وورن بافت" للمؤمنين على مالكي السندات المحلية، وكذلك بعد ارتفاع بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية. إلا أن الوضع في الأسواق الائتمانية لا يزال غير مستقر، وقد تبدأ الاسهم في الارتفاع مرة أخرى خلال هذا الأسبوع، وبالتالي قد يكتسب الين الياباني قوة مرة اخرى. تضمن البيانات اليابانية الأسبوع القادم مؤشر النشاط الثلاثي الصناعي والتي من المتوقع أن يتراجع، ولكن من المتوقع ارتداد مؤشر جميع النشاطات الصناعية. لا يزال الاقتصاد الأمريكي حساسًا تجاه الطلب العالمي، وسوف تبقى سياسة سعر الفائدة ساكنة حتى يرى البنك الياباني إشارات قوية بتحسن الاقتصاد. ومن المثير للسخرية، من المتوقع ان تؤدي البيانات الاقتصادية السلبية العالمية إلى قوة الين، بينما من المتوقع أن تؤدي البيانات الإيجابية إلى ضعف الين. وبالتالي لا يزال مستوى 105مستوى هاما يراقبه التجار. تقرير التضخم البريطاني إيجابي للباوند إلا أن النظرة المستقبلية للباوند لا تزال متضاربة كان الباوند يرتفع أكثر خلال أغلب الأسبوع الماضي، حيث كان تجار التحليل الأساسي يواجهون سلسلة من المؤشرات المحركة للسوق بشكل إيجابي مع بعض البيانات السلبية. فقد وجد الباوند دعمًا يوم الاثنين عندما اعلنت الحكومة عن المؤشر الخاص بالتضخم. فقد ارتفع مؤشر أسعار المنتجين لعدة أشهر، ومنها شهر يناير. فقد تسبب ارتفاع أسعار المواد الخام في ارتفاع الضغوط على أسعار الدخل، ليسجل التضخم أسرع معدل ارتفاع له خلال 28عاما. وكان التأثير الحقيقي على السوق من مؤشر الإنتاج والذي سجل اعلى ارتفاع له خلال 16عاما. وقد يكون هذا هو سبب توقع لجنة السياسة النقدية لأن يكون التضخم فوق مستوى 2% خلال العامين القادمين، وقد تصل إلى 3% قبل ذلك. وومثل هذه التوقعات كانت مؤيدة للتقليل من قطع سعر الفائدة على اعتبار أن البنك البريطاني قد قطع سعر الفائدة مرتين -مرة في ديسمبر والأخرى في بداية هذا الشهر الجاري. ولكن المؤكد ان القراءات الحالية للتضخم لا تُظهِر هذه الضغوط. فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك 2.2% ونسبة 1.3% للقراءة الأساسية والذي يمثل ادنى مستوى له خلال 17شهرا. ونظرًا لأن لجنة السياسة النقدية قد تخلت عن اعتبارات التضخم، فإن تركيزها الان على معدل النمو. ولا يزال الميزان التجاري نقطة ضعف في الاقتصاد. فعلى الرغم من تحسن القراءة الحقيقة للميزان التجاري لثلاثة أشهر على التوالي، إلا ان يقترب من تسجيل مستوى قياسي للعجز. الأكثر من ذلك، يشكك المؤشر القيادي لمبيعات التجزئة لشهر يناير في حيوية قطاع المستهلك. وعلى الرغم من ارتفاع مؤشر الإنفاق للشهر الرابع على التوالي، فإن الارتفاع الرئيسي ظهر في أسعار الغذاء، بينما تراجعت مبيعات المنازل. من ناحية أخرى، تراجعت معدلات الشكاوى من البطالة للشهر ال 16على التوالي، مما ادى إلى تراجعها إلى ادنى مستوياتها منذ عام 1975.@ محلل مالي