تسعى حكومة الرئيس الباكستاني برويز مشرف لإيجاد تنسيق مع أحزاب المعارضة، وتجرى حالياً مباحثات مكثفة بين الرئيس مشرف وحزب الشعب الباكستاني الذي خلفته الراحلة بينظير بوتو ويرأسه حالياً زوجها آصف علي زداري للوصول إلى صيغة للتفاهم لتقاسم السلطة أو إيجاد ائتلاف بين حزب الشعب والحزب الموالي للرئيس في حال عدم حصول أي منهما على الأغلبية المطلقة في الانتخابات لتشكيل الحكومة المقبلة. وبوضع المعادلات السياسية الصعبة التي تواجهها حكومة الرئيس مشرف في الوقت الحالي في عين الاعتبار، والقوة السياسية التي بدأت تنهض بها أحزاب المعارضة الباكستانية أي حزب الشعب الباكستاني بالدرجة الأولى (بعد اغتيال بوتو) بقيادة آصف علي زرداري وحزب الرابطة الإسلامية بقيادة نواز شريف بالدرجة الثانية، يمكن التوقع بأن الحكومة الانتقالية الحالية قد تلجأ إلى خيار غير متوقع في الانتخابات العامة المقبلة التي من المقرر إجراؤها في الثامن عشر من فبراير الجاري إن لم تتمكن إدارة الرئيس مشرف من الوصول إلى صيغة تفاهم مع هذه الأحزاب، رغم التصريحات المتكررة من الرئيس والمسئولين في الحكومة الانتقالية بأن الانتخابات القادمة سوف تكون حرة ونزيهة. لا يعني ما سبق ذكره بالضرورة بأن وضعية الرئيس مشرف ستصبح صعبة للغاية، ولكنه في الوقت نفسه لا يمكن التغاضي عن بقية التوقعات والاحتمالات، وكان الرئيس مشرف قد صرح في وقت سابق بأنه سيقدم استقالته عن منصبه إن فازت الأحزاب المعارضة له بالأغلبية في الانتخابات المقبلة، وذلك نظراً إلى أنه إن تمكنت الأحزاب المعارضة للرئيس مشرف بالفوز وتمكنت من الحصول على مقاعد ثلثي البرلمان فبإمكانها سحب الثقة من الرئيس بالتالي يضطر الرئيس بتقديم الاستقالة والرحيل عن باكستان وأخذ اللجوء السياسي في أي دولة أوروبية. سيكون إبداء الرأي حول الأوضاع السياسية التي ستظهر في باكستان بعد إجراء الانتخابات المقبلة سابقاً لأوانه، إلا أن الثقل السياسي المدعوم بالتأييد الشعبي الذي يحتفظ به كل من حزبي الشعب الباكستاني وحزب نواز شريف بدآى يدقان نواقيس الخطر وبدآى ينبئان بالكارثة التي يمكنها أن تلحق بالحزب السياسي المؤيد للرئيس مشرف الذي ينظر إليه عامة المواطنين الباكستانيين بأنه حزب مختلق لا موضع له في إبراز رأي الشعب الباكستاني على الرغم من أنه مدعوم من المؤسسة العسكرية الباكستانية إلى جانب الدعم المالي الذي يحصل عليه هذا الحزب من الجانب الحكومي. ففي الفترة المقبلة يمكن للرئيس مشرف أن يكون تحالفاً شعبياً قوياً بعد ضم الحزب (حزب الرابطة الإسلامية مجموعة القائد الأعظم) الموالي له إلى حزب الشعب الباكستاني بعد الدخول في تفاهم سياسي مع آصف علي زرداري (زوج بينظير بوتو) مقابل منحه منصباً مرموقاً في الحكومة القادمة، أو عن طريق الضغط بأن ينضم إليه زرداري مقابل أن تبقى ملفاته الخاصة باختلاس أموال الدولة مغلقة، والتي يمكنها أن تعرقل وصوله إلى أي منصب في الحكومة القادمة قانونياً. يمكن للمؤسسة الحاكمة أن تقوم بإغراء الأعضاء المنتخبين خلال الانتخابات العامة بالمناصب والمكافئات، علماً أنه يمكن لأي عضو سياسي أن يغير انتمائه الحزبي في أي لحظة ما بعد الفوز، وبهذا الخصوص فإن المؤسسة الحاكمة قد تملك أساليباً مغرية، ليتحول البعض إلى جزء من الحزب الموالي للرئيس. التلاعب في الانتخابات المقبلة، وهو من ضمن الاحتمالات الواردة، إذ يمكن للمؤسسة الحاكمة أن تتلاعب بنتائج الانتخابات المقبلة على الرغم من وجود تسعة آلاف مراقب دولي، لأن أجهزة الاستخبارات الباكستانية نفسها ستشرف على أمن صناديق الاقتراع، وفي هذه الحال يمكن للرئيس مشرف أن يشكل برلماناً يحظى فيه بالأغلبية المؤيدة له ليستمبر لمدة خمس سنوات دستورية أخرى.