معظم الرجال وخصوصاً الشباب يرغبون بامتلاك أفضل القدرات والخصائص الجنسية وأن يصبحوا عشاقاً مثاليين مهما كلف الأمر من عناء ونفقة وذلك حتى لو أنهم لا يشكون من أي مشاكل جنسية. فالجنس بالنسبة إليهم من أهم ركائز ومتع الحياة، يوطد شعورهم بالرجولة الكاملة وبالثقة الذاتية وباللذة العارمة. وذلك ما يفسر هاجس الرجال وعدم رضاهم عن حجم عضوهم التناسلي وجودة أدائهم الجنسي ومحاولتهم تعويض هذا النقص الموهوم بالعقاقير والأعشاب والمستحضرات غير الطبية والوسائل غير المعترف بها والعمليات الجراحية وغيرها وذلك عبر آلاف السنين. في الوقت الحاضر ومع تيسير المنشطات الجنسية كالفياغرا والسياليس وليفيترا ونتائجها الممتازة في معالجة العجز الجنسي مع بعض الأعراض الجانبية غير الخطيرة انكب الألوف من الرجال، شباباً وكهولاً، غير المصابين بأي مشاكل جنسية على تناول تلك المنشطات لتحسين طاقتهم الجنسية. فهل من أي فائدة لتلك المنشطات في غياب العجز الجنسي؟ وهل فيه أخطار ومضاعفات خطيرة لها على المدى الطويل؟ وهل ننصح الرجال الأصحاء بتناولها وهل من وسائل متوفرة لوضع حد لسوء استعمالها؟ أسئلة مهمة تتطلب الإجابة العملية الصريحة لها خصوصاً لعدم توفر المعلومات الطبية الدقيقة حولها في وسائل الإعلام العالمية. نتائج متناقضة إن نتائج الأبحاث الطبية حول الاستعمال دون سبب للمنشطات الجنسية خصوصاً من قبل الشباب غير المصابين بأي مشاكل جنسية متناقضة. فمنها ما يبرز فعاليتها الأكيدة ومنها ما ينفي أي حوافز موضوعية لاستعمالها في تلك الحالات. وللتذكير علينا أن نشدد على أن تلك المنشطات لا تزيد الرغبة الجنسية ولا تساهم مباشرة في بلوغ الانتصاب بل ان مفعولها يرتكز على استمرار الانتصاب الصلب نتيجة تثبيطها انزيم فوسفوديستيرز فئة Phosphodiesterase 5 5الذي يكبح انتاج موسع الشرايين والجيوب cGMP داخل الأجسام الكهفية في العضو التناسلي الذي يساعد على المحافظة على الانتصاب الصلب لإكمال العملية الجنسية بنجاح. ففي حال تواجد تركيز طبيعي لهذا الموسع عند بعض الرجال هل ان استعمال المنشطات الجنسية يساعد على زيادة كميته وتحسين الأداء الجنسي أو أن مفعولها يكون محدوداً في تلك الحالات؟ ففي اختبارين ايطاليين قام بهما الدكتوران "فيرسا" و"روشيرا" على رجال أصحاء لا يشكون من أي اضطرابات جنسية عولجوا مناصفة بعقار الفياغرا بالحبوب الكاذبة بطريقة محكمة وعمياء أظهرت نتائجها ان الذين عولجوا بالفياغرا اظهروا تحسناً ملحوظاً بالنسبة إلى زيادة عدد الانتصابات الليلية وجودة الانتصاب وتقصير المدة بين الانتصابات المتتالية. ولكن وللأسف أن هذين الاختبارين شملا بعض الرجال الذين تجاوزوا سن الأربعين والذين قد يكونون مصابين بالعجز الجنسي لاسيما انه حسب عدة دراسات عالمية ان نسبة المشاكل الجنسية قد تصل إلى حوالي 40% عند الرجال الذين تجاوزوا هذه السن، مما يضع علامة استفهام حول تمثيل تلك العينة من الرجال للشباب الأصحاء الذين يستعملون تلك المنشطات ويحول دون اعتبار تلك النتائج معبرة عن نجاحهم في زيادة طاقتهم الجنسية. نتائج أفضل وفي اختبار حديث عرض في المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية لجراحة المسالك البولية والتناسلية الذي عقد في مدينة أناهيم في ولاية كاليفورنيا الأمريكية قام به فريق من الأطباء في مدينة حيفا في فلسطينالمحتلة بإشراف الدكتور غرونولد على 42رجلاً صحيحاً لا يشكون من أي مشاكل جنسية تراوحت أعمارهم بين حوالي - 60 40سنة تم علاجهم بطريقة متتابعة بعقار الفياغرا 50مغ لمدة شهر او بالحبوب الكاذبة فأظهرت نتائجه ان استعمال الفياغرا أعطى نتائج أفضل بالنسبة إلى صلابة الانتصاب ومدته وتقصير المدة بين الانتصابات المتتالية وتأخير القذف وجودة الحياة الاجتماعية والتقدير الذاتي ولكن بدون التأثير على نتيجة الاستقصاء حول تواجد أعراض العجز الجنسي IIEF او الرغبة الجنسية او معدل المنشطات الجنسية، فإنه من البديهي ان نشدد مجدداً على أن شمول هذا الاختبار بعض الرجال المسنين الذين تجاوزوا سن الخمسين ولو كانوا أصحاء من الناحية الجنسية ظاهرياً، إلا أن العديد منهم قد يكونون مصابين ببعض الآفات الكامنة في الأجهزة الوعائية او العصبية التي قد تكون قد تحسنت مع استعمال المنشطات الجنسية مما يشكك بنتائج هذا الاختبار الذي كان يجب عليه ان يشمل الرجال الأصحاء في العقد الثاني او الثالث من العمر لاثبات نتائجه. لا تزال مجهولة اما بالنسبة إلى سلامة تلك المنشطات فرغم ان معظم الاختبارات العالمية أكدتها من ناحية تأثيرها على القلب والأوعية وعدم ترابطها الا نادراً بالمضاعفات الخطيرة خصوصاً في حال تناول المرضى عقار "النيترات" على أنواعه الذي قد يسبب هبوطاً شديداً في الضغط الدموي وأحياناً الوفاة، إلا أن مضاعفاتها في المدى الطويل على عدة أعضاء في الجسم لا تزال مجهولة، إذ أنه لم يتم استعمالها لأكثر من 4إلى 9سنوات وأنها ارتبطت حديثاً مع حدوث بعض حالات العمى وفقدان السمع مما دفع وكالة الغذاء والدواء الفيدرالية الأمريكية على إرغام الشركات المصنعة لتلك المنشطات على إضافة تحذيرات جديدة في النشرات الخاصة المرفقة بهذه العقاقير تشير إلى احتمال حدوث تلك المضاعفات. وبناء على جميع تلك المعطيات وعدم توفر الأدلة العلمية الدقيقة حول التأثير الإيجابي لتلك المنشطات على الطاقة والأداء الجنسي عند الشباب الأصحاء وبسبب احتمال مضاعفاتها على المدى الطويل فإنني شخصياً أشاطر آراء معظم الخبراء ولا أنصح الرجال الأصحاء باستعمالها بطريقة استجمامية إلا اذا كانوا مصابين ببعض الاضطرابات الجنسية كعدم القدرة على بلوغ الانتصاب الصلب والمحافظة عليه لمدة كافية لإتمام الاتصال الجنسي بنجاح او بالقذف السريع او لعدم قدرتهم ممارسة الجنس بطريقة متتالية في غضون بضع الدقائق او الساعات القليلة رغم محاولتهم واذا ما استجابت تلك الأعراض الجنسية للمنشطات. ففي انتظار حصولنا على نتائج علمية ثابتة حول التأثير الإيجابي للمنشطات الجنسية على الطاقة الجنسية عند الشباب والرجال المسنين الأصحاء فلا يسعنا إلا الشك حول مدى فعاليتها وسلامتها على المدى الطويل والتحذير من سوء استعمالها إلا في حالات العجز الجنسي، وعلينا تنبيه الأطباء والصيدلانيين حول انتشار اساءة استعمالها من قبل آلاف الرجال من المرضى الأصحاء مع مخاطر ومساوئ هذا الاستعمال العشوائي لاسيما انه وللأسف يمكن لأي رجل أن يحصل على تلك المنشطات عبر الانترنت أو في السوق السوداء أو حتى في الصيدليات بدون أي وصفة مما قد يسبب لبعض هؤلاء الرجال بعض المضاعفات الوخيمة وأحياناً المميتة اذا كانوا مصابين بأمراض قلبية او وعائية خطيرة او اذا كانوا يتناولون بعض العقاقير مثل النترات مثلاً التي لا تتناسب مع استعمال تلك المنشطات.