يعلم الجميع أن هذه الطاقة (الكهرباء) عنوان الحضارات ويعتبرها البعض معياراً لتقدم الأمم، فلولاها لما كانت هناك صناعات وجدت من أجل راحة البشرية، ولا وجدت المستشفيات المتطورة بالأجهزة الحديثة والمعدات لراحة المرضى وعلاجهم. وقد تقدمت المملكة بخطى حثيثة كي تكون الكهرباء في متناول الجميع إيماناً منها بحاجة الناس الماسة لهذه الطاقة العظيمة. فنلاحظ بين الفينة والأخرى (تشطح) ترتفع فواتير الكهرباء بأسعار مرتفعة وباهظة الثمن فتطال الغني من يستهلك الطاقة القصوى في منزله، وتطال الفقير الذي يعمل بترشيد الكهرباء رغماً عنه فيعيش في ظلام دامس في أرجاء منزله فلا يشعل إلا مصباحاً واحداً وثلاجة فقط للحاجة الضرورية ومع ذلك تأتيه الفاتورة مرتفعة جداً عن استهلاكه وعن الفاتورة السابقة.. فبماذا نفسر ذلك؟ هناك سؤال يتبادر إلى الذهن.. هل الكهرباء تعتبر رفاهية ومن فصيلة الخمسة نجوم؟ حتى ترتفع الأسعار بشكل مطرد معللين الأسباب بموضوع الشرائح واللعب على أوتارها متى ما اقتضت الحاجة لها. الإجابة: طبعاً لا فالكهرباء أصبحت ضرورة حتمية في حياتنا المعاصرة وليست رفاهية. فالدولة عندما خصخصة المؤسسة العامة للكهرباء وتحولت إلى شركة الكهرباء أرادت بذلك خدمة المواطن بأرجاء المملكة ووصول الخدمة لكل منزل وكل مزرعة في الصحراء وبأسعار في متناول الجميع دون أن تخرج عن طاقة المواطن المتوسط الدخل ، فكانت الفواتير في السابق على عهد مؤسسة الكهرباء تأتي الفواتير كل ثلاثة أشهر للمواطن متوسط الاستهلاك بحوالي( 600ريال) والشركة الآن تصدر فواتير شهرية بمبلغ قد يصل للمواطن متوسط الاستهلاك مابين ( 600- 700ريال) لذا نكتشف أن المؤسسة العامة للكهرباء كانت(أرحم) من شركة الكهرباء الحالية. ورغم أن الكل يعرف أن الكهرباء ضرورة من ضروريات التطور الصناعي والعلمي والحضاري فقديماً كان آباؤنا وأجدادنا يستخدمون (السراج) و(لمبة القاز).. الخ، فيلحق بهم الضرر في أعينهم بسبب الدخان المنبعث، وكذلك تلتهب رئاتهم بسبب راحة الدخان والقاز، وعندما دخلت الكهرباء لبيوتنا بدأنا نلتمس طريق التقدم وسارت البلاد شوطاً في طريق التقدم في شتى المجالات بسبب الكهرباء. لذا لا نحمل المواطن فوق طاقته وما لا يستطيع بسبب (التقدم) أو بسبب مشكلة تسرب الكهرباء وعدم السيطرة عليها من قبل الشركة... فيدفع المواطن المسكين الثمن! من المتعارف عليه في الدول المتقدمة أن زيادة الأسعار يجب أن تتم بنسب معقولة ومقبولة دون أن تعتمد على سياسة القفز التي قد تقود للسقوط من على السلم الصناعي والاقتصادي. فمن أجل الفقير المعدم ورأفة بهم ورأفة بالتطور، توقفوا يا معالي وزير الكهرباء أويا شركة الكهرباء عن الزيادة غير المبررة في الفواتير بصورة غير مدروسة مسبقاً، فالزيادات الجنونية لا يقبلها الفكر الاقتصادي، وترشيد استهلاك الكهرباء لا يتم بزيادة الأسعار على المواطن، بل بطرق أخرى أقل كلفة منها غرس المفاهيم الإدراكية الصحيحة لترشيد الاستهلاك والمحافظة على هذه الطاقة العظيمة.