درهم وقاية خير من قنطار علاج؛ حكمة عربية قديمة من المفيد تطبيقها في أمور كثيرة؛ لعل الطب الوقائي في القطاعات الصحية له نصيب من صيغة هذه الحكمة وتطبيقاتها؛ وعندما تم التخلص من الدجاج والطيور في سوق الحمام بالرياض كان الدافع والسبب وقائيا بالدرجة الأولى؛ وتم إعدام كل ضب موجود في سوق الحمام العتيد؛ وهو إجراء بالنسبة للضب ذكرني بالمقولة الشهيرة (الخير يخص والشر يعم) فكان الخير بالنسبة للضب جلبه من البراري الموحشة وإسكانه في سوق مع حيوانات أليفة وطيور جميلة يأكل ويشرب بعد أن كان في البر (يشرب هوا) أو تخنقه عوادم (شكمانات) السيارات أثناء صيده لذبحه والتلذذ بأكل عكرته؛ وعندما حل (الشر) وهي أنفلونزا الطيور كان لزاما التخلص من الكل؛ وما دام أن المسألة فيها تضحية فمن تكون أيها الضب المسكين لتُستثنى من الإعدام؛ هو الخوف من المرض الخطير؛ ولا عزاء للضبان. ورغم قساوة الإجراء على الضبان إلا انه يظل إجراء سليما لمواجهة خطر أنفلونزا الطيور؛ والذي يتنبأ البعض في حال وقوع الوباء وتفشيه عالميا (لا سمح الله) أن يكون كوباء الانفلونزا الذي اجتاح العالم في العام 1918وهي السنة (على ما أظن) التي يطلق عليها الأقدمون في نجد (سنة الرحمة) لكثرة ما مات فيها من البشر آنذاك؛ وإن يكن التصدي لانفلونزا الطيور هذه الأيام يتم بشكل علمي فاعل من الطب الوقائي في وزارة الصحة الموقرة؛ إلا ان التصدي للحمى القلاعية يحتاج إلى المزيد من الجهد من وزارة الزراعة. فهذا مواطن من الإحساء يشتكي من القلاعية التي أدت إلى نفوق الكثير من أغنامه؛ وعندما يبلغ وزارة الزراعة عن إصابات القلاعية التي تهدد ثروتنا الحيوانية؛ لا يأتيه مندوب الزراعة للكشف ويكتفون بإعطائه بعض الأدوية لأغنامه المريضة علها تمنع نفوقها. ومن المؤكد أن إجراءات وزارة الصحة والبلديات في مواجهة خطر انفلونزا الطيور حالفها الكثير من الصواب؛ وعلى النقيض من الإجراء الوقائي والحاسم من إنفلونزا الطيور نجد عدم الحزم في موضوع لا يقل خطورة (التهاب الكبد الوبائي). فقد طالعتنا جريدة الرياض بخبر عن سكان أحد أحياء الرياض ممسكين بحلاق مصاب بمرض التهاب الكبد الوبائي تم تسليمه للشرطة أو البلدية التي كان من الواجب أولا التأكد من إصابته بالتهاب الكبد الوبائي ومنعه من ممارسة مهنة الحلاقة كإجراء احترازي يدخل في درهم الوقاية وقنطار العلاج وتسفير الحلاق إلى بلاده؛ إلا ان الحلاق (كما في خبر الجريدة) أُطلق سراحه ليمارس عمله وينشر المرض؛ فأنصح كل من يذهب للحلاقة بأن يضع كمام (ماسك) على أنفه وفمه أثناء الحلاقة؛ والى سوانح قادمة بإذن الله.