خلال هذا الأسبوع سيلتقي أعضاء مجلس الشورى بمعالي وزير العمل في لقاء متوقع أن يتم خلاله طرح عدد من الاستفسارات والمرئيات حيال مستوى أداء الوزارة والصعوبات التي تواجهها، ومن المؤكد انه سيتم أيضا مناقشة ظاهرة هروب الخادمات والعمالة الأجنبية كظاهرة خطيرة تنصلت كل جهة (وزارة العمل وإدارة الجوازات) من المسئولية حيالها! فقد يكون هذا اللقاء فرصة لتدخل جهة تشريعية بتوصية - وليس فقط طرح الموضوع - لتفعيل مهمة سقطت أثناء نقل اختصاصات الاستقدام والعمالة لوزارة العمل قبل سنوات ولتحديد الجهة المختصة بمتابعة حالات الهروب والتي لديها الإمكانات للقبض على تلك العمالة وترحيلها. فقد سبق لمدير الجوازات أن أوضح بأن كل ما يتعلق بإجراءات العمالة الوافدة من نقل الكفالة والعمل لدى الغير والعمل للحساب الخاص أو خلاف المهنة والتغيب عن العمل (الهروب) هي من اختصاص وزارة العمل ومكاتبها بمناطق المملكة ولم يعد للجوازات مسئولية استقبال المراجعة فيها، إلا ان مصدر قانوني بوزارة العمل اوضح بأن تصريح مدير الجوازات خلط بين الهروب والامتناع عن العمل الذي لايمكن تسميته هروبا، فالامتناع عن العمل يدخل ضمن مسئوليات وزارة العمل بينما إدارة الجوازات هي المسئولة عن ملف الهروب ! ويظهر من ذلك إن هناك غموضاً في تحديد مسئولية كل جهة، وتقاذف للمسئولية عن مشكلة هروب العمالة وكل جهة ترى بأنها ليست معنية بها. وعلى الرغم من مرور عدة سنوات على انتقال مسئولية الاستقدام والعمالة الأجنبية الى وزارة العمل إلا أننا نجد موضوع متابعة هروب العمالة مازال مهملا، وكل جهة تتنصل من المسئولية تجاه مشكلة كبيرة تسببت في وجود عمالة سائبة بأعداد كبيرة ترتكب الجرائم والسرقات بمختلف أنواعها، وأصبحت العمالة تشجع بعضها على الهروب، فكل ما في الأمر في حال القبض عليهم صدفةً ! يتم فقط التسفير الذي لا يمنعهم من العودة فورا ! فالخادمات يحرضن بنات جنسها للهرب للعمل بأجر أعلى وكذلك السائقين والمزارعين والعمال، وأمام هذا الوضع غير الواضح للمسئولية ضاعت حقوق المواطن الذي تحمل قيمة التأشيرة والإقامة، وإذا رغب الكفيل التبليغ عن هروب مكفوله، فإن كل جهة تحيله الى جهة أخرى وبدون أن يتم اتخاذ أي إجراء في ذلك ! فكيف نشتكي من كثرة هروب تلك العمالة ونحن لم نعمل شيئا للحد منها؟ بل إن أي عامل هارب عندما يرغب في العودة الى بلاده يقوم بتسليم نفسه للجهات المختصة كحاج أو معتمر متخلف فقد جوازه فنسهل له أمر العودة بعد استفادته من العمل بالمملكة في الوقت الذي مازال كفيله محتفظا بجوازه وقد يكون مجرما! والأسوأ أن الكفيل عندما يمسك بمكفوله بعد هروبه لأشهر أو سنوات ويقوم بإحضاره يعاقب بطلب شراء تذكرة له لتسفيره! فهل نعلم ماذا يفعل الكفيل؟ انه يقوم بإنزال العامل عند اقرب إشارة للتخلص منه!. إن السبب الرئيس لهروب العمالة ليس فقط عدم وجود جهة محددة تتابع حالات الهروب، بل اتخاذنا لقرارات لايهمنا الآثار السلبية التي قد تنشأ منها أو افتراض بأن هناك جهات اخرى تقع عليها المسئولية في معالجة تلك السلبيات، ومن تلك القرارات تمكين العامل من التنقل داخل المملكة بدون موافقة الكفيل استجابة لمطالبات منظمات دولية بإلغاء بعض القيود على نظام الإقامة والكفالات وعدم الأخذ بالاعتبار حقوق المواطن الكفيل، ولذلك أصبح العامل أو السائق على وجه الخصوص يتطلع لتسليمه الإقامة لكي يهرب ويتنقل ويعمل في أي مكان بالمملكة، والأخطر هو بقاء تلك العمالة مدة طويلة بالمملكة مما يجعلها تتطلع الى ما هو أكثر من حق العمل والإقامة ! فهناك منظمات طالبت دولا بمنح العمالة الأجنبية بها حقوقا أكثر تقارب حق المواطنة! ودبي قبل أسابيع شهدت إضراب آلاف العمال وأعمال شغب كبيرة بسبب تكتلات لتلك العمالة التي رأت بأن لها حقاً في البلد فقامت بمظاهرات وإحراق السيارات، ولأننا ايضا نحب التنظير في أنظمتنا وتعاملاتنا فإنني لا اعلم الهدف من التوجه الجديد لدى وزارة العمل الذي كشف عنه مدير عام الشئون القانونية بوزارة العمل في ندوة "حقوق المواطن والعامل في ظل ترتيبات الكفالة" وهو توجه الوزارة بأن يتم نقل كفالة العامل دون الرجوع لكفيله بعد انتهاء مدة عقده إذا كان ملتزما بالأنظمة! فهذا الأمر سيفتح بابا جديدا لمساومة الكفيل برفع الراتب أو النسبة أو الانتقال لكفيل آخر! ومن هنا تبرز الأهمية لقيام جهة عليا وليكن مجلس الشورى ببحث تبعات أي مشروع قرار تنوي وزارة العمل اتخاذه بهدف منح امتيازات أو تسهيلات لتلك العمالة، كما أن الوضع الحالي يحتاج لوقفة جادة لإنهاء هذه الظاهرة التي تسببت في حدوث مشاكل أمنية عديدة ستكبر مع استمرار تخلي جهاتنا المختصة عن مسئولية إنهائها ومعالجتها!