اطلعت على مقال الأستاذ ممدوح المهيني في عدد يوم الخميس 1429/1/8ه وحرصت على أن أرى بعيني البنات اللاتي تحدث عنهن ماذا يعملن وكيف يجعلن من دورات المياه "أعزكم الله" كوافير يتجملن فيها ثم يخرجن إلى "السوق" كما يخرجن إلى حفلة، بالإضافة إلى الصراخ والضحك وأساليب لفت الانتباه بجميع أنواعه، تقلب إحداهن عينيها صوب الناظرين إليها معلنة الانتصار على دينها وتجاوز كل الحدود والقيم والمبادئ الإنسانية التي تفرض احترام الآخرين والاعتدال في كل شيء!! رأيت هذه المناظر ولم أتفوه سوى ب "هداهن الله" لأن غالبيتهن من العمر الصغير الذي به سفاهة، وهذه الأعمال نزوات سوف يتراجعن عنها عندما يكبرن، والصغار يجب أن يتحملهم الكبار لأن الإنسان لا يعقل ابتداء ولكنه مع مرور الوقت سوف يفرق بين الحق والباطل ولكن!! المخجل المبكي أن يأتي من الكبار من يشجعهم على ما يقومون به وينصرهم على هذا الفعل! ويؤيدهم عليه!. وسؤالي بداية!! ما الوزن الذي يزنه هذا المقال؟ وما النتيجة التي حققها؟ يقول تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). ثانياً: لي فيه بعض الملاحظات: أولاً: ذكر ان المملكة حالياً تعيش مرحلة "ازدهار اجتماعي": وهل المملكة العربية السعودية هي وليدة اللحظة؟! أو ان ليس لها جذور تفتخر بها؟ ما هذا التهميش لجذور الماضي؟. وهل يريد أن يلغي ما كان عليه آباؤنا وأمهاتنا بجرة قلم؟ وما هو الانقلاب المفاجئ الذي سوف يحدث؟! ماذا تقصد بالضبط من "ازدهار اجتماعي"؟؟. ثانياً: ان الحرية والجرأة هما قول الحق في وقته، ان الحرية والجرأة هما اتباع قول الرسول صلى الله عليه وسلم وسلم حين قال: "فليقل خيراً أو ليصمت"، وهما أن يكون للإنسان عقل ناقد وميزان يزن الأمور وغربال يغربلها، ويقول لا بكل جرأة عندما يريد أن يقول لا، لا أن يكون إمعة، كما ان الحرية والجرأة تكونان هباء إذا لم تكونا في محلهما. أما القمع والاضطهاد فهما التقدم للوراء، وهما فصل الدنيا عن الدين والانخراط في ملاهيها ونسيان الهدف الذي من أجله خلقنا، وهما أن يعيش الإنسان دنياه دون أن يتزود لآخرته، التي بها يستقر، وحتى لو كثر المتصفون بهذه الصفات "فهذا لا يعني أن الوضع صحيح" يقول الله تعالى (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون)، "المائدة: 100". ثالثاً: ذكر ان الرجل يعتقد ان المرأة لا يجب أن تكون حرة مثله؟! ومن قال لك بأن الرجل حر أصلاً؟ ليس أحد حراً في هذه الدنيا!! وكل لديه قيود وحدود يجب ألا يتجاوزها، وأي اختلاف بسيط يطرأ على أي منهم سوف يكون محط أنظار للنقد والازدراء ولذلك يجب على الجميع سواء كان ذكراً أو أنثى التصرف في حدود المعقول. رابعاً: وما هي تلك الأوهام القديمة التي تقول ان المرأة أقل منزلة وقيمة من الرجل؟. إنك لم تستشهد بأي نصوص، سواء من القرآن أو السنة أو أي شيء، ترى على ماذا تستند؟. يقول الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم). لا أرى في هذه الآية أي تفضيل بين الرجل والمرأة في "الحرية"، وإنما هو تفضيل تكليف. خامساً: لا أعلم إن كان قد أجرى كشفاً طبياً على بنات المملكة العربية السعودية لكي يقرر أن بنات المملكة والفيصلية هن فقط اللائي يمكنهن التحدث من غير مساعدة مادية كانت أم نفسية أم معنوية. سادساً: ان الالتزام الأخلاقي تحدده أشياء كثيرة كالتربية، ومستوى التدين، والوسط المحيط وليس اللباس فقط، ولكن درجت العادة على أن كل إناء بما فيه ينضح. كما في هذا المقال!. سابعاً: كما ان الذوق الشخصي لا ينفصل بأي شكل عن ذات الإنسان وتفكيره وقناعاته وهو تعبير ونتاج ومؤشر يحكي لنا باختصار عن كنه الشخص الذي أمامنا. ثامناً: ان العباءة هي عبادة تميزت بها المرأة عن الرجل تتعبد بها الله في وقت محدد ومكان محدد ولهدف محدد ومتى ما تغير هذا الرداء سواء في شكله أولونه أو هيئته أو وصف بوصف آخر "أنيق أو حديث".. فقدَ "هدفه" الذي من أجله تم ارتداؤه.. وهذا الأمر لا يتعارض أبداً مع حداثة المرأة وأناقتها في ملبسها وهيئتها.. فالعباءة شيء والملابس والأزياء شيء آخر مختلف. تاسعاً: لا يوجد أي نظام تكون فيه المرأة خاضعة للرجل والدين السمح وهو أعظم نظام في الدنيا أعطى الكل منهم حقه وشرع لكل منهم واجباته وما عليه، وإن كان من الرجال من يتحكم في المرأة أو يهينها أو يسيطر عليها فهذا من الرجل ذاته وتربيته وأخلاقه والدين من عمله براء، يقول صلى الله عليه وسلم: "رفقاً بالقوارير" ويقول صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً" تلك هي وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للرجال. عاشراً: إن النموذج النسائي القديم ليس حزينا على الاطلاق بل هو من كافح وربى جيلاً أنتج الأطباء المهرة والمهندسين والأئمة والخطباء والأكاديميين بجميع تخصصاتهم رجالاً ونساء ومثل هذا العمل لا يتطلب حالة نفسية حزينة وإنما يتطلب شخصية قوية وحالة نفسية على قدر من الاتزان والسيطرة على نفسها أولاً ثم قدرة على السيطرة على من حولها. أخيراً: أبشرك انه لا يزال من النساء من سيعشن في الوضع الذي أطلقت عليه "تعيس" وهن سعيدات بوضعهن هذا ولن يغيرنه مهما كان الأمر بإذن الله وكرامتهن وحريتهن وسعادتهن وثقتهن من نفوسهن كل هذا مستقر في دواخلهن ولم ولن يحتجن إلى نموذج دنيوي ووضعي يتّبعنه ليسعدن إنما نموذجهن سماوي. أما أنت فأرجو أن تسعى في مقالك القادم إلى حذف نون النسوة من بنات الفيصلية والمملكة وكل من يتحلى بالثقة والشجاعة والحرية على شاكلتهن حتى يتساوين بالرجال تماماً. أسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.