كنت أتابع ساعة بساعة حالة الحصار على غزة وكيف أن قطءع الوقود عن مولدات الطاقة الكهربائية أدى الى شلل كامل للحياة في غزة حيث يحاصرها اليهود والبحر والحدود الدولية.. وكيف توقفت المياه العذبة وطفحت مياه المجاري وتعفنت الجثث البشرية في ثلاجات المستشفيات، وكيف يموت الناس جوعاً من نقص الطعام وقلة الدواء .. كنت أتابع الحصار إعلامياً وأرى الحناجر في الداخل الفلسطيني تجأر بالشكوى والنداء ولا مجيب.. ارتفعت حدة أصوات المحاصرين عبر المحطات الفضائية وخلف تغطيات المراسلين وأيضا لا مجيب.. وبدأ العرب والمسلمون يتعاملون إعلامياً مع تلك الحقائق التي يتحدث بها الغرب وما يسميها بالحقوق: حقوق الإنسان، الديمقراطية، حماية الأطفال، رعاية المرضى، الإغاثة الدولية، شعارات المنظمات سقطت على معبر رفح والعريش عندما حطم جياع غزة أسوار الحصار إلى العمق في الأراضي الفلسطينية.. في خطبة صلاة الجمعة الماضية كنت أستمع الى خطاب ديني وإعلامي في جامع أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) شمال الرياض وكان خطيب الجمعة قد تحدث عن حصار غزة وفكك ادعاءات الغرب الحقوقية دون أن ترتفع وتيرة صوته فقد ألهمه الله السكينة والبلاغة فقال الخطيب إذا كنتم تريدونها ديمقراطية أولاً: فأين الديمقراطية الإسرائيلية والغربية لشعب محاصر ويعاقب جماعياً فهل الديمقراطية تجويع شعب بأكمله. ثانياً: إن كنتم تريدونها إنسانياً فأين منظمات الإغاثة الدولية عن شعب محاصر ويموت جوعاً.. ثالثاً: إن كنتم تريدونها طبيةاً فأين أطباء بلا حدود، للمرضى من كبار السن والأمهات والأطفال الذين يموتون بالمستشفيات من نقص الدواء؟ رابعاً: إن كنتم تريدونها بيئياً فأين منظمات صحة البيئة عندما تعطلت مضخات الصرف الصحي وارتدت مياه الصرف والبيارات إلى المنازل وطفحت بالشوارع منذرة بالأمراض.. خامساً: إن كنتم تريدونها حقوقياً فهذا الإنسان في غزة محاصر فأين منظمات الإنسان وحقوق الطفولة وحقوق المرأة وأين الحماية الدولية التي تدعيها الأممالمتحدة.. قال هذا الإمام وخطيب الجمعة الشيخ الفاضل كلاماً حقوقياً بصوت هادئ وعبارة سليمة ويتتبع كما يقال بلمس الكتف على الكتف ووضع الحافر على الحافر يتتبع المنظمات الدولية التي تبحث عن أي كارثة وإن كانت محدودة في أفريقيا أو أي أقلية غير مسلمة في العالم الإسلامي لتسلط عليها ضوء الإعلام وضوء الإغاثة.. السؤال أليس المحاصر في غزة إنساناً أياً كانت هويته مسلماً أو غير مسلم؟ أليس واجباً على المنظمات الأممية إغاثته فلماذا صمتت منظمات حقوق الإنسان والإغاثة الدولية وأطباء فرنسا بلا حدود ومجلس الأمن ومنظمات الرأي العام.. فلو أن كارثة طبيعية: براكين، زلازل، عواصف، أمطار، جفاف، حدثت في أي بقعة من العالم لاعتبرت منطقة منكوبة ولمدت لها الجسور الجوية في المساعدات العالمية اما غزة فقد تركت لإرادة إسرائيل بقطع الماء والكهرباء والدواء لتعاقب شعباً كاملاً رفض الاحتلال وانشغل مجلس الأمن بمسودات المجلس وبصواريخ القسام.