المنصب القيادي في أي موقع سواء كان هذا الموقع يقع في القطاع العام أو القطاع الخاص وسواء كان المنصب إدارياً بحتاً أو إدارياً فنياً، فإن المنصب القيادي هو منصب سياسي بالمعنى الشامل وليس بالتعريف الضيق المعروف. إن من أولى أولويات مثل هذه المناصب العليا حين تسنمها هو التخطيط ووضع أطر للسياسات العامة للمؤسسة والبرامج المحددة بناءً على التخطيط بشقيه الاستراتيجي والتكتيكي. من هنا لا بد لمن يقع عليه الاختيار لهذا المنصب القيادي أو ذاك أن يكون من ضمن قدراته الشخصية وجود نزعة للتخطيط تتمثل في وجود أهداف محددة يخطط لتحقيقها خلال فترة زمنية معينة، أي الإجابة على السؤال المحوري "أين يريد أن يصل بالمؤسسة أو المنشأة خلال فترة زمنية معلومة؟!"، وهي مدة قد تكون محكومة بسنوات محددة ضمن النظام العام للمؤسسة، وهذا يتطلب وجود قدرة على القراءة الفاحصة والمتعمقة والمستنيرة لطبيعة التحولات التي جرت في الماضي والحراك الجاري في الحاضر والذي بموجبه تتشكل ملامح المستقبل مع استشراف لما هو قادم من اتجاهات وتوجهات على ضوء المعلومات والمعطيات المتوافرة آنيا. هذا يقودنا بالضبط إلى مسألة التخطيط وأهمية التخطيط في صناعة المستقبل وبناء المؤسسات الفاعلة والأجيال المنتجة التي تحتفي بقيمة العمل، وهو ما سوف يتم التطرق إليه في مقالين قادمين بمشيئة من عنده علم المستقبل.