عندما تتأمل في احتياجات الإنسان الأساسية منذ أن خلق الله الأرض وما عليها نجد أن المسكن يقف مع الطعام والأمن على رأس تلك الاحتياجات، ولما يوفره المسكن من أمان، بحث عنه الإنسان طيلة حياته على امتداد الحضارات الإنسانية، مثلما أكدت الفلسفة الإسلامية في مضامينها الخيرة، المتعددة، على أهمية إعمار الأرض، والسكن المريح لبني البشر. ولابد أن نشير هنا إلى أن من ضمن الخطط الطموحة التي وضعتها قيادتنا الحكيمة في تمكين مواطني هذه الأرض المعطاءة من العيش برخاء ورفاهية كانت أولوية المسكن، وبالطبع لا يمكن أن ننسى أن نشير إلى ما قدمه ويقدمه صندوق التنمية العقاري من تذليل للصعاب أمام المواطنين في هذا الأمر الحيوي ومساعدتهم في تملك مسكن مناسب بأيسر السبل. ومشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري يأتي ضمن دائرة المشاريع الخيرية التي تستحق منا الفخر والإعجاب؛ إضافة إلى (التأمل) في أهدافها للعديد من الأسباب التي يجيء على رأسها ما أشارت إليه خطط وأهداف المشروع، وهو "تنمية الإنسان من خلال الإسكان"، وهذه الجملة الأخيرة تذكرني بالمثل الصيني القديم: "إذا أردت أن تعمل خيراً في إنسان بدلاً من أن تعطيه سمكة.. علمه كيف يصطادها".. أي أن لا يكون من فعل الخير آنياً وظرفياً، وبمعنى آخر ان يكون العمل الخيري قادراً على تطوير قدرات الإنسان بما يفيده في المستقبل؛ وهذا بالضبط ما يقوم مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري بعمله؛ إذ تركز إدارة المشروع في أعمالها على "تقديم برامج تدريبية وتنموية للسكان دون مقابل من أجل تأهيلهم ومساعدتهم على التحول من معتمدين إلى منتجين يملكون عدداً من المهارات الحرفية والمهنية تخولهم للانخراط في سوق العمل". وهنا أقول بأن مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري ليس مجرد سكن لفئة من المواطنين ضاقت بهم ساحات العيش وحاصرهم الفقر، بل إنه عمل خلاق، يحتذى به، ويصب في إطار التنمية المستدامة، والنظرة المستقبلية التي تدرك بأن تنمية الإنسان تأتي من خلال تحويله إلى طاقة قادرة على الإنتاج والإبداع. هذا الاحتضان للمحتاجين ومساعدتهم على تنمية قدراتهم الذاتية للخروج من دائرة الفقر يشكل أول أهداف المشروع الخيري الذي يقوم على التبرعات، ويسعى للحد من المظاهر والسلوكيات المنتشرة في أوساط الفقراء والتي تزيد فقرهم فقراً. والشيء المبهج في هذا المشروع أن ثماره امتدت لتشمل محافظات الخرج والمزاحمية وشقراء والزلفي وضرماء والقويعية، منها ما وضع حر الأساس له ومنها ماهو تحت التصاميم مما يعطي دلالة على الأبعاد الخيرية المستقبلية لهذه المؤسسة الإنمائية بتغطية كافة المحافظات التابعة لمنطقة الرياض. إنه حقاً عمل جبار، ورائع، وجدير بالإسهام فيه والوقوف إلى جانب القائمين عليه لما يقدموه من مضامين خيرة وإنسانية عديدة تصب في إطار التوجيهات الحكيمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وقائد مشروع الإسكان الخيري محققاً هدف تنمية الإنسان من خلال الإسكان.