حظي القطاع المالي في المملكة باهتمام خاص في مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي يشرف على تنفيذ برامجها وتحقيق توجهاتها بشكل مباشر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، وكان أبرز ما تحقق في تطوير هذا القطاع العمل على تعزيز وتطوير التوجه نحو نحو تنويع موارد الدولة، وعدم الاعتماد على النفط كمورد وحيد وأساسي يغذي ميزانية الدولة ويضخ في أوردة القطاع الحكومية مصاريف مشروعات الدولة والاستحقاقات التي تعود للمواطن بشكل مباشر وغير مباشر. وقادت وزارتا المالية والاقتصاد التخطيط، وقطاعات الدولة ذات الاهتمام بالجوانب المالية مثل البنك السعودي المركزي "ساما" وهيئتا الزكاة والضريبة والجمارك وكفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية مسيرة تطوير القطاع المالي وفق الرؤية وتحقيق التوجه نحو تأسيس هيكلة مالية متطورة للدولة وفق إصلاحات مستمرة منذ انطلاقة الرؤية في 2016، ونحن نواكب في الوقت الراهن نعيش الذكرى الثامنة لولاية عراب الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان مسؤولية ولاية العهد، فإننا نلمس النمو والتطوير في قطاعات متعددة تعمل وفق استراتيجية واضحة، وتتعاون أجهزة الدولة وبشراكة واسعة مع القطاع الخاص لمواصلة مسيرة نماء وازدهار للاقتصاد السعودي نوه بها صندوق النقد الدولي وجهات عالمية محايدة، كما أكدتها تواصل المسيرة الإيجابية للتصنيفات الائتمانية للاقتصاد والتفاؤل بتحقيقه قفزات نمو متصاعدة. التنويع.. ركيزة أساسية ووفقاً لتقارير حديثة من وزارة المالية فإن المملكة العربية السعودية تعتمد في إيراداتها على مجموعة متنوعة من الموارد التي تشكل الركيزة الأساسية لاقتصادها الوطني. وتأتي إيرادات النفط والغاز في طليعة هذه المصادر، مستندة إلى ثروة المملكة من الطاقة، كما تسهم الإيرادات غير النفطية بدور متزايد، وتشمل عوائد الزكاة والضرائب، والرسوم المتنوعة، إضافة إلى الإيرادات الناتجة عن الاستثمارات الاستراتيجية. ومن جانبه يدير صندوق الاستثمارات العامة هذه الاستثمارات بفعالية، من خلال محفظة مشروعات متكاملة في الداخل والخارج تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتحقيق تعزيز الاقتصاد الوطني، وتقليل الاعتماد على النفط، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، وهذه الجهود تسهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام يعزز مكانة المملكة في الأسواق العالمية. الميزانية السنوية للدولة وينظر إلى الميزانية السنوية للمملكة العربية السعودية كمحطة محورية ضمن مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تقودها حكومة المملكة تحت مظلة رؤية السعودية 2030، وتتولى وزارة المالية إعدادها وفق عملية منهجية تبدأ بمرحلة التحضير ثم الاعتماد، وصولاً إلى التنفيذ، مستفيدة من برامج الأتمتة لتعزيز كفاءة الأداء، وتشمل الميزانية التعريف بمستهدفاتها المالية للعام الجاري، إلى جانب تقارير الأداء التي توضح مؤشرات الإنفاق عبر القطاعات المختلفة، كما تسلط الضوء على أبرز المشروعات التي تشكل نقطة تحول نوعية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتُظهر التوقعات الأولية لعام 2025 تحقيق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لنمو بنسبة 4.6 %، بدعم من زيادة في الناتج المحلي الإجمالي للأنشطة غير النفطية. هذا النمو يأتي كنتيجة للإصلاحات الاقتصادية والمجهودات المبذولة لتسريع التنويع الاقتصادي بهدف تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، بالإضافة إلى ذلك، تساهم البرامج والمبادرات التي تمكن وتحفز القطاع الخاص في جعله العامل الرئيس للنمو الاقتصادي، وفي المساهمة بخلق فرص عمل جديدة ومستدامة في سوق العمل، كما يستمر التنفيذ الفعال لبرامج ومشروعات رؤية السعودية 2030 كونها الأداة الرئيسة لتحقيق أهداف التحول الاقتصادي. شفافية لضمان الاستدامة وترتبط ميزانية الدولة بتحقيق أهداف وغايات رؤية 2030، وتُلزم وزارة المالية بتوضيح إعدادها للميزانية بشفافية لضمان الاستدامة بما يحقق التطلعات المستقبلية، وتخضع الميزانية للتدقيق التشريعي والتنظيمي، وتستند إلى النظام، ويشترط النظام الأساسي للحكم والميزانية العامة للدولة على جميع الجهات الحكومية تطبيق مبادئ حوكمة الميزانية، ومن أبرزها تحقيق الشفافية والموثوقية وإمكانية التوقع للسياسة المالية، والعمل بسياسة التوافق مع رؤية السعودية 2030 وأي استراتيجية أو أولوية وطنية أخرى، وكذلك مناقشة شاملة وتشاركية فيما يتعلق بالتخطيط للميزانية، وإتاحة بيانات ووثائق مفتوحة مع شفافية وقابلية للوصول. وتتوالى إنجازات برامج رؤية 2030 على أرض الواقع، وتحقق أهدافها كاملة قبل موعدها، في إشارة إلى العمل الدقيق والمتقن والسريع من مؤسسات الدولة؛ لتحقيق الأهداف المحددة في وقت قياسي، بوتيرة سريعة، تعكس رغبة الدولة، والمواطن السعودي في مسابقة الزمن من أجل بناء السعودية الحديثة، وتعزيز أركانها بحسب مستهدفات الرؤية، وتطلعاتها الشاملة، وعلى رأسها الاقتصاد الوطني، الذي حوَّل بوصلته من اقتصاد يعتمد على دخل النفط إلى اقتصاد متعدد المصادر. وفي هذا الشأن ننوه ببرنامج "الاستدامة المالية" كواحد من أوائل برامج تحقيق رؤية 2030، التي تبرز إنجازاتها الأخيرة في قرار مجلس الشؤون الاقتصادية، بإنهائه بعد أن حقق أهدافه كاملة قبل عام 2030، وكان قد أُطلق بنهاية عام 2016م باسم برنامج تحقيق التوازن المالي، وتحوَّل فيما بعد إلى برنامج الاستدامة المالية. وخلال هذه السنوات حقق البرنامج حزمة أهداف، تشتمل على قدرته على تعزيز التحول الإيجابي في المالية العامة للمملكة، من خلال تطبيق إصلاحات مالية استراتيجية، وإنشاء كيانات فعالة، ساعدت في تنويع مصادر الدخل، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحسين قدرات التخطيط المالي. تعظيم الإيرادات ويضاف إلى سلسلة الإنجازات تحقيق البرنامج التوازن المالي ومراقبة واستشراف الأداء المالي بهدف تعظيم الإيرادات النفطية وغير النفطية، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وإدارة المخاطر المصاحبة لذلك، مع الاحتفاظ باحتياطيات مالية مناسبة، وقدرة عالية ومستدامة على الاستدانة من الأسواق المالية المحلية والدولية، وفقًا لاستراتيجية الدَّين العام متوسطة المدى؛ وذلك لتحقيق الاستدامة المالية. وعلى مدى سنوات الرؤية الماضية شهد برنامج الاستدامة المالية تنفيذ مبادرات عدة، حققت أهدافه، منها: رفع كفاءة الإنفاق الحكومي التشغيلي، وتأسيس وحدة الشراء الاستراتيجي، وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، إلى جانب مواصلة تحقيق أهدافه من خلال تنفيذ الإصلاحات المالية المقرة في البرنامج، منها، حساب المواطن، وحزم التحفيز للقطاع الخاص، وتطبيق المقابل المالي على الوافدين، وضريبة القيمة المضافة، وتصحيح أسعار الطاقة، وزيادة الرسوم الجمركية على بعض السلع المتعلقة بالمنتجات الضارة، وأثبت البرنامج فاعليته وكفاءته كذلك خلال جائحة كورونا؛ بإسهامه في مراقبة واستشراف الأداء المالي؛ بهدف تعظيم الإيرادات النفطية وغير النفطية، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي وإدارة المخاطر المصاحبة لذلك، مع الاحتفاظ باحتياطيات مالية مناسبة، وقدرة عالية مستدامة على الاستدانة من الأسواق المالية المحلية والدولية وفقًا لاستراتيجية الدين العام متوسطة المدى. وتعتبر برامج تحقيق رؤية 2030 كيانات متوسطة المدى، استُحدثت معظمها بعد إطلاق الرؤية، باعتبارها الأدوات الأساسية للتنفيذ، التي أسهمت بشكل فاعل خلال السنوات الماضية في تعزيز مستويات التعاون بين المنظومة، وسرَّعت وتيرة الإنجاز وتجاوز الرؤية لعدد من مستهدفاتها الطموحة. قطاع التقنية المالية حقق قطاع التقنية المالية (Fintech) في المملكة تطورًا هائلًا خلال السنوات الأخيرة، بفضل رؤية 2030 التي تسعى إلى تحويل المملكة إلى مركز مالي وتقني متقدم، تهدف التقنية المالية إلى دمج التكنولوجيا بالقطاع المالي، مما يسهم في تقديم حلول أكثر كفاءة ومرونة، ويساعد في تحقيق الشمول المالي وتحويل الاقتصاد إلى بيئة غير نقدية تعتمد على الدفع الإلكتروني. * العوامل الداعمة لتطور التقنية المالية في السعودية أ. الرؤية السعودية ودعم الحكومة حيث تسعى الرؤية إلى تعزيز التحول الرقمي وتقليل الاعتماد على النقد، من خلال تشجيع الشركات الناشئة، تحديث القوانين، والاستثمار في التكنولوجيا المالية. ومن أهم المبادرات الحكومية: * إطلاق "فنتك السعودية" عام 2018 لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة في التقنية المالية. * التوسع في بيئة "التجربة التشريعية" التي تتيح للشركات اختبار منتجاتها وخدماتها قبل الحصول على الترخيص الرسمي من البنك المركزي السعودي (ساما) أو هيئة السوق المالية. * تبني نظام المدفوعات الفورية "سريع" الذي يتيح التحويلات المالية بين البنوك في ثوانٍ معدودة. * إطلاق البنك المركزي السعودي للعملة الرقمية التجريبية لاختبار إمكانيات تبني العملات الرقمية الوطنية مستقبلاً. ب. زيادة الطلب على الحلول الرقمية انتشار الهواتف الذكية والإنترنت بين السكان، مما جعل الخدمات المالية الرقمية أكثر قبولًا. تزايد الاهتمام بالدفع الإلكتروني بعد جائحة كورونا، حيث ارتفعت نسبة التعاملات غير النقدية إلى 70 % من إجمالي المعاملات المالية. ج. نمو الاستثمارات في قطاع الفنتك استقطب القطاع استثمارات تجاوزت المليار دولار في السنوات الأخيرة، مما يعكس الثقة المتزايدة في السوق. وجود صناديق استثمارية متخصصة، مثل "صندوق فنتك" وصندوق الاستثمارات العامة لدعم الشركات الناشئة في هذا المجال. 1. مجالات التقنية المالية في السعودية يشمل قطاع الفنتك السعودي مجموعة واسعة من الخدمات المالية، من بينها: أ. أنظمة الدفع والتحويلات الإلكترونية انتشار المحافظ الإلكترونية مثل STC Pay، Apple Pay، مدى Pay، UrPay، BayanPay. تقديم حلول دفع مبتكرة للتجار عبر الإنترنت مثل Tabby وTamara التي توفر خدمة "اشتر الآن وادفع لاحقًا". ب. الخدمات المصرفية الرقمية أصبحت الحسابات المصرفية الرقمية أكثر انتشارًا، حيث توفر كل البنوك خدمات مالية بدون الحاجة إلى زيارة الفروع، وتقدم بعض البنوك روبوتات دردشة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدة العملاء. ج. التمويل الرقمي والإقراض الإلكتروني ظهور منصات الإقراض المباشر التي تسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة بالحصول على تمويل دون الحاجة إلى البنوك التقليدية. استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل المخاطر وتقديم قروض مخصصة للأفراد والشركات. د. الاستثمار والتداول الإلكتروني انتشار التطبيقات المالية التي تمكن الأفراد من الاستثمار بسهولة. نمو التمويل الجماعي، حيث يمكن للمستثمرين دعم المشروعات الصغيرة مقابل أرباح مستقبلية. ه. التأمين الرقمي (Insurtech) ظهور شركات توفر التأمين الرقمي الفوري، حيث يمكن شراء التأمين وتجديده عبر الإنترنت في دقائق. و. حلول الفنتك الإسلامي تقديم حلول مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، مثل: التمويل الإسلامي، الصكوك الرقمية، والزكاة الإلكترونية. التقنيات الحديثة المستخدمة في الفنتك السعودي أ. الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات تستخدم الخوارزميات الذكية لتحليل أنماط الإنفاق وتقديم توصيات مالية للأفراد. تطوير روبوتات محادثة ذكية تساعد العملاء في إجراء المعاملات بسهولة. ب. تقنية البلوك تشين (Blockchain) استخدامها في تحويل الأموال، العقود الذكية، وإثبات الملكية الرقمية، مما يعزز الشفافية والأمان في المعاملات المالية. اختبار العملة الرقمية السعودية كجزء من مستقبل الاقتصاد الرقمي. ج. الحوسبة السحابية وأمن المعلومات الاعتماد على الخدمات السحابية لتوفير أنظمة مالية مرنة وسريعة. تعزيز الأمن السيبراني لحماية بيانات العملاء من الاختراقات. 1. التحديات التي تواجه قطاع التقنية المالية في السعودية رغم النمو الكبير، لا يزال القطاع يواجه بعض التحديات، مثل: 1. التنظيمات والتراخيص: تحتاج بعض الشركات الناشئة إلى وقت طويل للحصول على التصاريح القانونية للعمل. 2. الثقة والوعي: لا يزال بعض الأفراد يفضلون التعامل النقدي بسبب القلق من الاحتيال الرقمي. 3. المنافسة القوية: وجود عدد متزايد من شركات الفنتك يتطلب ابتكار حلول جديدة للبقاء في السوق. 4. الأمن السيبراني: تحتاج الشركات إلى أنظمة حماية قوية لمنع الهجمات الإلكترونية وسرقة البيانات. 5. مستقبل التقنية المالية في السعودية أ. الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي تحسين أنظمة التحليل المالي وتقديم توصيات ذكية للمستخدمين. تطوير حلول تنبؤية تساعد الأفراد والشركات في التخطيط المالي. ب. توسع استخدام العملات الرقمية احتمالية إطلاق الريال الرقمي السعودي لتعزيز المدفوعات الرقمية. تكامل البلوك تشين في الخدمات المصرفية لحماية المعاملات. ج. تعزيز الشمول المالي تقديم حلول مالية للأفراد الذين لا يمتلكون حسابات بنكية عبر المحافظ الرقمية. تطوير خدمات مالية تلبي احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة. د. تكامل أكبر بين الفنتك والبنوك التقليدية البنوك الكبرى تتعاون مع شركات الفنتك لتقديم خدمات رقمية متطورة. تطوير منصات تتيح للعملاء إدارة جميع حساباتهم المالية من خلال تطبيق واحد. تعتبر السعودية اليوم من الرواد في مجال التقنية المالية بالمنطقة، وتسير بسرعة نحو تحقيق التحول الرقمي الكامل في القطاع المالي. بفضل الدعم الحكومي والاستثمار في الابتكار، ستستمر التقنية المالية في التوسع، مما يجعل الخدمات المالية أكثر سهولة، أمانًا، وكفاءة للمستخدمين. عمل مؤسسي متكامل لتطوير وسائل الدفع الإلكتروني وحصر استخدام الكاش مبادرة فنتك السعودية تغير توجهات التعامل مع القطاع المصرفي السوق المالية السعودية مرت بمراحل تطوير واسعة