عندما كانت منال العويبيل تسأل وهي صغيرة عما تريد أن تصبح عندما تكبر كانت تجيب «كاتبة»، كبرت وهي مغرمة بالقراءة والفن والجمال والحياة والقلم، ولا تزال تحتفظ بأولى محاولاتها للكتابة وتدين بالفضل في انحيازها للكتابة إلى والدها القارئ النهم الذي كما تقول يملك مكتبة ضخمة مليئة بالنوادر والطبعات الأولى لمختلف الشعراء والأدباء والفلاسفة وهو الذي شجعها ودعم خربشاتها منذ صغرها، تابعت منال تحصيلها الجامعي بجامعة الملك سعود بتخصص تربية فنية 2006م، التي طوّرت مهاراتها وفنها وذائقتها وملكات البحث الفني والنقد والفلسفة لديها، روحها متوثبة لما هو جديد وخلاق جمعت بين الإعلام والإبداع والثقافة والرسم، شعلة متوقدة من العطاء والعمل والمثابرة، فهي ترى أنه إذا كان للحياة جزعها وحزنها وألمها، أيضاً لها جمالها وبهاؤها وطهارتها. العويبيل حفيدة أحد الرواد الذين دخلوا الرياض مع الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأول من نادى في قصر المصمك، إن الملك لله ثم لعبدالعزيز، ترى الرسم والنحت والموسيقى والرقص من منطلق أرسطو الذي اعتبره أشكالاً شعرية، والدراسات الجمالية اتفقت على وجود جوهر فني واحد، في مختلف الفنون القولية والبصرية والسمعية، واعتبار كل منها «كائناً» ينتمي إلى «مملكة الفن الواسعة» كما عبر هيجل، هكذا ترى منال الحياة التي عشقتها، وتقول أيضاً في ورش الكتابة الأدبية يقولون: «اكتب ما تعرف، اكتب عن نفسك» بينما أنا كنت أكتب لأنجو كما عبرت صراحة في مقدمة كتابي. ما كان مفصلياً في حياة العويبيل مشاركته بكتابة حلقة «المبتعث» في طاش 18 عام 2011 مع النجمين ناصر القصبي وعبدالله السدحان، تقول: «هذه الحلقة فتحت شهيتي للعمل الفني والدراما والغوص في تفاصيل الحياة اليومية للناس وهي من المشاركات التي أفتخر بها». اليوم منال وهي تبحث عن طرق ووسائل لمواصلة أعمالها الفنية، فاجأتني بمشاركتها بقوة بعمل الموسم الرمضاني الأول «شارع الأعشى» بتطوير مشاهده وحواراته، وبناء شخصياته وكانت بصمتها واضحة في الفكرة والسيناريو كونها ابنة تلك الأحياء والأزقة القديمة بالعاصمة الرياض، وكانت تلامس الأشياء المنسية في الدراما السعودية، أو الأشياء التي لم تلامسها إلا لماماً، تحلم دائماً أن تقدم عملاً شبيهًا لها فاتحة كل النوافذ أمام كل الاتجاهات وعبور كل الرياح دون أن تقتلعه من جذورها، ولم تكتفِ منال بنفسها بل طورت مبادرات وطنية لدعم المواهب الشابة في صناعة الأفلام والقطاعات الإبداعية، تراكمها الثقافي يدفعك ببساطة لتصنيفه ضمن قائمة المثقف العضوي فهي تصنف ككاتبة وفنانة ورسامة وصاحبة رسالة إعلامية. في عام 2017م أصدرت ديواناً شعرياً بعنوان «العلاج بالكتابة: الحياة باعتبارها مصحًا جماعيًا» عن دار أثر، الذي حمل جزءاً كبيراً منها، بعد عدة تجارب إبداعية تنوّعت بين الكتابة الصحافية والتحرير الثقافي والاشتغال التشكيلي في الرسم والتصميم. منال العويبيل