لم تغفل «رؤية 2030» عن الاهتمام بالمستقبل فحرصت من خلال جميع برامجها ومبادراتها على الاستعداد للمستقبل لضمان مواجهة مختلف التحديات المتغيرة والمستقبلية وتحقيق الاستدامة التي تضمن مستقبلا أفضل للأجيال القادمة، وسعت في عموم استراتيجياتها على تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار للمجتمع، وكان للاستثمارات المحلية والدولية والابتكار نصيب وافر في ذلك، فتم إنشاء الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار لتكون مرجعا يعمل على تحقيق التكامل والتعاون بين مختلف الجهات لتحفيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز الاستثمارات الوطنية، ودعم المستثمرين الوطنيين، للوصول إلى النمو الاقتصادي المنشود، ولتوفير فرص عمل نوعية وتعزيز الابتكار ونقل المعرفة لتتحقق الاستدامة التنموية في المملكة والتنافسية اقتصادها بدأ بالوصول إلى مستهدفات الرؤية المعلنة في ذلك المنحى، وهي مضاعفة الاستثمارات السنوية بمقدار ثلاث أضعاف بحلول عام 2030 وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية بأكثر من 20 ضعفا من 17 مليار ريال سعودي في عام 2019 لتصل إلى 388 مليار ريال سعودي في عام 2030 وزيادة نسبة الاستثمارات من إجمالي الناتج المحلي من 22 % في عام 2019 إلى 30 % في عام 2030 وتحفيز الاستثمارات في القطاعات القائمة والقطاعات الناشئة عبر إتاحة الفرص الاستثمارية الواعدة والنوعية في القطاعات الاستراتيجية مثل التقنية، والصناعة، والسياحة، والنقل، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، تسارع تسويق الاستثمار وتمخض التسارع الكبير في تسويق الاستثمار داخل المملكة وخارجها وفي التعريف بمزايا الاستثمار في المملكة وفرصه وحوافزه عن العديد من النجاحات، حيث شهدت السعودية التي تطمح لأن تكون قوة صناعية كبيرة، نحو 50 فرصة استثمارية صناعية مطورة بقيمة إجمالية بلغت 96 مليار ريال سعودي بنهاية عام 2023، وسجل الاقتصاد السعودي نموًا بنسبة 1.3 % خلال العام 2024 مقارنة بالعام السابق2023 وحقق القطاع غير النفطي نموًا ملحوظًا على حساب القطاع النفطي إذ ارتفع الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بنسبة 4.3 %، ليعكس بذلك استمرار جهود تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، تماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، وسجلت الأنشطة الحكومية نموًا بنسبة 2.6 %، ما يشير إلى دور الاستثمارات الحكومية في دعم الاقتصاد، كما حققت معظم الأنشطة الاقتصادية معدلات نمو إيجابية خلال عام 2024، حيث سجلت أنشطة تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق أعلى معدلات النمو بنسبة 6.4 %، وأنشطة خدمات المال والتأمين وخدمات الأعمال حققت نموًا بنسبة 5.7 %، وأنشطة الكهرباء والغاز والماء حققت نموًا بنسبة 4.9 %، وأنشطة الزيت الخام والغاز الطبيعي شهدت انخفاضًا بنسبة 6.4 %، وحقق الإنفاق الاستهلاكي النهائي الخاص نموًا قدره 3.2 %. وأظهر تقرير مرصد المنشآت الصغيرة والمتوسطة للربع الرابع من 2024، زيادة في عدد السجلات التجارية بنسبة 67 % على أساس ربع سنوي ليصل مجموعها إلى 1.6 مليون سجل، تمركزت معظمها في العاصمة الرياض بنسبة 39 %، تليها منطقة مكةالمكرمة بنسبة 17 %، والمنطقة الشرقية بنسبة 16 %، ثم منطقة القصيم بنسبة 6 %، ومنطقة عسير بنسبة 5 %، بينما تم توزيع بقية السجلات التجارية على باقي المناطق بنسبة 17 %، وبين التقرير أن جل التركيز في أداء المنشآت كان منصبا على الاستدامة، وأن أبرز الاتجاهات التي تتبناها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تتمحور حول الاقتصاد الدائري والطاقة المتجددة، وإعادة التشجير، والمشاريع البيئية الكبرى، وتطوير السياحة البيئية، واعتماد السيارات الكهربائية، إلى جانب التعاون مع المبادرات الحكومية والمساهمة في تقارير الاستدامة. الاستراتيجية الوطنية للصناعة ومن خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة، التي تم إطلاقها في أكتوبر عام 2022، تسعى المملكة بكل قوة لدفع عجلة النمو في ذلك القطاع لتصل أعداد المصانع إلى نحو 36 ألف مصنع بحلول عام 2035، وهو هدف غير بعيد في ظل نمو عدد المنشآت الصناعية القائمة في السعودية منذ إطلاق «رؤية 2030» بمعدل 60 في المائة إلى 11549 مصنع في عام 2023، بعدما سجل 7206 في عام 2016، في إطار مستهدفات البلاد الرامية إلى تنويع الاقتصاد، وخلق مستقبل أكثر استدامة. كما حصلت المملكة على المركز الثالث عشر على "مؤشر ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر" لعام 2025 الصادر عن شركة " كيرني"، لتعزز بذلك مكانتها كإحدى الوجهات الاستثمارية العالمية، بعد أن أصبح أداء المملكة أفضل من متوسط دول مجموعة العشرين فيما يتعلق بنمو الاستثمار الاجنبي المباشر وإجمالي تكوين رأس المال الثابت على أساس سنوي فتضاعف حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة أربع مرات خلال السنوات العشر الماضية، وقفزت الوظائف في شركات الاستثمار الأجنبي بنسبة 40 في المائة خلال هذه الفترة كما زادت تراخيص الاستثمار الأجنبي بنسبة 9 إلى 10 في المائة وزاد أيضا "عدد المقرات الإقليمية لتلك الشركات بشكل كبير، وهذه كلها مؤشرات إيجابية للغاية للمملكة العربية السعودية" كما ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الإجمالية في داخل الاقتصاد السعودي بنسبة 6.58 % بنهاية عام 2024م، وبزيادة قيمتها 59.02 مليار ريال (15.74 مليار دولار) مقارنة مع حجمها بنهاية العام 2023م. الاستثمار الأجنبي المباشر ووصل إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في داخل اقتصاد المملكة إلى 956.36 مليار ريال (255.03 مليار دولار) بنهاية الربع الرابع من عام 2024م، مقارنة مع مستواه بنهاية الربع نفسه من العام السابق والبالغ 897.35 مليار ريال (239.29 مليار دولار)، بحسب بيانات البنك المركزي السعودي "ساما" وكان رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمي في الاقتصاد السعودي يبلغ 791.04 مليار ريال (210.94 مليار دولار) بنهاية عام 2022م، مقارنة مع 680.75 مليار ريال (181.53 مليار دولار) بنهاية عام 2021م وارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية في السعودية (المباشرة وغيرها) بنسبة 14.48 % بنهاية الربع الرابع من عام 2024م، وبزيادة تقدر ب 360.89 مليار ريال (96.24 مليار دولار) عن حجمها في نهاية عام 2023م ووصلت قيمة الاستثمارات الأجنبية التراكمية في المملكة إلى 2.853 تريليون ريال (760.91 مليار دولار) بنهاية العام الماضي، مقابل 2.492 تريليون ريال (664.68 مليار دولار) بنهاية الربع الرابع من العام 2023م. وفي ظل وجود رؤية واضحة للأهداف المراد تحقيقها تستمر المملكة في استثمار وتسخير الموارد والخدمات اللازمة لتلبية احتياجات مواطنيها في المستقبل، سواء في التعليم، أو الصحة، أو العمل عبر توفير بيئة ملائمة للابتكار والنمو من خلال العديد من المبادرات والبرامج التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتساهم في تسريع عملية التحول الصناعي وفي زيادة الشراكات بين المؤسسات التعليمية والصناعية، محليًا وعالميًا لبناء قطاع صناعي تنافسي عالميًا، قائم على الابتكار والمعرفة، وقادر على تحقيق التنمية المستدامة وجعل السعودية مركزًا صناعيًا رائدًا، يضمن استمرار الازدهار الاقتصادي للأجيال القادمة، في إطار رؤية 2030 وما بعدها، وقد ظهر ذلك بوضوح في إنشاء هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار التي تُعنى بتفعيل الابتكار كأحد المحركات الرئيسة لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الإمكانيات وتقديم الدعم اللازم لنمو منظومة البحث والابتكار بالمملكة وتوجيه بوصلتها لتحقيق الريادة الدولية، بالإضافة إلى تسريع تنفيذ مختلف المشاريع مثل "مدينة الملك عبدالله الاقتصادية" و"نيوم"، التي تسعى لتكون حاضنة للتكنولوجيا المتقدمة والابتكارات في مختلف الصناعات وصنع مناخ ابتكاري يسهم في تحفيز الشركات على تقديم منتجات مبتكرة وتنافسية عبر توفير حزم الدعم والتمويل والبرامج التدريبية التي ترفع من مستوى الإنتاجية وتعمل على توسيع قاعدة التصدير، وقد قدمت الهيئة تمويل بحثي بقيمة 120 مليون ريال خلال عام 2024م، يستهدف دعم أكثر من 100 مجموعة بحثية، عبر ثلاث مبادرات، تشمل: العلوم الأساسية، والأبحاث التطبيقية، والباحث السعودي الناشئ، ضمن مساعيها الرامية لتعزيز ريادة المملكة في مجال البحث العلمي والابتكار. استثمارات المستقبل تحتاج كفاءات بقدرات متقدمة المملكة تحفز الاستثمار في قطاعات جديدة الاهتمام بالتصنيع لتحقيق الاكتفاء الذاتي