انخفضت أسعار النفط، أمس الأربعاء، حيث أدى تغيير سياسات الرسوم الجمركية الأمريكية إلى تأجيج حالة عدم اليقين، مما دفع المتداولين إلى تقييم التأثير المحتمل للحرب التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين على النمو الاقتصادي والطلب على الطاقة. انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 66 سنتًا، أو 1.0 %، لتصل إلى 64.01 دولارًا للبرميل، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 69 سنتًا، أو 1.1 %، ليصل إلى 60.64 دولارًا. وكان كلا الخامين القياسيين قد انخفضا بنسبة 0.3 % يوم الثلاثاء. وأعلنت وكالة الطاقة الدولية يوم الثلاثاء أنه من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بأبطأ معدل له في خمس سنوات في عام 2025، كما ستتضاءل الزيادات في الإنتاج الأمريكي، وذلك بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على شركائه التجاريين وإجراءاتهم الانتقامية. ولا يزال المستثمرون يجدون صعوبة في إيجاد محفز لتحقيق انتعاش أكثر جدوى، حيث من المتوقع على نطاق واسع أن يتباطأ النمو العالمي مع فرض الولاياتالمتحدة رسومًا جمركية، مما يُعرّض الطلب على النفط للخطر. كما لا يزال الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط قائمًا، وقد يتلاشى التفاؤل الأولي بشأن إلغاء الرسوم الجمركية، كما أن الرياح المعاكسة الكلية الكامنة في البيانات الاقتصادية القادمة قد تعيد الأسواق إلى واقع أكثر قتامة. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط هذا العام بمقدار 730 ألف برميل يوميًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، بانخفاض حاد عن 1.03 مليون برميل يوميًا المتوقعة الشهر الماضي. ويُعد هذا التخفيض أكبر من التخفيض الذي أجرته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يوم الاثنين. وصرح تيتسو إيموري، الرئيس التنفيذي لشركة إيموري لإدارة الصناديق، قائلاً: "كما أشارت وكالة الطاقة الدولية، من المرجح أن يظل نمو الطلب متواضعًا، وأن الاختلال بين العرض والطلب العالمي على النفط الخام يُلقي بثقله على السوق". وأضاف: "إذا انتعش سوق الأسهم الذي يتعرض حاليًا لضغوط من الرسوم الجمركية - فقد نشهد ارتفاعًا في أسعار النفط يدفع خام غرب تكساس الوسيط إلى ما يزيد عن 65 دولارًا. ولكن بدون هذا الدعم، من المرجح أن تبقى الأسعار عند أدنى مستوياتها في الستينيات". من جهته، قال عماد الخياط، كبير الباحثين في مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية، إن النزاع على الرسوم الجمركية بين الولاياتالمتحدةوالصين لا يزال يُمثل التهديد الأكبر للاقتصاد العالمي والطلب على النفط. وأضاف: "كل أسبوع يمر دون أي بوادر انفراج في هذه المواجهة يزيد من احتمالية حدوث ركود عالمي ويخفض سقف الأسعار". وقد أدت المخاوف بشأن الرسوم الجمركية المتصاعدة التي فرضها ترمب، إلى جانب ارتفاع إنتاج أوبك +، وهي مجموعة تضم أوبك وحلفائها المنتجين مثل روسيا، إلى انخفاض أسعار النفط بنسبة 13 % تقريبًا حتى الآن هذا الشهر. وقد دفع عدم اليقين المحيط بالتوترات التجارية العديد من البنوك، بما في ذلك يو بي اس، وبي ان بي باريباس، واتش اس بي سي، إلى خفض توقعاتها لأسعار النفط الخام. ورفع ترمب الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى مستوياتٍ مُذهلة، مما دفع بكين إلى فرض رسومٍ انتقامية على الواردات الأمريكية في حربٍ تجاريةٍ مُتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم، والتي تخشى الأسواق أن تؤدي إلى ركودٍ عالمي. وفي إشارةٍ أخرى على تصاعد التوترات، أمرت الصين شركات الطيران التابعة لها بعدم استلام المزيد من طائرات بوينج، ردًا على قرار الولاياتالمتحدة فرض رسومٍ جمركية بنسبة 145 % على السلع الصينية. في غضون ذلك، ارتفعت مخزونات النفط الخام الأمريكية بمقدار 2.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 11 أبريل، بينما انخفضت مخزونات البنزين بمقدار 3 ملايين برميل، وانخفضت مخزونات نواتج التقطير بمقدار 3.2 ملايين برميل، وفقًا لمصادر السوق، نقلًا عن أرقام معهد البترول الأمريكي يوم الثلاثاء. ووسعت أسعار النفط مسارها الهابط قرب أدنى مستوياتها في أربع سنوات، حيث قيّم المستثمرون تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية، بينما أدت توقعات الطلب القاتمة لوكالة الطاقة الدولية إلى تآكل المعنويات. ولم تُقدم بيانات الناتج المحلي الإجمالي الصينية للربع الأول، التي جاءت أقوى من المتوقع، إلى جانب قفزة في الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في مارس، سوى دعم محدود لأسعار النفط. وأشار الرئيس ترمب يوم الاثنين إلى إعفاءات محتملة من الرسوم الجمركية البالغة 25 % على واردات السيارات الأجنبية، وخاصة من دول مثل المكسيك وكندا. وخفف هذا التطور من حدة بعض مخاوف السوق، لكن الأسواق كانت حذرة إزاء تصاعد التوترات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين. وفُرضت على الصين رسوم جمركية تراكمية بنسبة 145 %، وردت بكين بفرض رسوم بنسبة 125 % على السلع الأمريكية. وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الربع الأول التوقعات؛ وقفز نشاط المصانع في مارس وأظهرت البيانات في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، أن الاقتصاد نما بأكثر من المتوقع في الربع الأول من عام 2025. نما الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 5.4 % على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة المنتهية في 3 مارس، متجاوزًا متوسط التوقعات البالغ 5.2 %.