كل ما يحدث من إدارة الرئيس ترمب مهم ويستحق المتابعة والنقاش بما في ذلك عدد الأوامر التنفيذية غير المسبوق وقضية التعريفات الجمركية التي قلبت موازين الاقتصاد العالمي، ولكن لا يجب أن يغيب عنك عزيزي المتابع أن الحدث الأكبر والميدان الأبرز الذي سيحدد مستقبل المشهد السياسي في داخل أميركا وخارجها هو الجانب المتعلق بقدرة وزارة كفاءة الحكومة بقيادة إيلون ماسك على كشف الفساد المتعلق بأداء الحكومة وإنفاقها. وفي هذا السياق يقول السيناتور المخضرم جون كينيدي: "تعد وزارة كفاءة الحكومة ومشروعها أول جهد جدّي منذ عقود للسيطرة على إنفاق واشنطن، لقد طال انتظار هذا الحدث الكبير"، وقد أصاب السيناتور كبد الحقيقة، فمنذ أن انطلقت أعمال هذا الوزارة والنتائج المذهلة تأتي تباعاً، وفي هذا الصدد يطيب لي أن ألقي الضوء على عدد من تلك النتائج المتعلقة بالهدر والفساد الحكومي في واشنطن بحسب تقارير وزارة كفاءة الحكومة بقيادة إيلون ماسك وهي كالتالي: رصد مبلغ خمسة تريليونات دولار غير قابلة للتعقب، ولا يمكن تحديد مصارفها، كيف يحدث ذلك في دولة أشغلت الكون بادعاءات النزاهة والقيم؟! خلال التدقيق في وثائق الضمان الاجتماعي تبين أن (20) مليون شخص فارقوا الحياة كانوا يحصلون على الضمان الاجتماعي بشكل منتظم، وبحسب الإعلان يقدر المبلغ (70) مليار دولار! لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل اكتشفوا أيضًا كيف كان المهاجرون غير الشرعيين يحصلون على أرقام الضمان الاجتماعي ويصوتون في الانتخابات! أسفرت مراجعة داخلية أجرتها وزارة الدفاع الأميركية بالتعاون مع وزارة كفاءة الحكومة عن إلغاء عقود بقيمة خمس مليارات دولار من الإنفاق الدفاعي الذي لا يتوافق مع الأهداف العسكرية الأساسية. الحكومة الفيدرالية أنفقت (406) مليارات دولار على أثاث جديد منذ عام 2020، رغم عمل العديد من الموظفين عن بُعد، وقد أدى ذلك إلى وقف فوري لهذه النفقات. خلال التدقيق في عقود تكنولوجيا المعلومات، تمكنت إدارة إيلون ماسك من تخفيض بقيمة 69.1 مليون دولار في اتفاقية تكنولوجيا المعلومات مع شركة جنرال ديناميكس. توفير ما قدره 58.9 مليون دولار من عقود بقيمة مع شركة (Leidos) لتقديم الدعم الإداري، واعتبرته غير ضروري، وأنهته. توفير 400 مليون دولار أميركي بإنهاء عقود إيجار عقارية غير مُستغل بالكامل، وفي هذا الصدد تقول النائبة مارجوري تايلور غرين: "نحن ننفق مليارات الدولارات على مباني مكاتب فارغة وأثاث فاخر وفخم، وهو ما لا يستطيع دافعو الضرائب الأميركيون تحمله". ألغت وزارة التعليم والعلوم منحًا بقيمة 25 مليون دولار لمشروعات مثل المنحة البالغة 265 ألف دولار المخصصة للبحث حول أسباب قراءة المراهقين من ذوي البشرة الملونة للقصص المصورة اليابانية! توفير مليون دولار سنويًا من خلال تحديث تخزين البيانات من خلال الانتقال من الأشرطة المغناطيسية القديمة إلى السجلات الرقمية. حول عمل وزارة كفاءة الحكومة والنتائج الأولية التي رصدتها يقول إيلون ماسك: "لا يتطلب الأمر أن تكون شارلوك هولمز لتتمكن من رصد وكشف تلك الفضائح المالية، إنها معلومات متاحة وبديهية وبسيطة للغاية".تصريحات إيلون ماسك والرئيس ترمب الأخيرة تؤكد بأن كل ما تم رصده والتبليغ عنه ونشره هو غيض من فيض، وهما عازمان على إكمال المهمة مهما كلف الأمر ومهما كانت التحديات، ترمب وماسك يدركان كذلك بأن السير في هذا الطريق بمثابة دخول "عش الدبابير" لكون هذا الهدر في الإنفاق الحكومي يعد بمثابة القلب النابض للفساد الذي يهيمن على دهاليز وكواليس واشنطن، ولكن الغاية والهدف هو النجاح في كبح جماح الدين العام الأميركي من خلال تقليص عجز الميزانية، وهذا يعد مطلب كل مواطن أميركي يدرك حجم الكارثة التي يواجهها الاقتصاد في حال الاستمرار في ذات الاتجاه.