من الأمور العظيمة التي يتوجب على الأقارب استقبالها، التواصي بالعفو والصفح والتسامح والتغافل، فمن المعروف أن اللقاءات المتكررة قد تكون سببًا في وقوع بعض الأخطاء التي يمكن تجاوزها بالعفو، الذي يُعد من الصفات الحميدة التي ينبغي أن نتحلى بها، فهو ليس عفوًا فقط، بل هو أيضًا صلة للرحم، والإنسان الحكيم ينظر إلى عواقب الأمور ونتائجها المستقبلية، فحين نعفو، تهدأ النفوس، وتتطهر القلوب، وتزول الأحقاد، ويعم السلام، وكما قال الشاعر: لما عفوت ولم أحقد على أحد أرحت نفسي من هم العدوات ومن الجميل أن يبادر المخطئ بالاعتذار، وأن يبادر الآخر بالعفو والتغافل، وقد حثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأبلغ الكلمات فقال: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"، فبالعفو والصفح يصفو الذهن، ويطيب الخاطر، ويرتاح المزاج، وينطلق التفكير، وإذا تأخر المخطئ أو تردد في الاعتذار، فإن عفوك سيكون في أعلى مراتب الفضيلة وأجمل صورها، والجزاء من جنس العمل، فمن عفا عن الناس، حري أن يعفو الله -عز وجل- عنه، كما قال تعالى: "وهل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان". وبعد الخلاف، يتوقع من الجميع أن يتحلوا بالفضيلة لا بالقطيعة، وهناك أمر في غاية الأهمية، وهو الاجتهاد في تجنب كل ما يسبب الكراهية أو الحقد أو سوء الظن، وكذلك الحذر من غرس البغض والكراهية في نفوس الأولاد وتوريث الحقد لهم. وفي الختام، يقول الله عز وجل: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله"، فمن يعفو ويصلح، فإن جزاءه عند الله عظيم، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا"، هكذا يكون العفو طريقًا للسلام والصفاء، ووسيلة لتحقيق الألفة والمحبة بين الناس.