(الهلال قضية.. إن فاز فهو قضية وإن خسر فهو قضية). مقولة مشهورة تجاوز عمرها نصف قرن ومازالت سارية المفعول وستظل.. والهلال قضية ليس لدى مناوئيه فقط وغير المنتمين إليه ولكن حتى بالنسبة لمحبيه وعاشقيه والمهتمين بشؤونه. ما يحدث للهلال هذا الموسم أمر طبيعي وفقًا لنظرية الديمومة والتنافس والظروف المحيطة بالفريق من كل الجوانب، لكنه غير مقبول بالنسبة للجيل الذي عاصر الهلال وتاريخه وسبر غوره وخفاياه ويقرأ ما بين السطور وما خلف الكواليس.. وغير مقبول لمن يدرك أبعاد بيت المتنبي: "ولم أرَ في عيوب الناس شيئا / كنقص القادرين على التمام" وغير مقبول بالنسبة لجيل اليوم، جيل العقود الأربعة من العمر وما دون، خاصة الجيل الهلالي الذي لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب بل وُلد في بيت من ذهب وتمهد بالذهب ورضع الذهب، لذلك يتأثر عندما يتغير مستوى معيشته ولا يستطيع أن يتأقلم مع الوضع الجديد وينعكس ذلك على تصرفاته وردود فعله في ظل هذا الوضع، فقد عاش وفق ثقافة معينة تختلف أدواتها وأساليبها، وبالتالي لم يدرك حجم ونوع التحديات التي يواجهها الفريق بل ربما كان أحد هذه التحديات! لقد واجه الهلال هذا الموسم تحديات كثيرة.. أول هذه التحديات وأبرزها الهلال نفسه! فهو لم يتعود (الخروج من أي مولد بدون حمص)، ولم يتعود أن لا يضع بصمته في كل موقع يمر به.. خاصة بعد موسم كان استثنائيًا في كل شيء ونادرًا في كل شيء ومتميزًا في كل شيء، حتى دخل موسوعة غينيس ووصل إلى وصافة أندية العالم.. هذا التميز وضعه في تحدٍ مع نفسه لمواصلته.. ومع الآخرين في سباق لكسر هذه التميز وإيقافه فجاءه الموج من كل مكان! وأتاح الفرصة لآخرين الدخول بمعرفات هلالية وهمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على الكيان الهلالي من الداخل وسايرهم هلاليون يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.. هل نجح الهلاليون في مواجهة هذه التحديات؟! هل كانوا مثاليين في التعامل معها، أم كانوا نظاميين، أم طبقوا الحد الأدنى من قدراتهم في هذه المواجهة ؟! وبعيداً عن التفسيرات والتأويلات ومن أضعف الهلال، ومن، ومن، والحديث عن جيسوس وتفكيره أو عدم رغبته في الاستمرار، فإن السؤال الأكثر أهمية: هل جيسوس هذا الموسم هو جيسوس الموسم الماضي؟! وهل هلال هذا الموسم هو هلال الموسم الماضي؟! ومن الذي تغير الهلال أم جيسوس؟! ولماذا؟! عندما أحضر الهلال جيسوس في الفترة الأولى موسم 2018 /2019 بهر الجميع بنتائجه وقيادته للفريق، وقيل إنه سيحسم الدوري ربما من الدور الأول وفجأة أُنهي عقده في ظروف غامضة، وبعد أربعة مواسم أعاده الهلال وكان على مستوى التطلعات فحطم الأرقام بصورة غير مسبوقة سواء على مستوى الفريق أو الشخصي، ودخل موسوعة غينيس.. إلخ. ثم جدد الهلال عقده هذا الموسم، وبدأ بداية جيدة، وفجأة بدأت الأمور تتغير لم يعد الهلال كما كان بل من أسوأ المراحل التي مرت عليه وخسائر لم يعتد عليها.. هنا لا بد من طرح التساؤل وتحليله بالمنطق وبعيدًا عن العواطف والتأويلات، وجهة نظر شخصية قد يتفق معي البعض وقد يختلف، جيسوس يبحث عن تحقيق مجد ذاتي يريد أن تنسب له الأرقام (أكثر مرات فوز.. أطول سلسلة انتصارات.. أكبر نتيجة..)، لذلك نلاحظ اعتماده على أسلوب واحد وعلى مجموعة واحدة مع تغييرات ثابتة ومحدودة، فهو لا يهتم بالتدوير وتقوية دكة الاحتياط، لذلك أرهق اللاعبون بين منافسات داخلية وخارجية وبين النادي والمنتخب وفقدوا الشغف، مع أن الإدارة هي نفسها وكذلك العناصر وتغير عنصر أو عنصرين لا يمكن أن يؤثر لهذه الدرجة خاصة وأن البعض كان برغبة منه! قد يقول قائل، ولكن هذا ينعكس في النهاية على الفريق، وهذا صحيح على المدى القصير، لكنه لا يتحقق على المدى المتوسط ناهيك من الطويل! وكان بإمكانه الجمع بين هذه وتلك، فتحقيق مجد للفريق هو مجد للمدرب والعكس غير صحيح، لكن ما حدث انعكس على جيسوس نفسه بل على نفسيته، وبالتالي على علاقته باللاعبين ومن ثم على نتائج الفريق. المتابع للسيرة الذاتية للمدرب جيسوس يلحظ أنه درب 15 ناديًا منها ثلاثة دربها فترتين خلال 35 سنة من عمله في التدريب بمعدل موسمين في كل ناد! بل إن ثماني مرات كانت لموسم واحد فقط وثلاث لنصف موسم! من هنا ندرك لماذا يصر جيسوس على عقد السنة الواحدة أو العقود قصيرة الأجل؟! فهل أخطأ الهلال في التجديد معه؟! هذا بعض من المشكلة وليس كل المشكلة، وكما تعودنا فالبيت الهلالي كبير والقرار في داخل البيت وفي المختصر. والله من وراء القصد.