أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة غضب عالمية بعد قراره بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار المستوردة، ما دفع القوى العالمية إلى التهديد بإجراءات انتقامية، في تصعيد جديد للحرب التجارية المتفاقمة. وانتقدت ألمانيا، أحد أكبر مصدري السيارات في العالم، القرار الأميركي، داعيةً الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ رد فعل حازم، من جهتها صرّحت اليابان بأنها «ستدرس جميع الخيارات» للرد على هذه الخطوة. وقد تأثرت الأسواق المالية سلباً، حيث شهدت مؤشرات البورصة في آسيا وأوروبا تراجعاً حاداً، مع انخفاض أسهم كبرى شركات السيارات مثل «تويوتا» و«هيونداي» و«مرسيدس». موعد التنفيذ وآثار القرار من المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية الجديدة حيّز التنفيذ في الساعة 12:01 صباحاً يوم 3 أبريل، لتشمل السيارات والشاحنات الخفيفة المصنّعة خارج الولاياتالمتحدة، كما ستُفرض رسوم إضافية على قطع الغيار خلال الشهر نفسه. وفي بيان من البيت الأبيض، قال ترامب: «سنفرض رسوماً بنسبة 25% على جميع السيارات غير المصنّعة في الولاياتالمتحدة، أما السيارات المصنوعة داخل البلاد، فلن تُفرض عليها أي رسوم». وأدان وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد القرار، واصفاً إياه ب«العدواني»، مؤكداً أن «الحل الوحيد للاتحاد الأوروبي هو فرض رسوم جمركية على المنتجات الأميركية رداً على ذلك». أما رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، فقد عقد اجتماعاً طارئاً لمناقشة الخيارات التجارية لبلاده، وسط تهديدات جديدة من ترامب، حيث كتب على منصة «تروث سوشيال»: «إذا تعاون الاتحاد الأوروبي مع كندا لإلحاق الضرر بالاقتصاد الأميركي، فستُفرض عليهما رسوم جمركية ضخمة، أكبر بكثير مما هو مُخطط له حالياً، لحماية أفضل صديق لهذين البلدين!». لكن القرار الأميركي أثار قلق الشركات الأميركية أيضاً، حيث أقرّ الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا»، بأن الرسوم ستؤثر على شركته، قائلاً: «لتوضيح الأمر، ستؤثر هذه الرسوم على تكلفة القطع المستخدمة في سيارات تسلا والتي تأتي من الخارج، التأثير المالي ليس بسيطاً». من جهتها، حذّرت «رابطة مصنّعي السيارات الأميركيين» من أن تطبيق الرسوم الجمركية يجب أن يتم بطريقة «تجنّب رفع الأسعار على المستهلكين وتحافظ على تنافسية الصناعة». ووفقاً لتقديرات «مركز أبحاث السيارات»، فإن الرسوم الجمركية الجديدة، إلى جانب الرسوم المفروضة على المعادن المستوردة، قد تؤدي إلى رفع أسعار السيارات في الولاياتالمتحدة بآلاف الدولارات، ما قد يؤثر على سوق العمل. لكن بيتر نافارو، كبير مستشاري ترامب للتجارة والتصنيع، وجّه انتقادات حادة لما أسماه «الغش التجاري الأجنبي»، متهماً دولاً مثل ألمانياواليابان بإبقاء عمليات التصنيع المتقدمة داخل بلدانها وتحويل الولاياتالمتحدة إلى «مجرد مركز تجميع منخفض الأجور لقطع الغيار الأجنبية». منذ بداية ولايته الثانية في يناير، فرض ترامب رسوماً جمركية جديدة على واردات كندا والمكسيك والصين، إضافةً إلى رسوم بنسبة 25% على الصلب والألومنيوم، وتُضاف الرسوم الجديدة على السيارات إلى الإجراءات السابقة. ومع ذلك، أوضح البيت الأبيض أن السيارات المستوردة من دول اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (USMCA) قد تكون مؤهلة لمعدلات رسوم مخفّضة، بناءً على نسبة المحتوى الأميركي فيها، بينما ستظل قطع الغيار المتوافقة مع الاتفاقية معفاة من الرسوم الجمركية. أثار قرار ترامب قلق الأسواق المالية، وسط مخاوف من أن تؤدي سياساته التجارية إلى ركود اقتصادي، كما تراجعت ثقة المستهلكين في الأشهر الأخيرة، في ظل تصاعد التوترات التجارية. وفي هذا السياق، دافعت الإدارة الأميركية عن القرار، معتبرةً أنه وسيلة لزيادة إيرادات الحكومة ودعم الصناعة المحلية، رغم التحذيرات من تأثيره السلبي على علاقات واشنطن مع شركائها التجاريين الأساسيين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا والمكسيك وألمانيا. وقالت ويندي كاتلر، نائبة رئيس معهد سياسات آسيا والمفاوضة التجارية السابقة، «إن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السيارات المستوردة سيترك أثراً مدمراً على العديد من شركائنا التجاريين المقربين»، كما تساءلت عن مدى التزام الولاياتالمتحدة باتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها. بالإضافة إلى قطاع السيارات، يدرس ترامب فرض رسوم جمركية على قطاعات أخرى، مثل الأدوية وأشباه الموصلات والأخشاب. وجاء الإعلان عن الرسوم الجديدة قبل يوم 2 أبريل، الذي يسميه ترامب «يوم التحرير» للاقتصاد الأميركي، حيث وعد بفرض رسوم متبادلة على جميع الشركاء التجاريين الذين يعتبرهم يمارسون «سياسات تجارية غير عادلة». يُذكر أن هذه الرسوم تستند إلى تحقيق حكومي أُنجز عام 2019، والذي خلص إلى أن الواردات المفرطة تُضعف الاقتصاد الأميركي وقد تُهدد الأمن القومي.