يعرّف الباحثون العسكريون الحرب النفسية بأنها: الاستخدام المخطط للدعاية أو ما ينتمي إليها من الإجراءات الموجهة إلى الدول المعادية أو المحايدة أو الصديقة. وتحقق الحرب النفسية هدفها في تحطيم روح العدو المعنوية وإرادته القتالية، وذلك من خلال عدة مهام مثل تشكيك العدو في سلامةِ وعدالة الهدف الذي يحارب من أجله، وزعزعة ثقة العدو في قوته، وبث الفرقة والشقاق بين صفوف العدو، وتحييد القوى الأخرى وحرمان العدو من محالفتها. وتعد هذه هي المهمة التي أوكلت إلى الصحابي الجليل «نعيم بن مسعود الغطفاني» رائد الحرب النفسية في الإسلام، وقد شهد التاريخ لهذا المسلم أنه قام بدوره على أكمل وجه، ونفذ مهمته بدقة وسرية وذكاء، وبأسلوب بارع حاذق، وتمثل ذلك في غزوة الخندق عندما أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يكتم إسلامه عن اليهود، وتوجه إلى يهود بني قريظة، واحتك بهم، ونشر بين الأحزاب ما جعلهم يتفرقون، ثم تحدث بما يجعل معنويات الجيش المعادي تنهار، وبذلك حققت مهمته هدفها المرسوم لها، في الوقيعة بين أحزاب الكفر المتحالفة، وفي زعزعة الثقة فيما بينهم، ولم يكن نصيب المسلمين من نجاح غزوة الأحزاب بالخندق، أوفر من نصيبهم من النجاح وتحقيق النصر بما أوكل إلى «نعيم بن مسعود» من مهمة الحرب النفسية. (المصدر: كتاب الأوائل في حضارة الإسلام المؤلف سيف الدين كاتب)