يتيح متحف الآثار في بيت نصيف لزوار جدة التاريخية "البلد" خلال موسم رمضان 2025 تجربة ثقافية استثنائية، من خلال معرض يُسلّط الضوء على مكتشفات أثرية نادرة، في مقدمتها موقع الشونة العريق، الذي يمتد تاريخه من أواخر القرن الخامس عشر وحتى القرن العشرين الميلادي. يقع موقع الشونة الأثري في قلب جدة التاريخية، ويُعد من أبرز المعالم التراثية في المنطقة، نظرًا لقيمته التاريخية ووظيفته المتجددة عبر الزمن. يمثل الموقع وجهة جذب لعشاق التاريخ، لما يحمله من شواهد حيّة على تحولات اجتماعية وتجارية وعسكرية مرت بها المدينة الساحلية. ووفقًا للمعلومات التعريفية التي يعرضها برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة، ويقدمها المرشدون السياحيون للزوار في المتحف، استُخدم موقع الشونة خلال القرن العشرين كمستودع خاص للتجار، لتخزين البضائع المستوردة من أنحاء العالم، بينما كان في القرن التاسع عشر أصغر حجمًا ويضم عدة مبانٍ مترابطة تُستخدم كمستودع حكومي يُعرف ب "الشونة" لتخزين الحبوب والأخشاب والذخائر. وتُعد الزاوية الشمالية الغربية من الموقع من أقدم الأجزاء المحفوظة، وتضم برجًا زاويًا محصنًا صُمم بإطلالات دفاعية، مما يشير إلى وظيفته العسكرية التي اندثرت بمرور الزمن. وتشير الأدلة الأثرية إلى أن هذا الهيكل شُيّد في أواخر عهد المماليك، وتحديدًا في فترة السلطان قنصوة الغوري، ضمن جهود تحصين جدة إثر التهديدات البحرية عقب ظهور السفن البرتغالية في البحر الأحمر. ويعرض متحف بيت نصيف مجموعة من المكتشفات المرتبطة بالموقع، من بينها الخزف الصيني الفاخر العائد إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، إضافة إلى أدوات ولقى أثرية أخرى تؤكد دور الشونة كمركز تخزين ضمن شبكة تجارية واسعة ربطت جدة بآسيا وأوروبا. تستقبل "الشونة" زوارها اليوم من خلال مداخل على شارع قابل وشارع الذهب، لتقدّم لهم تجربة ثقافية ثرية تستحضر ملامح الماضي وتحكي سيرة التحوّلات التي شهدتها جدة التاريخية، في تأكيد على دور المدينة بوصفها ملتقى حضاريًا وتاريخيًا، يعزز مكانتها وجهة سياحية وثقافية متميزة، خاصة في موسم رمضان.