يمثل التحول الاقتصادي في المملكة العربية السعودية قصة نجاح بدأت بطموحات وضعتها رؤية السعودية 2030 لتحقيق اقتصاد متنوع ومستدام يزدهر فيه الجميع، عبر عملية إصلاح للسياسات الاقتصادية، واستثمارات استراتيجية واسعة النطاق. وفّرت المملكة بيئة تنافسية جاذبة مفتوحة للأعمال، لبناء اقتصاد عالمي رائد، يعزز ريادة الأعمال، ويعيد هيكلة المدن الاقتصادية، ويسهم في إنشاء مناطق خاصة، ويطلق إمكانات سوق الطاقة لجعله أكثر تنافسية، كما تستثمر المملكة من أجل مستقبل مشرق، بإطلاق العنان لقطاعات جديدة واعدة، وتخصيص المزيد من الخدمات الحكومية لتنويع الاقتصاد وضمان استدامته. تقع المملكة في ملتقى الطرق بين ثلاث قارات، وتسهم الرؤية في أن يكون موقعها فاعلًا، لتصبح مركزًا رئيسيًا للتجارة الدولية، وتطلق شراكات جديدة لتنمية الاقتصاد ودعم الشركات المحلية في تنمية الصادرات. وتعد السيولة بجميع أنواعها داعماً للنشاط والحراك الاقتصادي والتجاري، ومساهماً فعّالاً بمسيرة التنمية الاقتصادية، ومحفزاً قوياً لنمو الناتج المحلي الإجمالي، ومُمكناً لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، لتعكس بذلك صلابة ومتانة القطاع المصرفي والمالي. وفي جانب آخر، يعد برنامج جودة الحياة أحد البرامج الرئيسة في رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ويهدف إلى تحسين نمط حياة الأفراد والأسر من خلال تهيئة بيئة تدعم خيارات متنوعة في مجالات الثقافة والترفيه والرياضة. يسهم البرنامج في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، حيث يوفر فرصًا استثمارية واعدة في قطاعات حيوية مثل «السياحة والترفيه والرياضة والثقافة»، ما يؤدي إلى خلق آلاف الوظائف للمواطنين ويعزز من مكانة المملكة كوجهة جاذبة للاستثمار والسياحة. ولا يقتصر أثر البرنامج على الجوانب الاقتصادية فقط، بل يمتد ليشمل تحسين المشهد الحضري من خلال تطوير المرافق العامة، وزيادة المساحات الخضراء، والارتقاء بجودة الهواء، وخفض مستويات التلوث، إلى جانب تحسين وسائل النقل لضمان سهولة التنقل في بيئة حضرية آمنة وجذابة. ويهدف البرنامج إلى تحقيق توازن بين الرفاهية المعيشية والتنمية الاقتصادية، بما ينعكس إيجابًا على رفاهية المجتمع ويعزز من جودة الحياة في المملكة. المملكة حريصة على تعزيز الاقتصاد الوطني، وتقوية أركانه، وهي حريصة أيضاً على معيشة الإنسان، سواء كان مواطناً أو مقيماً أو زائراً، وتوفير حياة هادئة وسعيدة له، ينعم فيها بكل سبل الراحة والتقدم والازدهار، الذي يشجع على الابتكار والمواهب والكفاءات من أجل الرقي بجودة الحياة، ودعم أهداف رؤية 2030 وعلى رأسها الوصول إلى مجتمع حيوي، يعيش فيه الجميع حياة كريمة وسعيدة. ولتحقيق مستهدفات برنامج جودة الحياة، وصل إجمالي ما أنفقته الحكومة في القطاعات ذات الصلة بالبرنامج حتى العام 2020 إلى 130 مليار ريال، منها مبلغ 74.5 مليار ريال إجمالي الاستثمارات المباشرة في البرنامج، وتشكل النفقات الحكومية الرأسمالية منها مبلغاً يزيد على 50.9 مليار ريال، واستثمارات متاحة للقطاع الخاص بمبلغ يصل إلى 23,7 مليار ريال. ولا يشمل ذلك كافة أشكال الإنفاق الرأسمالي في المشروعات الكبرى ذات الصلة، مثل مشروع «القدية، ومشروع البحر الأحمر، ومشروع بوابة الدرعية، ومشروع جدة التاريخية، ومشروعات الهيئة الملكية لمحافظة العلا» وغيرها، إضافة إلى جميع المشروعات ذات الصلة التابعة للقطاع الخاص، والتي يصل إجمالي الاستثمارات فيها إلى أكثر من 86 مليار ريال. ولم تنس رؤية 2030، عند الإعلان عن برنامج جودة الحياة، أن تحدد وعلى وجه الدقة، الأهداف الاستراتيجية للبرنامج، من أجل تحقيق هذه الأهداف في وقتها المحدد، وتضم قائمة الأهداف تعزيز ممارسة الأنشطة الرياضية في المجتمع، وتنمية المساهمة السعودية في الفنون والثقافة، وتطوير وتنويع فرص الترفيه لتلبية احتياجات السكان، وتطوير قطاع السياحة، وتحقيق التميّز في عدة رياضات إقليمياً وعالمياً، وتحسين الظروف المعيشية للوافدين، والمحافظة على تراث المملكة الإسلامي والعربي والوطني والتعريف به، يضاف إلى ذلك، تحسين المشهد الحضري في المدن السعودية، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة فيها، وتعزيز حصانة المجتمع تجاه المخدرات، وتصنيف 3 مدن سعودية ضمن أفضل 100 مدينة للعيش في العالم. يشار إلى أن صندوق النقد الدولي رفع من توقعاته الصادرة حديثاً حول نمو الاقتصاد في المملكة، حيث قام بزيادة توقعاته الإيجابية لأداء الاقتصاد في المملكة من 4.5 % في العام 2025 إلى 5.5 %، وذلك خلاف توقعاته الصادرة بتقريره السابق في شهر أكتوبر من العام 2023. وجاءت تلك التعديلات على توقعات «الصندوق» وفق ما أشارت إليه البيانات التي أصدرها مؤخراً في تقريره؛ مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي يناير 2024، في إشارة إلى النظرة التفاؤلية حول أداء الاقتصاد السعودي وقوته وما يحققه من نمو إيجابي رغم المخاطر والتحديات والظروف العالمية التي تشهدها معظم الاقتصادات. وتأتي تلك التوقعات الإيجابية تأكيداً لما يشهده الاقتصاد السعودي من نمو وازدهار يعززان ريادته على الصعيدين الإقليمي والدولي. وتوقع التقرير أن يحقق الاقتصاد العالمي نمواً ب3.1 % في العام 2024، وب3.2 % في العام 2025.