يأتي الاحتفال بيوم التأسيس، ليجسد اعتزازنا بالجذور الراسخة للدولة السعودية المباركة والإرث الثقافي المتنوّع، وتضحيات وبطولات لملوك عظماء ومواطنين أوفياء عبر الزمن، وحتى عهدنا الراهن بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، الذي وعد وأوفى حين قال في 2015: "هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك"، ليتجلى ذلك الهدف في رؤية عظيمة يقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي وضع بنجاح معادلة موزونة بين الإرث والمستقبل، فقال: "لدينا عمق تاريخي مهم جدًا موغل بالقدم، ويتلاقى مع الكثير من الحضارات". يوم التأسيس، فرصة لنا وللأجيال الجديدة لتأسيس طموحاتٍ تنسجم مع تطلعات وطننا الغالي، مستلهمين من هذا اليوم حقائق أصلها ثابت في جسد التاريخ، أولها أن واقع اليوم الذي تشهد به وتبرهن عليه التحوّلات الكبرى التي تعيشها بلادنا في الأعوام الأخيرة يتكئ على حكمة قادة هذه البلاد، حيث واصلوا البناء على أساس راسخ ومتين، لدولة قوية بمقدراتها، وعقول وسواعد أبنائها وبناتها، وبخاصة الشباب الذي يمثّل اليوم جيلًا متجددًا ومؤثرًا في الساحة العالمية، يعكس غنى وتنوّع قيم المملكة، من خلال مشاركتهم الفعّالة في مختلف المحافل والمؤتمرات العالمية، آخرها منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس الشهر الماضي، بحضور حشد من كبار القياديين والتنفيذيين، وقد شهدتُ بنفسي آنذاك ما تحظى به المملكة من تقدير منقطع النظير، لما حققته من تحولات ونجاحات تستدعي الإعجاب والانبهار، فاستذكرت بيت الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن، رحمه الله: "من رفع راسك على كل الأمم يستاهلك"، ونحن نسمع كل يوم من قيادات عالمية على أعلى المستويات ما يعبّر عن تطلعاتهم بأن يستحدثوا في بلادهم برامج ومبادرات ومؤسسات كالتي في المملكة. الحقيقة الثانية أن هذه المناسبة الوطنية، تُسهم في بناء الذاكرة التاريخية للأجيال الجديدة، فلكل عهد دولة ورجال، واليوم صرنا نشهد هذه الحقائق بفضل رؤية 2030 فهي خارطة الطريق، ولا شك أن ربط تجارب الأجيال السابقة بالحاضر يُعد جزءًا أساسيًا من هويتنا، وحجر الأساس لمستقبل مبني على قيم ومبادئ عريقة تؤثر في النمو الاقتصادي واستدامته، وتُلهم الشباب السعودي الطموح وتعزز المحافظة على قيمه ومبادئه. فمن المهم جدًا أن يُسهم أبناؤنا وبناتنا اليوم في صياغة حاضر ومستقبل العالم وهم مرتكزون على جذور الهوية الراسخة. أما الحقيقة الثالثة، فتتعلق بدور أرامكو السعودية التي تفخر به بوصفها من مُمكّنات نمو المملكة وتحوّلاتها الكبرى، ورغم أن صميم أعمال الشركة في مجالات النفط والغاز والكيميائيات ومصادر الطاقة الجديدة، إلا أنها أيضًا تستثمر في تطوير التقنيات المتقدمة والرقمية وخاصة وأننا ندخل بقوة في عصر الذكاء الاصطناعي، كما تستثمر في الموظفين والشباب سواء من يعملون لديها، أو يعملون بالقطاع الخاص في الأعمال المرتبطة بأنشطة أرامكو السعودية. وتعتز الشركة بأنها من خلال التعاون والشراكة مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أسست شبكة مراكز تدريب تضم 16 مركزًا في 10 مدن تقدم تدريبًا نوعيًا للعاملين في القطاع الخاص في 100 تخصص عبر برامج متنوعة، تبدأ بالتدريب وتنتهي بالتوظيف. والهدف هو الإسهام في بناء اقتصاد متنوّع يزدهر فيه التوطين والتقنية والاستدامة. وبدورنا فإننا على العهد بمواصلة التزامنا بتزويد الوطن والعالم بالطاقة، والمضي قُدمًا في الريادة ومساندة جهود تنويع الاقتصاد الوطني. وفي يوم التأسيس نوجه تحية تقدير لكل الجهود المخلصة في مسيرة هذا الوطن وبنائه خلال القرون الثلاثة الماضية، ودعوات بالخير والازدهار لقيادته الحكيمة والشعب السعودي المعطاء *رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين