السياحة في أوروبا وأميركا تدار بالكامل من قبل القطاع الخاص، وفي بداية 2025 أعلن أن الشركات المحلية والأجنبية العاملة في مجال السفر والسياحة بالمملكة، وصل عددها إلى 28 ألفاً و53 شركة، ما يعني أننا نسير في طريق التخصيص الكلي.. في 10 فبراير الجاري بدأت الدورة الثانية من معرض السفر السعودي، وهو يمثل مناسبة لإبرام الصفقات والشراكات التجارية الجديدة في المجال السياحي، وشارك في المعرض أكثر من 24 دولة، من بينها قطر وتركيا، وحضرت أميركا لأول مرة فيه، والمعنى أن السياحة السعودية أصبحت رقماً صعباً على المستوى العالمي، والمملكة تطورت بصورة لافتة في صناعة السياحة، وحققت الدولة نموا فيها، وصل لما نسبته 153 %، مقارنة بعام 2019، ومن الأمثلة، أنه في 2023، ارتفعت زيارات السياح المحليين إلى 79 مليون و400 ألف، والسياح الدوليون لنحو 27 مليون و400 ألف، وبزيادة قاربت المليونين في سياحة الداخل، و11 مليون في السياحة الدولية، مقارنة بأرقام 2022، واستنادا لبيانات البنك المركزي السعودي، فإن الايرادات السياحية في عامي 2022 و2023، قفزت من 25 مليارا و200 مليون دولار، إلى 36 مليار دولار، وبنسبة زيادة وصلت ل43 %، والسابق يشكل إنجازا إعجازيا للقائمين على تسويق السياحة السعودية، ويعطي مؤشرا على الجدوى العالية لما يقومون به. الخطط السياحية التي تعمل عليها المملكة، لا تقارن بغيرها، لأنها قائمة على تمكين رأس المال البشري السعودي سياحياً في استراتيجية (أهلها)، وعلى برامج من نوع (رواد السياحة)، الذي يعمل على تطوير مهارات 100 ألف مواطن، في مجال الضيافة والسفر والسياحة، وعلى تسويق هيئة السياحة للوجهات السياحية، ضمن برنامج (روح السعودية)، وعلى ربط الدول المستهدفة بالوجهات السياحية بشكل مباشرة، وبواقع 60 خط، وما يزيد على مليوني مقعد طيران، يوفرها الطيران السعودي والأجنبي، فالتوقفات المتكررة قد تجعل الناس يغيرون مقاصدهم السياحية، وكلها تعطي انطباعا بوجود عمل احترافي ومتقن، وبلا نماذج مشابهة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. المملكة وبحسب المختصين، لديها تصور مستقبلي فيما يخص الملف السياحي، وبما يجعل السياحة لحضور الفعاليات والمناسبات تسيطر على ما نسبته 40 %، وسياحة المؤتمرات والأعمال على 20 %، والسياحة لزيارة الأقارب على 10 %، وتقليص نسبة السياحة الدينية لمكة والمدينة إلى 30 %، وهذا لا يعني تراجع أرقام المعتمرين والحجاج وإنما ارتفاعها، والرؤية السعودية تؤكد على ذلك، فالمستهدف وصول أعدادهم إلى 37 مليونا من أصل 150 مليونا في 2030، والصحيح هو تراجع حصتها في الإجمالي السياحي العام، الذي سيزيد بدوره، ومن الشواهد الحاضرة، أنه ما بين عامي 2019 و2023، كانت نسبة نمو السياحة الدينية في حدود 6 %، بينما وصلت في أغراض السياحة المتبقية إلى 500 %، أو ما يعادل خمسة أضعاف في أربعة أعوام، وهذه السياسة المنضبطة في حرق المراحل السياحية، مسألة تستحق الإعجاب. حتى التأشيرة السياحية الإلكترونية لم تكن عملاً اعتباطياً، فقد قامت وزارة السياحة بدراسة عينة قدرها 25 ألف شخص من 50 دولة، لمعرفة الأسباب التي تحرض السائح على السفر لدولة معينة، ولاحظت أن 30 % من دول العالم، تشكل ما نسبته 70 % من السياح، ومن حجم الإنفاق السياحي، واستنادا للاستنتاجات السابقة، تم حصر التأشيرة السياحية في 66 دولة ولمدة 90 يوما، وبعد التقييم لأربعة أعوام، خفضت المواسم السعودية من 11 موسما إلى مجموعة مختصرة من المواسم الناجحة، أبرزها مواسم الرياضوجدة والبحر الأحمر والعلا والدرعية، وبدأ التركيز بصورة أكبر على السياحة في الشتاء، لأن أجواء المملكة لا تتوافق مع السياحة الصيفية. ولمن لا يعرف، فإن الاهتمام السعودي بالشواطئ والمنتجعات الفاخرة، سببه أنها تقتطع ما نسبته 30 % من حجم السياحة الدولية، أو قرابة 450 مليون سائح سنويا، والمملكة تحاول الاستحواذ على 20 مليون من هؤلاء، وهو حق مشروع، وسيؤمن رفع مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني من 7 % إلى ما يتجاوز ال10 % المستهدفة في الرؤية، وللعلم فالسياحة في أوروبا وأميركا تدار بالكامل من قبل القطاع الخاص، وفي بداية 2025، أعلن أن الشركات المحلية والأجنبية العاملة في مجال السفر والسياحة بالمملكة، وصل عددها إلى 28 ألفا و53 شركة، ما يعني أننا نسير في طريق التخصيص الكلي. التجربة الفرنسية والإسبانية في مجال السياحة الداخلية تعتبر متفوقة عالميا، ومواطنيها يزورون مدنهم للسياحة بمعدل ثلاثة مرات في العام، ووزارة السياحة تجتهد في هذا الجانب، وقد سجلت أرقاما مرضية نسبياً، ولكنها تحتاج إلى الاهتمام بالبنية التحتية في الوجهات السياحية، للسياح المحليين والدوليين، وبالأسعار المبالغ فيها، وبضمان وحدات سكنية عالية الجودة، ولكامل الفئات السياحية، ومعها معالجة مشكلة المنشآت السياحية غير المرخصة، والتي وصلت نسبتها إلى 40 %، استنادا لأرقام 2024، وذلك بتفعيل الغرامات المليونية والتشهير والإغلاق، لأنها وباعتراف مسؤولي السياحة الحكوميين، تؤثر على الاقتصاد المحلي، ولا تلتزم بنظام تأهيل الموظفين ونظامية عملهم، وإجراءات السلامة لديها غير موثوقة، وتصعب من عملية معرفة الوحدات السكنية المتاحة للسائحين، وما يفترض زيادته أو خفضه، خصوصاً أن الدولة مقبلة على مناسبات من الوزن الثقيل، وبالأخص في أعوام 2027 و2030 و2034.