بعض من يدافعون عن ارتفاع أسعار الرحلات والسياحة الداخلية، يربطونها بالقوة الشرائية للريال السعودي في الداخل، وأنه لا يختلف عن المعمول به في بقية الدول، والصحيح أن الموسم السياحي السعودي قصير، والمستثمرون في البرامج والرحلات السياحية، يحاولون تعويض نفقاتهم طوال العام من خلاله.. الناس في المملكة يفضلون السفر إلى الخارج في إجازة عيد الفطر، أو خلال الفترة ما بين 13 و23 أبريل من العام الجاري، ويختارون في العادة وجهات، تأتي في مقدمتها: بريطانيا وروسيا وتركيا وتايلند ومصر، وتتفوق مدينة جدة السعودية في سياحة العيد الداخلية، وقد جرت العادة منذ زمن، أن يتوافد إليها السعوديون وغيرهم في الإجازات القصيرة، أو أن تكون محطتهم المحلية الأخيرة قبل السفر الدولي، والانحياز إلى بريطانيا وروسيا سببه سهولة استخراج التأشيرات للدولتين، والذي يكون في حدود خمسة أيام، ولأسعارهما المعقولة، حيث لا يتجاوز سعر التأشيرة البريطانية، ما قيمته عشرة جنيهات إسترلينية، بينما لا يحتاج السعودي إلى تأشيرة لزيارة تايلند، ومن بين الجهات الأقل إقبالاً باريس الفرنسية، رغم أن عدد الجرذان فيها أكثر من تعداد سكانها، استناداً لما قالته بلديتها. الإشكالية تبدو في ارتفاع أسعار تذاكر الطيران الخارجي، فالتذكرة إلى بريطانيا في العيد، قد تصل لخمسة آلاف ريال، أو 1334 دولار، مقارنة بألفي ريال أو 534 دولاراً في الأيام العادية، ويزيد إلى تركيا من ثمانمائة ريال أو 214 دولاراً، إلى ألفين وأربعمائة ريال أو 650 دولاراً، وبنسبة تصل في الحالتين إلى 150 %، والأعجب أن الرحلة إلى جدة من الرياض والدمام ترتفع بنسبة تزيد على 200 % في الفترة نفسها، وقد تتفوق على أسعار الطيران الدولي. بعض من يدافعون عن ارتفاع أسعار الرحلات والسياحة الداخلية، يربطونها بالقوة الشرائية للريال السعودي في الداخل، وأنه لا يختلف عن المعمول به في بقية الدول، والصحيح أن الموسم السياحي السعودي قصير، والمستثمرون في البرامج والرحلات السياحية، يحاولون تعويض نفقاتهم طوال العام من خلاله، بخلاف أن ثقافة التعامل مع المجموعات السياحية ما زالت غير ناضجة، وتتم كمعاملة الشخص المفرد، سواء في أسعار التذاكر، أو في حجوزات الفنادق، ولا يعطونهم تخفيضات تصل إلى نصف قيمة التذكرة أو الإقامة، مثلما يجري في معظم دول العالم، وكلا الأمرين يحتاجان إلى مفاهمات بين وزارة السياحة وهيئة الطيران المدني، لضبط هذه الاجتهادات غير الموفقة، والاتفاق على آلية عمل واضحة؛ لأن رفع قيمة التذكرة والإقامة، يرفع قيمة البرنامج السياحي في الداخل، وقد يوصله في المتوسط إلى ثلاثة أضعاف قيمته، ومن الشواهد على ذلك: ارتفاعه من 7000 ريال أو 1867 دولاراً، إلى 25 ألف ريال والتي تعادل 6067 دولاراً، وهذا المثال يخص مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام، والمعاناة السابقة ليست وقفاً على المواطنين، وتشمل -بحسب العارفين- سياحاً مسلمين من أميركا وأوروبا ودول البلقان وآسيا الوسطى وتركيا، والواجب تحسين تجربة السياح والمسافرين فيها، خصوصاً أن عملاء الطيران السعودي سيرتفعون بمعدل ثلاثة أضعاف، أو من 100 مليون إلى 330 مليوناً في المستقبل القريب، والناقل الوطني كان في المرتبة (23) عام 2023، والمستهدف دخوله لقائمة أفضل خمسة خطوط طيران في العالم. يوجد في المملكة 240 طائرة موزعة بين الناقل الوطني (السعودية) وطيراني ناس وأديل، إذا أخرجنا الخيالة والخليجية وسما من المعادلة، باعتبارها مشاريع متوقفة أو أنها لم تنجح، والسابق أقل من المتوسطات العالمية، التي تفترض توفير ثماني طائرات ونصف الطائرة لكل مليون شخص، والمتوفر سعودياً ست طائرات لكل مليون شخص، والواجب زيادة الشركات إلى ست على أقل تقدير، على أن تكون اقتصادية في تكاليفها، وعدم احتكار خط سفر لصالح ناقل وحيد، لأن خطوط بعض الوجهات لا يعمل عليها إلا ناقل واحد، أو تتاح له فرص جدولة رحلات لا تقارن بمنافسيه، وهذا يخالف مبدأ المنافسة العادلة، ولعله السبب الأساسي للتلاعب في الأسعار ورفعها، وذكرت دراسة لمجموعة (أوليفر وايمن) في 2022، بأن قطاع الطيارين في منطقة الخليج العربي، سيواجه نقصاً في أعدادهم عام 2032، وبما يصل لثلاثة آلاف طيار من إجمالي ثمانين ألفاً، يمثلون العجز العالمي من الطيارين، ويحدث ذلك مع وجود طيارين سعوديين عاطلين عن العمل، وتوقف نسبة توطينهم عند 70 %. أسعار رحلات الطيران السعودي في الداخل والخارج عالية جداً، وتحديداً في المواسم والأعياد، وبعض المسؤولين يستخدم حجة الرحلات المباشرة والترانزيت في الطيران الدولي، وأن الأولى أعلى سعراً من الثانية، لأنه لا تؤدي إلى خسارة في وقت المسافر، وما سبق مقبول، ولكن المتعارف عليه هو أن لا يزيد الفارق على 15 %، والحاصل أنه قد يصل لأربعة أضعاف هذه النسبة، والمفروض أن يتم الاهتمام بالسائح المحلي كما الدولي، ولا يهمل طرف لمصلحة آخر، بجانب أن سعر تذكرة الذهاب والعودة من وإلى جدة في المواسم وعلى الدرجة الاقتصادية ربما وصل إلى 3400 ريال أو نحو 907 دولارات، بينما الحد الأدنى للأجور يبلغ 4000 ريال شهرياً أو 1067 دولاراً، ما يعني أن المتبقي 160 دولاراً، بافتراض سفر الشخص لوحده، ولا أتصور أنه كافٍ للإقامة والطعام بدون ترفيه.