تخيل صندوقًا سياديًا يدير تريليونات الريالات، لا يكتفي بالاستثمار محليًا، بل يوسّع نفوذه ليشمل الأسواق العالمية، ويصبح شريكًا أساسيًا في أكبر المشاريع الاقتصادية والتكنولوجية حول العالم، إنه صندوق الاستثمارات العامة (PIF)، الذي لم يعد مجرد ذراع استثماري للمملكة، بل أصبح محركًا رئيسيًا في إعادة رسم المشهد الاقتصادي العالمي. لم يكن النجاح الهائل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي وليد الصدفة، بل جاء نتيجة رؤية طموحة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي جعل من PIF حجر الزاوية في تحقيق رؤية السعودية 2030، من خلال نهج استثماري جريء، لم يكتف الصندوق بتنمية أصوله، بل أصبح لاعبًا رئيسيًا في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والسياحة. لكن الأهم من ذلك، أن تأثيره لم يقتصر على المملكة، بل امتد إلى الساحة العالمية، حيث أصبحت كبرى الدول والشركات تسعى لإبرام شراكات معه، بل وحتى استلهام نموذجه. محافظ الصندوق، الأستاذ ياسر الرميان، أكد في تصريحات حديثة: «نحن لا نطمح فقط لأن نكون الأكبر، بل أن نكون الأكثر تأثيرًا في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي من خلال استثمارات نوعية في قطاعات المستقبل.» هذه الرؤية تتجلى في استثمارات PIF الاستراتيجية التي لم تقتصر على قطاعات تقليدية، بل شملت الذكاء الاصطناعي، السيارات الكهربائية، الطاقة النظيفة، والترفيه السياحي، ما يعكس فلسفة جديدة في إدارة الثروات السيادية. يدرك الصندوق أن المستقبل يكمن في الابتكار والتكنولوجيا، ولهذا ضخ استثمارات ضخمة في شركات عالمية، مثل Lucid Motors، حيث استطاعت تطوير سيارة كهربائية تفوقت على جميع السيارات الكهربائية الأخرى من حيث مدى القيادة، كما استثمر في SoftBank Vision Fund، الذي يدعم الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وMagic Leap، الرائدة في تقنيات الواقع المعزز والافتراضي. هذه الاستثمارات ليست مجرد صفقات مالية، بل جزء من استراتيجية المملكة للتحول إلى مركز عالمي في التقنية والابتكار، وهو ما يعزز موقعها كمحرك أساسي في اقتصاد المستقبل. فيما يتعلق بالطاقة، لم يكتف الصندوق بالاستثمار في الوقود الأحفوري، بل تحول إلى قوة دافعة في مشاريع الطاقة المتجددة، من خلال استثمارات ضخمة في الطاقة الشمسية والرياح، كما يقود تطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر، وهو مصدر طاقة نظيف قد يغير قواعد اللعبة في قطاع الطاقة العالمي. أما في مجال البنية التحتية والسياحة، فقد ضخ الصندوق استثمارات ضخمة في مشاريع مثل نيوم، البحر الأحمر، والقدية، التي تُعد مشاريع نوعية تهدف إلى تحويل المملكة إلى وجهة استثمارية وسياحية عالمية. في عالم الاقتصاد والاستثمار، تُعتبر النماذج الناجحة مصدر إلهام للدول والشركات على حد سواء. وقد أصبح صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) مثالًا يُحتذى به عالميًا، بفضل استراتيجيته الطموحة ورؤيته المستقبلية. في خطوة لافتة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في فبراير 2025 أمرًا تنفيذيًا لإنشاء صندوق سيادي أمريكي، مستلهمًا من تجربة الصندوق السعودي، وقد صرّح ترمب قائلاً: «السعودية لديها صندوق سيادي كبير، وسنحاول اللحاق به.» هذه الخطوة تعكس مدى التأثير العالمي الذي حققه PIF، وكيف باتت المملكة العربية السعودية تُعيد تشكيل مشهد الاقتصاد العالمي، حتى في كبرى الدول المتقدمة. بينما تستمر المملكة في تنفيذ استراتيجياتها الطموحة، يبدو أن صندوق الاستثمارات العامة لن يظل مجرد لاعب رئيسي، بل سيصبح القوة التي تعيد رسم قواعد الاستثمار العالمي. فاليوم، لم يعد الصندوق مجرد أداة استثمارية، بل محرّكًا رئيسيًا للتحولات الاقتصادية، حيث يُعيد تعريف دور الصناديق السيادية في النمو الاقتصادي المستدام. إن النجاح الهائل الذي حققه PIF لم يكن ليحدث لولا رؤية قيادتنا الحكيمة، التي أدركت مبكرًا أن الاستثمار هو المفتاح الحقيقي لاقتصاد قوي ومستدام. ونرفع أسمى آيات الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي كان ولا يزال رمزًا للحكمة والقيادة الرشيدة، وداعمًا لمسيرة التحول الاقتصادي التي جعلت المملكة نموذجًا عالميًا في التنمية والاستثمار. كما نشيد بالرؤية الجريئة والطموحة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي استطاع أن يحوّل الأحلام إلى واقع، ويرسم ملامح مستقبلٍ اقتصاديّ أكثر قوةً وتأثيرًا. وفي ظل هذه الرؤية الاستثنائية، يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى سيغير صندوق الاستثمارات العامة مستقبل الاقتصاد العالمي؟.