تعلن الرحلة وصولها إلى مطار الملك خالد الدولي.. لأحمل حقيبتي متجهاً نحو بوابة الخروج بعد غياب لنحو خمسة أعوام.. نعم، عدت لوطني حاملاً بين طيات نفسي كمّاً مليئاً من الشوق، ممتلأ بالإيجابية، مشعاً بالأمل، مشبعاً بلهفة العطاء. ففي ميدان السباق يعدو الخيل أميالاً ليصل لشريط النهاية فإما أن ينال السبق أو عدمه، فلمست من ذلك التحول المتسارع في الجانب الثقافي والاجتماعي على الفرد خاصة والمجتمع بشكل عام. إن التغير الذي حول إطار المجتمع بعد عام 2020 يتبلور في قالب عملي بحت، فقد بات تركيز الفرد على ذاته، باحثاً عن كينونته، دائراً حول محور نفسه تطويراً ورسماً وتشكيلاً. والفرد هو ذلك الجزء من المجتمع فإن صلح صلح المجتمع بأسره، وكان نموذجاً صالحاً ومواطناً نافعاً لنفسه ودينه ووطنه. إن تركيز الإنسان على أهدافه مخططاً باتزان لحياته، مركزاً على مصالحه بلا ضرر ولا ضرار، مستفيداً من خبرات من سبقوه في ميدان الحياة سيصل إلى هام السحب لا محالة. فالتحول الثقافي والفكري القائم جعل بعض العادات والتقاليد مختلفة بما يتناسب مع معطيات العصر الحديث ومواكبة للنمو الاقتصادي ومجاراة للتقدم التقني ومنسجماً مع رؤية سيدي ولي العصر الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-. فقد أصبح مصطلح "عن بعد" أمراً مألوفاً في المجتمع سواء على الصعيد التعليمي أو الصحي أو العدلي أو المالي ونحو ذلك. فالتغير الذي بات ثقافة مجتمعية مليئة بالقبول والرضى من المجتمع سيكون عادات راسخة على مدى السنوات القادمة. وبالمثال يتضح المقام؛ إذ كان الحضور لتقديم واجب العزاء لأهل المتوفي أو المباركة للزواج أمراً في حكم الفرض، ولكن بعد جائحة كورونا أصبح الاكتفاء برسالة عبر برامج التواصل الاجتماعي كافية ورافعة للحرج. إن الحياة صارت في منتهى السهولة والمرونة الاجتماعية، وبات تركيز الإنسان على نفسه أكثر من التفاته لمن حوله أقارب كانوا أو بعيدين. فالتحول الثقافي في المجتمع أصبح ذا نطاق واسع جداً، سائراً نحو ثقافة مجتمعية ناجحة ومستدامة، ومعيداً البناء الفكري لمجتمع طموح بعيد عن التنقيص، محكماً رجاحة العقل بمنطق مختلف ومواكباً للتسارع الذي تشهده بلادنا، حاملاً تصميماً مختلفاً لمجتمع جمع بين الأصالة والحضارة وذلك هو "التحول الثقافي المستدام". سعيد رجاء الأحمري