واحد من المعارض الكبيرة التي أقامها الفنان عبدالله حماس قبل أسابيع في قاعة نايلا بالرياض يتواصل العرض وتتواصل الزيارات كما تتواصل الإثارة الفنية. الإثارة التي يحققها الفنان باقتداره التعامل مع الأبيض والأسود وعلى مساحات كبيرة يحكم السيطرة على أركانها وجوانبها والحفاظ على أسلوبه الفني وعناصره الأثيرية التي طالما غمرت أعماله منذ عقود. تنقسم أعمال المعرض إلى صيغتين وربما أكثر وملامس متنوعة، الصيغة الأولى هي تكويناته التي عرفناها وعرفها متابعو أعماله عندما يستعير وحدات من المعمار أو الشخوص أو الحيوانات أو النباتات والأشجار وهي الصيغة الأكثر تأكيداً على شخصية الفنان والتي انطلق منها منذ سبعينات القرن الماضي، أما الصيغة الثانية فهي توجهه التعبيري (الآني) الذي يكتفي فيه بمعطيات اللون وانزياحاته فالعملية هنا أكثر حرية وطلاقة والنتيجة أيضاً أكثر مفاجأة وإثارة لعلها من خلال دفقات اللون أو حركة الرول أو بعض ما يحقق الملامس وتنوع الأسطح القائمة على معالجة يستخدم لها الفنان أكثر من أداة، ومعها قد لا تستصعب عليه درجات لعلنا نلمس مثل ذلك في عمله زحمة الرياض وهي استعارة يوحي بها العمل على نحو مباشر وموفق، وما بين الأبيض والأسود من الرماديات التي تفتح تارة وتغمق تارة أخرى كما لا يتردد في إضافة إشارات تبدو مثل ضربات فرشاة عريضة مشغولة بخط من الأبيض أو رمادي يكسر رتابة المساحة أو الشكل المكرر. عودة حماس إلى عناصره الأثيرية هو تأكيد على الشخصية الفنية التي تعيدنا إلى فضاءات أبها مدينة الفنان التي يستوحي منها غالبًا أفكاره ومواضيع أعماله، هي البيئة الغنية بالمعطيات البصرية التي تتمثل غالباً في الحياة الزراعية وسفوح الجبال وحياة الناس البسيطة في منازلهم أو مزارعهم والتأكيد على ملبوساتهم التقليدية كالقبعة مثلاً أو الأزياء النسائية. تختفي الألوان من اللوحة وهي التي تملؤها حيوية وإبهاراً لكننا أيضاً أمام أداء وحلول أصعب عندما يغمر مساحاته بالرماديات، وما بين الأبيض والأسود درجات سعى إلى توظيفها وتحقيق فكرته من خلالها تقوم بعض الأعمال على اختزالات يكتفي فيها بعلامات بينها المثلث والبيضاوي أو شبه الدائري أو الشكل الهندسي. الأعمال محكومة بالجرأة. وأعمال بمثل تلك المساحات والأداء الفني بدت محكومة بالخبرة، خبرة تعود إلى ثمانينات القرن الماضي عندما أقام معرضاً للجداريات في المركز السعودي للفنون الجميلة بجدة. حاول التقرب في بعض الأعمال للون فظهر الأحمر في بعض جنبات بعض الأعمال وهو ظهور ربما أراد به الفنان كسر شيء من أجواء الأبيض والأسود وما بينهما كما ظهرت بعض الأشكال المكررة وأيضاً الضربات التي توحي ببعض المرجعيات أو المخزون البصري والمعرفي. أعمال أخرى قليلة ظهرت فيها بعض الاإيماءات اللونية الخفية التي تتوارى خلف الأسود بهيمنته. معرض ممتلئ بالجهد والأعمال التي أرادها مختلفة وبعيدة عن صرخات ألوانه الأثيرية وقد سماه (الأربعون الفنية) بمعنى أنه المعرض رقم أربعين في سلسلة عروضه الشخصية. معرض يؤكد اسم عبدالله حماس وتميزه محلياً وعربياً. جانب من أعمال الفنان عبدالله حماس عبدالرحمن السليمان