خطت بلادنا منذ بدايات التأسيس على توطين الصناعات، والاهتمام في نشر المصانع والإسهام في ذلك بشكل مباشر، ففي مستهل شهر محرم 1346ه أصدر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة، وأنشئت تلك الدار بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة، وتمت عمارتها في نحو الستة الأشهر الأولى من عام 1346ه، فكانت هذه الدار أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بالحجاز، وكان هذا المصنع أول مصنع يتم إنشاؤه في البلاد، ثم بدأت الصناعة في المملكة مع توالي الاكتشافات البترولية في ثلاثينات القرن العشرين الميلادي، وتأسيس شركة أرامكو، وكانت قبل ذلك مقتصرة على الحرف التقليدية والصناعات اليدوية، وفي العام 1962م تأسست المؤسسة العامة للبترول والمعادن -بترومين- لتتولى كل ما يتعلق بالصناعة في المملكة باستثناء أعمال أرامكو، واستمرت كذلك حتى عام 1975م حيث تسلمت وزارة الصناعة والكهرباء الجديدة المشاريع الصناعية البتروكيماوية والمعدنية، فيما احتفظت بترومين بمشاريع المصافي، وشهدت الأعوام 1974 و1975 و1976م ثلاثة إنشاءات صناعية مهمة، وهي على التوالي: صندوق التنمية الصناعي، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وشركة سابك التي تولت المشروعات الصناعية الضخمة، ولاحقاً أصبحت من الشركات الرائدة في صناعة البتروكيماويات، وفي العام 1997م تأسست شركة معادن التي تولت بناء قطاع التعدين، وفي 2005م أُعلن عن حل مؤسسة بترومين وضمها إلى أرامكو السعودية، التي جرى تأميمها بأمر الملك فيصل -رحمه الله- وسعودتها بالكامل 1988م، ومع بداية الألفية الثالثة أنشأت المملكة هيئة المدن الصناعية عام 2001م التي كرّست جهودها المتواصلة للمساهمة في التنمية الاقتصادية بالمملكة، من خلال تطوير وتمكين مدن المستقبل، وسعت إلى تطوير الأراضي والمدن الصناعية والبنى التحتية المتكاملة، وتوفير بيئة متطورة ومحفزة للاستثمار بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، ومع انطلاق رؤية السعودية 2030، التي اعتمدت الصناعة خيارًا استراتيجيًا لإثراء هياكل الاقتصاد الوطني، وجعل المملكة قوة صناعية رائدة، ومنصة لوجستية عالمية، وصولًا إلى ترسيخ أركان التنمية المستدامة، وأصبحت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية -مدن- إحدى الجهات الرئيسة لتحقيق التطلعات الوطنية المنشودة، حيث تشرف اليوم على 37 مدينة صناعية في جميع أنحاء المملكة، تضم أكثر من 6.443 مصنعًا، وأكثر من 7.900 عقد صناعي واستثماري ولوجستي، ومساحات مطورة تتخطى 209 ملايين م2، بقيمة استثمارية تتجاوز 415 مليار ريال بنهاية العام المالي 2023م. رافد أساسي وتُعد الصناعة رافداً أساسياً من روافد التنمية الاقتصادية لكل دولة، لذا تعلق الدول آمالاً عريضة على نهضة الصناعة وتوطينها من أجل ضمان الازدهار الاقتصادي، فتنمية القطاع الصناعي تسهم في زيادة الدخل الوطني، وبه يتحقق الاكتفاء الذاتي، وتُعد الصناعة دعامة أساسية من دعائم التطور الاقتصادي للدول، وتتميّزُ الصّناعة بدورها الإيجابيّ والمُؤثّر في البيئة الاقتصاديّة، الإقليميّة والدولية، حيث تُساهم في دفع عملية التنمية في جميع الدول، كما تساهم في تطوّر المستوى المعيشيّ للأفراد، ويدل تطورها على التقدم، وفى الاقتصاد تعني الصناعة ذلك النشاط البشري الذي يترتب عليه تغيير شكل المواد الخام، أو طبيعتها بمختلف أنواعها، أو بتغييرها جزئياً، لتصبح مواداً خاماً لبعض الصناعات الأخرى، كما تساهم الصناعة في تطوير كثير من القطاعات الأخرى عن طريق المنتجات التي تقدمها لخدمة هذه القطاعات مثل قطاعات الزراعة، والتجارة، والنقل، والتعليم، والسياحة وغيرها، وكذلك فإن الصناعة تعمل على توفير الكثير من فرص العمل، ما يؤدى إلى حل مشكلات البطالة والفقر ورفع مستوى المعيشة للمواطنين. كسوة الكعبة وخطت بلادنا منذ بدايات التأسيس على توطين الصناعات، والاهتمام في نشر المصانع والإسهام في ذلك بشكل مباشر، ففي مستهل شهر محرم 1346ه أصدر الملك عبد العزيز -رحمه الله- أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة، وأنشأت تلك الدار بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة، وتمت عمارتها في نحو الستة الأشهر الأولى من عام 1346ه، فكانت هذه الدار أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بالحجاز، وكان هذا المصنع أول مصنع يتم إنشاؤه في البلاد، وبعد هذا التاريخ استمر العمل على افتتاح المصانع تباعاً، وساهم صندوق التنمية الصناعية السعودي الذي تأسس عام 1394ه كمؤسسة مالية حكومية في تحقيق أهداف وسياسات وبرامج التنمية الصناعية بالمملكة الموجهة لدعم القطاع الخاص في المجالات الصناعية المختلفة، وتمويل ودعم وتنمية القطاع الصناعي، وبرأسمال مبدئي قدره خمسمائة مليون ريال، تم رفعه تدريجياً حتى وصل إلى 105 مليارات ريال في عام 2019م. مدينة أولى وتعود نشأة المدن الصناعية في المملكة إلى سبعينات القرن الماضي، إذ تم تدشين المدينة الصناعية الأولى بجدة عام 1971م على مساحة 12 مليون م2 وهي مطوّرة بالكامل وتضم 1,059 عقداً صناعياً وخدمياً بين منتج وقائم وتحت الإنشاء والتأسيس، فيما دُشنت المدينة الصناعية الثانية بجدة عام 2009م على مساحة ثمانية ملايين م2 -مطورة بالكامل- وتحتضن 275 عقداً صناعياً وخدمياً بين منتج وقائم وتحت الإنشاء والتأسيس، وفيما يخص المدينة الصناعية الثالثة بجدة، فقد تم تدشينها خلال العام 2012م على مساحة 80 مليون م2 منها 24 مليون م2 مطوّرة، وتشمل 539 عقداً صناعياً وخدمياً بين منتج وقائم وتحت الإنشاء والتأسيس، فيما دشنت واحة مدن بجدة عام 2015م على مساحة 5 ملايين م2، طوّر منها 2,5 مليون م2، ومن ثم تم مع إنشاء مدن صناعية في الرياضوالدمام، وفي عام 1405ه/1985م، ارتفع عدد المدن الصناعية إلى تسع مدن، ثم ازداد عددها إلى 12 مدينة في 1413ه/1993م، وإلى 14 مدينة في 1425ه/2004م، وفي 1428ه/2007م، بلغت مساحة الأراضي المطورة 40.5 مليون م2، وفي 1431ه/2010م، وبلغ عدد المدن الصناعية 21 مدينة، وبلغت المساحات المطورة نحو 123 مليون م2، وارتفع عددها في عام 1434ه/2013م، إلى 32 مدينة بمساحة 163 مليون م2، وفي 1437ه/2016م، ووصل عدد المدن الصناعية إلى 35 مدينة، بمساحة قدرها 191 مليون م2، وفي 1439ه/2018م، وأطلقت «مدن» استراتيجية تتناغم مع تطوير الصناعة الوطنية وتهدف إلى تمكينها وتلبية احتياجاتها. خطط طموحة وشهد عام 1440ه، جذب استثمارات نوعية وإطلاق برنامج الإنتاجية الوطني، وفي 1441ه عززت «مدن» منظومة التحول الرقمي وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، ونجحت منذ تأسيسها في تطوير ما يزيد على 215 مليون متر مربع، وعملت على تنفيذ منظومة بنية تحتية متكاملة، لتشرف اليوم على 37 مدينة صناعية بينها ست واحات صناعية حول المملكة تضم ما يزيد على 6,800 منشأة صناعية تعزز القطاع الصناعي وتسهم في مضاعفة الصادرات الوطنية. ووقّعت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية -مدن- 23 عقدًا مع القطاع الخاص بقيمة تتجاوز 1,75 مليار ريال، لتطوير واستكمال مشروعات بنى تحتية وفوقية في عدد من المدن الصناعية، ويأتي ذلك وفق خطط التطوير الطموحة التي أطلقتها «مدن» خلال عام 2024 لتطوير بيئة الاستثمار بالمدن الصناعية بالشراكة مع القطاعين العام والخاص تماشيًا مع مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للصناعة ورؤية المملكة 2030، إذ تسهم المشروعات الجديدة في تسهيل الأعمال، وتقليل الأعباء التشغيلية على المستثمرين، وفتح آفاق جديدة للابتكار الصناعي، بما يعزز الاستدامة التنموية، وتطوير القدرات الإنتاجية بالقطاع الصناعي. بنية تحتية وتشمل العقود تطوير مساحات بنية تحتية من بينها مشروع تطوير البنية التحتية بالمدينة الصناعية بالمدينةالمنورة، وتطوير واحة مدن بالأحساء وربطها بالطرق الخارجية، وتنفيذ الطريق الرابط بين المدينة الصناعية بعسير والطريق الرئيس بطول 4,5 كيلو مترات، وتأهيل الطريق الرابط بمدينة سدير للصناعة والأعمال بطول 10 كيلو مترات، وتطوير شبكات البنية التحتية للمدينة الصناعية الثالثة في الدمام بالمرحلة الثانية، وتضمنت العقود أيضاً إنشاء 171 مصنعًا جاهزًا بمساحة 900 متر مربع للمصنع الواحد في المدن الصناعية بالدمام، وجدة، والخرج، وسدير إلى جانب مشروع تنفيذ 76 مصنعًا جاهزًا في التجمع الغذائي بجدة، كما أنهت «مدن» عام 2024 خطط تطويرية رائدة كان لها الأثر الكبير في دفع عجلة التنمية الصناعية، من بينها إطلاق أكبر تجمع غذائي من نوعه على مساحة تتجاوز 11 مليون متر مربع في جدة، وتوقيع مذكرتي تفاهم مع شركة الخطوط الحديدية السعودية -سار- لربط المنطقة اللوجستية بالمدينة الصناعية الثانية بالدمام بشبكة الخطوط الحديدية، وإنشاء محطة ركاب في سدير، إلى جانب توقيع مشاريع مليارية مع القطاع الخاص لتنفيذ منتجات المصانع الجاهزة، وتطوير الأرضي الصناعية وخدمات البنية التحتية. الصناعة مورد ينعش اقتصاد الوطن ركن في أحد المعارض بعنوان صناعة سعودية نجاح في منظومات الإنتاج والتشغيل الصناعة في المملكة تطوير وتوسع مستمر إعداد: حمود الضويحي