في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات الهجرية، كانت رحلات من الرياض إلى شاطئ نصف القمر "الهافمون" في المنطقة الشرقية تجربة مميزة تمتاز بالبساطة والمرح ينتظرها الشباب والصغار لما تحتوي من عناصر مشوقة لأعضاء الرحلات. كانت التحضيرات تبدأ قبل الرحلة بأسبوع أو أكثر، حيث يجتمع الأصدقاء أو العائلة لتنسيق المستلزمات، الجميع يتشارك في الإعداد، فمنهم من يجلب الخيمة، وآخر يحضر أدوات الطبخ مثل العزبة والقدور، فيما يتولى البعض الآخر شراء الطعام والمكسرات من البقالات في محطات الوقود، إذ كانت الخبر تُعتبر بعيدة نسبياً ولم تكن توفر الكثير من الخيارات كما هو الحال اليوم، لم تقتصر الرحلة على شاطئ نصف القمر «الهاف مون» وحده، بل كان الزوار أحياناً يغيرون الأجواء بالمشي أو التوجه إلى كورنيش الخبر، الذي كان بسيطاً وجميلاً آنذاك، كما أن شقق الإقامة كانت محدودة جداً، ومن أبرزها شقق تسمى "العييري" التي بدأت تستقطب الزوار ببساطتها، على الشاطئ، كانت الأجواء مليئة بالنشاط والحيوية، كان الشباب يتوزعون بين السباحة والطهي واللعب على الرمال، بينما كانت العوائل تقسم خيامها إلى واحدة للرجال وأخرى للنساء، أما الطعام، فكان بسيطاً لكنه لذيذ، حيث كان الكيك الجاهز والمكسرات والحلوى البحرينية من أشهر المأكولات التي تُجلب للرحلة، لم تكن الفطائر شائعة كما هي الآن، لكن البساطة في الطعام كانت جزءاً من متعة الرحلة، مع مرور الوقت، بدأت الدراجات النارية (الدبابات) تظهر في الهافمون، مما أضاف متعة إضافية للزوار، وعلى الرغم من أنها كانت محدودة في البداية، إلا أنها أصبحت نشاطاً ترفيهياً ممتعاً للكثيرين، وما زاد الرحلات متعة هو روح التعاون بين الزوار، حيث كان من المعتاد أن يطلب أحدهم بعض المستلزمات التي نسيتها أو انتهت أثناء الرحلة، مثل الطماطم أو الكبريت أو البصل، من الخيمة المجاورة، حتى لو لم يعرف أصحابها، مما أضفى جواً من الألفة والمحبة، كانت دورات المياه المزودة بمراوش تُعتبر من المرافق المميزة على الشاطئ، حيث توفر راحة إضافية بعد السباحة أو قبل النوم، وكانت السهرات الليلية على الشاطئ لحظات ساحرة، حيث تُعلق عقود اللمبات بين الخيام ومزود الكهرباء «ماطور» صحيح مزعج لكن كان من ضروريات الرحلة، ويتجمع الجميع حول النار للسمر والحديث وتبادل الضحكات، في حين كان النوم غالباً يتم في الصباح بعد ليلة طويلة من الأنس. رحلات شاطئ نصف القمر "الهاف مون" في تلك الفترة كانت نموذجاً للبساطة والمرح والاستجمام عند قاصديه كانت تجربة تجمع بين الألفة والتعاون والمتعة، وتُضفي على حياة الجميع ذكريات لا تُنسى، ومع تطور المنطقة وزيادة المرافق والخدمات، تبقى ذكريات تلك الأيام شاهدة على زمن جميل مليء بالروح والحميمية. عبدالعزيز بن سليمان الحسين