انعكس اتساع رقعة أرض المملكة العربية السعودية بمناطقها ومحافظاتها على تنوع وغِنى تراثها الثقافي، بما فيه من صناعات وحِرف يدوية ظهرت منذ القدم عبر استخدام الموارد المتاحة لصناعة أدوات تلبي احتياجات الانسان، بدءاً من صيد الفرائس وتوفير الغذاء والحماية، مروراً بحِرف أخرى بَنَت المنازل ونسجت وحاكت الملابس وصنعت العديد من الأدوات التي ساهمت في التطور الحضاري للمجتمعات بمختلف مواقعها الجغرافية. وشكلت الحِرف اليدوية هوية ثقافية لمختلف مناطق المملكة الثلاث عشرة، من خلال حِرفيين وحِرفيات توارثوا صنعتهم من الآباء والأجداد، لينقلوها بدورهم للأبناء والأحفاد حتى مع النقلة الهائلة في نمط حياة أبناء المملكة في العقود الأخيرة، والتي أظهرت صبغة المدينة الحديثة ونهضتها وازدهارها في مختلف المجالات بما فيها التعليمي والصحي والإداري والتجاري والصناعي، وهو ما تسبب في تراجع كبير للمهن والحِرف اليدوية التقليدية بعد أن اتجه أبناء الحرفيين إلى المهن الحديثة، واستبدال المجتمع للمنتجات التقليدية بأخرى تم صناعتها وإنتاجها عبر المصانع المتطورة ذات التقنيات الحديثة، فيما لم يعد يمتهن الصناعات الحرفية التقليدية إلا أعداد محدودة من الناس. وهو ما دفع وزارة الثقافة لإطلاق وسم «عام الحرف اليدوية 2025» ضمن مبادرتها السنوية في وسم الأعوام بأسماء وعناصر تشكل هوية ثقافية سعودية، للتعريف بها وبقيمتها ودلالاتها الثقافية، حيث يركز «عام الحِرف اليدوية 2025» على ترسيخ هذه المهن محلياً وعالمياً بوصفها تراثاً ثقافياً وركيزة من ركائز الهوية السعودية، فيما تعمل فعاليات وأنشطة المبادرة على تمكين الحِرفيين السعوديين ودعم إنتاجهم، واستثمار الفرص المساهمة في تعزيز الصناعات الوطنية وتنويع الاقتصاد الثقافي، إضافة للتوعية بأهمية وقيمة المهن الحِرفية التي تعتمد على الأيدي الماهرة، عبر تسليط الضوء على أنواع ومجالات الحِرف في مختلف مناطق المملكة. وكان آخر تقرير للحالة الثقافية الصادر من وزارة الثقافة قد رصد عدداً من الممارسين والممارسات للحِرف التقليدية بالمملكة، حيث بلغ عددهم في عام 2023م قرابة 2014 حِرفياً وحرفية، يعملون في عشرةِ مجالات مختلفة، سجّلت فيها الإناث تفوقاً عددياً بواقع 1482 حِرفية في كافة المجالات، ما عدا مجالين تفوق فيهما الذكور وهما المشغولات الخشبية، والمشغولات المعدنية اليدوية، وكذلك تفوقت الإناث المشاركات بحسب المناطق في جميع المجالات ما عدا منطقتي القصيموالباحة. وتنقسم الحِرف اليدوية في المملكة إلى عشرة مجالات هي: والمشغولات النخيلية، والبناء التقليدي، والمشغولات المعدنية، والمشغولات الفخارية، والمشغولات الجلدية، والمشغولات الخشبية، والمشغولات النسيجية، ومشغولات الحلي والمجوهرات، والتجليد والتذهيب، والمشغولات المطرزة. وتشتهر كل منطقة من مناطق المملكة بمجموعة من المنتجات التقليدية، حيث برعت منطقة الرياض في البناء التقليدي بالطين والتجصيص، إضافة للمشغولات الجلدية «دباغة الجلود»، والمشغولات النخيلية «الخوصيات»، والمشغولات النسيجية، والخشبية، وبرز في منطقة الجوف المشغولات النسيجية ومنها «السدو»، إضافة للمشغولات المطرزة، والخشبية، والنخيلية، وصناعة الصابون، وكذلك تشتهر منطقة الحدود الشمالية بمنتجات السدو والمشغولات المطرزة، بينما يضاف لمنطقة تبوك منتجات حلي المجوهرات، والبناء التقليدي، والنحت، والمشغولات النخيلية، إضافة للمنسوجات كالسدو والسجاد وغزل الصوف والشعر. وفي منطقة حائل تبرز المشغولات النسيجية «السدو»، والمشغولات النخيلية «الخوصيات»، والمشغولات الفخارية «الأواني»، والمشغولات الخشبية «المباخر»، إضافة لدباغة الجلود. ولموقعها على الساحل برز في المنطقة الشرقية حرفة المشغولات الخشبية وصناعة السفن والنجارة، وغزل شباك الصيد، إضافة للمشغولات النخيلية «الخوصيات والأقفاص»، وصناعة الصابون، والخط العربي، والمشغولات الفخارية، والمشغولات الجلدية، والنسيجية، والمعدنية «النحاس». وعُرفت منطقة المدينةالمنورة بالمشغولات الفخارية، والخوصيات، والسدو وصناعة العقّل، والحلي والمجوهرات، والمشغولات الخشبية وصناعة الرواشين والقوارب، إضافة لصناعة الآلات الموسيقية. واشتهرت منطقة القصيم بالبناء التقليدي بالطين، والمشغولات الجلدية، والنخيلية، والنسيجية، والخشبية، وصناعة الحلي والمجوهرات، والمشغولات المطرزة، أما منطقة مكةالمكرمة فتميزت بمشغولات النسيج، والمشغولات النخيلية، وصناعة الحلي والمجوهرات «السبح»، والخط العربي، والمشغولات الفخارية، والبناء التقليدي «الزخرفة»، والمشغولات الخشبية، والمشغولات المطرزة «كسوة الكعبة»، وتقطير الورد الطائفي، والمشغولات الجلدية. وتميزت منطقة الباحة بالبناء التقليدي «البناء بالحجر»، واستخراج القطران، والمشغولات النخيلية، والخشبية «النجارة»، وصناعة المشاعيب، والمشغولات المطرزة، والحلي والمجوهرات «الفضيات»، والمشغولات المعدنية، والمشغولات الفخارية، والسدو، وصناعة الجبة. فيما اشتهرت منطقة عسير بالبناء التقليدي بالحجر، والقط العسيري، والمشغولات المطرزة «الثوب العسيري»، والمشغولات النخيلية، والمشغولات المعدنية «الجنبية والسيف»، والنباتات العطرية. وعُرفت منطقة نجران بالمشغولات المعدنية «الخناجر والجنابي»، والمشغولات الفخارية، وحِرف المشغولات الخشبية، والنسيجية، والجلدية، بينما منطقة جازان فتميزت بالمشغولات النسيجية «الطواقي»، والمشغولات النخيلية «فتل الحبل»، والصناعات البحرية، والمشغولات المطرزة، والمشغولات المعدنية «الجنابي والسيوف والسكاكين»، والمشغولات الجلدية، والنباتات العطرية، والمشغولات الخشبية «القوارب».