إنَّ استضافة المملكة لكأس العالم 2034 هو أكثر من حدث رياضي بالمنظور الحصري، وهو بالتأكيد لحظة تاريخية تعد مرتكزاً شاملاً لتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية على الساحة العالمية في مختلف الميادين والأصعدة وبأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية متجاوزة حدود الاستضافة الرياضية وهي تتويج لجهود وخطط طموحة بدأت منذ إطلاق رؤية المملكة من خلال ملامحها المتمثلة بمستهدفاتها على طريق تحقيق الإنجازات. إذا أردنا الحديث عن الأهمية الاقتصادية؛ فالحدث يعد فرصة اقتصادية متكاملة تساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، وتنويع مصادر الدخل من خلال المساهمة المتوقعة في الاقتصاد والاستثمارات الأجنبية والدورة الاقتصادية المرتبطة بالقطاعات والإنفاق المرتبط بها بالإضافة إلى الأثر المرتبط بالبنية التحتية الرياضية والسياحية والملاعب والنقل والمرافق الفندقية المتطورة. كما لا نغفل تأثير الحراك الاقتصادي على عملية خلق فرص وظيفية في مختلف القطاعات كالبناء والتشييد واللوجستيات والفندقي والخدمي، والتي ستكون دائمة وموسمية وبلاشك التجربة ستكون فرصاً لأثر معرفي من خلال التجربة، وخصوصاً أنها تترافق أو تسبق بأحداث عالمية استطاعت المملكة أن تسجل فيه السبق التنظيمي والمعرفي من خلال بعض الأحداث العالمية المحددة على سبيل المثال إكسبو 2030 أو ليب أو ستي سكيب أو بلاك هات حتى بدأنا نلمس أثر حراكها على مختلف الميادين. ويبقى دائما الاقتصاد الحقيقي مرتبط بالقطاع الخاص؛ لذلك إنَّ الاستضافة ستكون محفزاً للقطاع الخاص وشركاته التي بدأت الآن بصياغة خططها على أساس التخطيط للاستضافة من خلال معالم المشاريع التي يتم الإعلان عنها تباعاً وقد لاحظنا الإعلان عن الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم والتي ضمت هيكل الحكومة كاملاً مع صندوق الاستثمارات العامة برئاسة سمو ولي العهد ونحن نتوقع أن تؤسس هذه الهيئة لقناة تواصل مباشرة لاستقطاب الشركات الرائدة في القطاع الخاص وتحفيزها على العمل والاستثمار. بلاشك إنَّ الشعور الوطني بعد الإعلان عن نجاح ملفنا الوطني جعل الجميع في حالة رضا وفخر وانتماء لهذا الوطن الذي يسير على الطريق الصحيح، وهو حافز لجميع الأجيال التي أصبحت تعد نفسها جزءا من جيل الرؤية، وسنرى حول ذلك مبادرات مجتمعية تجعل الشباب منخرط لتحقيق المستهدفات وخصوصاً أن هدف التطوع هو أساس وركيزة من مستهدفات 2030 وهو ما تم تجاوزه في عام 2024 عندما وصلت المملكة إلى 11% من التطوع الاحترافي مقارنة ب5% عالمياً. كل ذلك بالإضافة إلى تعزيز ممارسة الرياضة التي سوف تخلق جيلا صحيا ورياضيا ممكنا للمواهب الوطنية مدعوما بجودة حياة معتمدة على الأسلوب الصحي أو النمط الرياضي بالإضافة إلى الحراك الثقافي الذي يفتح المجال إلى تعزيز الانفتاح الحضاري والثقافي على تراث المملكة وفتح المجال أمامه للوصول إلى مستواه العالمية وخصوصاً أننا لمسنا خلال السنوات الماضية تسجيل الكثير من المناطق السياحية أو التراثية كمواقع عالمية رائدة في منظمة السياحة العالمية. بالتأكيد إنَّ تنظيم واستضافة كأس العالم 2034 سيكون سبيلا وممهدا وداعما يتماشى مع المبادرات التي تقودها المملكة في مجال حماية البيئة والكوكب كمبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر ونحن نشهد كل يوم عن استثمارات تعلن عنها المملكة في مجال التقنيات الصديقة للبيئة والاستثمار في الطاقة النظيفة. لن ننسى ختاماً أنَّ هذه الرحلة قد لا تكون خالية من التحديات لكنه دائما المستحيل ليس سعودياً فقد نشهد تحديات على مستوى جهوزية البنية التحتية المجربة لمثل هذا الحدث والقادرة على استيعاب أو تغطية الطاقة الاستيعابية مع المحافظة على جهود الاستدامة المتمثلة في الحفاظ على البيئة دون تأثير بيئي، وأعتقد أنَّ المواءمة المرنة بين القطاعات ستكون تحديا يمكن التغلب عليه من أجل بناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارا. كامل التبريكات لمملكتنا الحبيبة ولقيادتنا في استحقاق تنظيم كأس العالم.