تنفرد الدرعية بسحر غريب، يأسر قلب زائرها في أي وقت، فما بالك إذا كان ذلك في الصباح الباكر، بجميع ما فيه من بهاء وحسن وإيجابية، وأروع من ذلك أن تكون في رحاب الثقافة والتاريخ والتنمية، والأروع أن يكون ملتقى الدرعية هو الحدث الإقليمي والعالمي المهم، ليصبح بكل ما فيه من مقومات صرحاً تاريخياً وثقافياً، يعزز الحراك التاريخي والثقافي ويحفز الإبداع، استكمالاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله-، في بناء الإنسان، وتجيء الثقافة في أوائل هذه الرؤية. "ملتقى الدرعية 2024" الذي اختتم نشاطه مؤخراً قدَّم الموروثات الأثرية والمعمارية والبيئية والثقافية والتاريخية على جميع أنواعها، ترجع بالناس إلى العصر الجميل، حيث جاءت من أبجديات انتعاش الحياة وركناً ركيناً من أسلوب حياة ثبتت في المجتمع قيماً لا يمكن الاستغناء عنها. إن تناول التراث المادي للتجارة في الدرعية وتناول التراث غير المادي وتناول التراث النصي في حد ذاته يمثل خطوة عظيمة وفريدة ومميزة، تعكس الرغبة في تقديم ثقافة المملكة ومجتمعها بطرق تخدم المرحلة الجديدة من الوعي التاريخي والإرادة السياسية، ما يسهم في تعزيز هوية المملكة وتوفير مساحات للانتماء الوطني والتفاعل الاجتماعي والاقتصادي. "ملتقى الدرعية" تأتي ضمن مبادرات تجمع العلماء والمختصين والأكاديميين والباحثين المحليين والدوليين في بيئة رائعة ترمي إلى التفاعل وتبادل الأفكار والمعارف، والإسهام في بناء صورة ذهنية متجددة تُعزز الشعور بالرضا والفخر بما تحوزه من قوى ناعمة تصل إلى الأجيال بشكل انسيابي وسهل، وتعمق الارتباط بين الزمن القديم والزمن الحديث، وتعكس رؤية المملكة 2030 عموماً باعتبارها رؤية الثقافة والإنسانية والرقي. نقف بكل تقدير ومودة عند ملتقى الدرعية الدولي 2024 باعتباره مشروعاً ثقافياً رائداً لا يتكرر كثيراً، يعمل على توثيق الماضي وتسليط الضوء على دور الدرعية في رسم ملامح الحاضر واستشراف المستقبل وربط الأجيال الشابة بجذورهم وحفظهم لإرث حي وممتد، ملتقى انتصر لأدبيات ألبست الروح مسرّة وبهجة، ونال إعجاب الحس والسمع والنظر. عبدالكريم بن دهام الدهام